آن الأوان للديناصورات البشرية أن ترحل

mainThumb

22-03-2013 03:37 PM

في تصريحات الملك الصادمة كما سمّاها البعض ، صال وجال الاعلام الأردني بأقلام بعض كتابها في تخفيف وقعها على الشعب الأردني وتجميل مضمونها ،وكعادته مازال البعض يصرّ على أن لغة الخطاب الاعلامي الغربي يجب أن تختلف عن لغة الخطاب المحلي ، وتناسوا أن العالم أصبح قرية واحدة ، وان الإعلام أصبح كوني ، وأن الصحفي المهني هو الذي لم يدجّن داخل حضائر المسموح والممنوع ، فواجبه نشر الحقائق كما هي ، وكم كان الاعلام المحلي كما النخب السياسيه بحاجة الى جرعة صادمه ليتخلّى عن ثوبه القديم الذي نسج  بثوب الرياء والنفاق والخوف من غضب المسئول !  

 

لن أتناول في مقالي هذا تصريحات الملك التي أدلى بها لمجلة (أتلانتيك) الأميركية بخصوص الخارج ، لكنني سوف أتناول التصريحات الموجه للداخل الاردني ، والتي لم يلتقطها البعض في ظل زخات من التحليلات بدأت تنهمر على عقول الشعب الاردني كالمطر بالنفي والإنكار وأحيانا الاستنكار!!

 

هاهو الملك يدلي بتصريح واضح وصريح ويعلنها على الملاّ في مقابلته مع وكالة أسوشيتد، فقال : بأنه كتب فصلا جديدا في تاريخنا، وأنا لا أكتبه لوحدي، بل يشاركني في كتابته الشعب، وممثلوه، والقوى السياسية، والمجتمع المدني 

 

تصريحات الملك هذه لم تكن مفاجئة للذين تابعوا منذ البدايات عندما أعلن الملك أن هناك قوى شد عكسي تقف عائقا في مسيرة الاصلاح ، وكان قد اشار لها في أكثر من مناسبة ، وهذه القوى التي كنا نطلق عليها قوى الظلام والفساد التي تحكم في الخفاء ، والتي تجذّرت عميقا داخل مؤسسات النظام ، هذه القوى كانت عائقا أمام فتح ملفات الفساد ، وظهر دورها جليّا من خلال سيطرتها على مجلس النواب السابق ( السادس عشر) ، الذي قدّم صكوك البراءة لملفات فساد كبرى ، كملف موارد وملف الفوسفات ، وملف سكن كريم لعيش كريم وغيرها والتي لطالما طالب الشعب الاردني بفتح ملفاتها وتقديم أصحابها للقضاء ، مجلس النواب السابق أراد إغلاق ملفات الفساد لأنها، بصريح العبارة قد تطال البعض منهم وممن هم في مواقع مهمة في مؤسسات الحكم .

 

 وأمام رفض الشارع الأردني للإصلاحات الشكلية بما  يتعلق بملفي الفساد والإصلاح السياسي ، كان لا بد من رسالة واضحة وصريحة لرموز الفساد وخصوصا الحرس القديم ، الذين تغلغلوا عميقا في هيكل الدولة الأردنية ، وأشار لهم الملك بتصريحاته في لقائه مع الصحفي //بالديناصورات// ، فبعض زعماء العشائر ، وحتى بعض زعماء عائلات أردنيه من أصول فلسطينيه تورطوا في الفساد المالي والسياسي وهذه الرموز تمت صناعتها من قبل النظام ، وهو الذي احتضنها ودللها وقام بشراء ولائها بالأموال وبالهدايا والأعطيات ، وبأيدي هؤلاء تم قتل الأردن الهوية والمؤسسات  ، فامتلكوا المليارات ومئات الملايين ومازالوا ينظّرون علينا بشعار الوطنية التي استخدموها غطاء لتغطية جرائمهم بحق الوطن والشعب الأردني .

 

العشائر الاردنيه لديها من الكفاءات السياسيه التي تستطيع أن تنهض بالأردن من جديد يدا بيد مع باقي أطياف المجتمع الأردني ،  وبالفعل أدرك الملك أن هذه الديناصورات أصبحت تشكل عائقا أمام الإصلاح السياسي ، فكان لابد من التقدم الى الامام بخطوة جريئة ، وهو ما أكده الملك في تصريحه الثاني لوكالة عندما قال :  أن الأردن لديه اليوم خارطة طريق إصلاحية ذات مسار واضح ويتعلق جزء من هذا المسار بضرورة الاستمرار في تطوير نظامنا الانتخابي من خلال مؤسساتنا الدستورية، بحيث يصبح أكثر تمثيلا، ويحافظ على التعددية، ويسهم في تشكيل الحكومات البرلمانية على أساس حزبي .  

 

إذن المرحلة القادمة واضحه بناء نهج ديمقراطي حديث وفق النموذج الغربي ، تذوب فيه الهويات الفرعية وتتلاشى فيه العصبيات الضيقه التي مزّقت النسيج الوطني، مرحلة تكون فيها الهوية وطنية ، والأحزاب برامجية ، والدين لله والوطن للجميع ، وطن يترك للشعب فيه الخيار لاختيار هويته ،  هكذا تبني الأمم حضارتها ، لكن مثل هذا النموذج الحضاري لن يتم بقرار سياسي فردي وفوري، بل يسبقه خطوات تشريعيه كتعديل قانون الجنسية تبعا لقرار فك الارتباط عام 1988 لتحديد الهوية الوطنية الاردنية بشكل واضح ، ووضع برامج وخطط هدفها تحقيق الاندماج على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسيه لمكونات الشعب الاردني  وبغير ذلك سوف يحصل ارتدادات وردات فعل غير متوقعة النتائج ولن تكون في صالح تحقيق المشروع الديمقراطي المنشود.

 

عقارب الساعة لن تعود الى الوراء  فالإحباط واليأس وانعدام الأمل بالمستقبل ، كان عنوان المرحلة السابقة ، والمسئول عن ذلك هو النظام السياسي الأردني وهو يتحمل المسؤولية عما آلت إليه الأمور من تراجع واضح وملموس في كافة الجوانب سواء كانت سياسية أو اقتصادية أواجتماعية،  والتي كانت بسبب سياسة   التهميش وإقصاء الشعب عن المشاركة في صُنع القرار، سياسة إفقار الشعب التي إتبعها النظام وبشكل مدروس كان هدفها إيصال الشعب الأردني إلى حالة الرضوخ والاستسلام للمخططات التي تتوافق مع سيناريوهات إعادة ترتيب المنطقة والتي تخدم مصلحة الكيان الصهيوني على حساب الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني على أرضه التاريخية ، ومع ذلك مازال الامل قائما ببناء أردن ديمقراطي حديث إذا تم تطبيق مشروع النهضة على مراحل متعددة وليس دفعة واحده .

 

حمى الله الوطن وشعبه من كل مكروه...اللهم آمين

msoklah@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد