العنف الجامعي الاسباب و العلاج

mainThumb

15-04-2013 01:28 PM

كل الاردنيين يتابعون ما جري وما يجري في الجامعات سواء الحكومية او الخاصة من احداث عنف لم ولن يكونوا يتوقعوها ابدا , فما حصل اخيرا بجامعة لها مكانتها ليس على المستوى الوطني بل العالمي مثل جامعة مؤتة من عنف ادى الى قتل احد الطلبة هو اقصى ما يمكن ان يصل اليه اي عنف , نعم ربما ليست الاولى ولن تكون الاخيرة في جامعاتنا ان لم يتم التعامل مع الاسباب الحقيقة لهذا العنف التي معظمها غريبة وغير مستاصلة به ولكن في نفس الوقت اذا ما تركت دون مواجهة حقيقية فهي ستتجذر وتتسع, ان العنف لا بد وان يقابل بحزم على كافة المستويات الاجتماعية والحكومية والامنية وادارة الجامعات حتى ينم اقتلاعه من جذوره واعادة ساحات الجامعات الاردنية ساحات علم وليس  ساحات معارك ودماء تصفى فيها حسابات فئات عنصرية متصارعة وخلافات عشائرية متعصبة وتناحرات اطياف سياسية ليس لها ادنى ارتباط او ولاء لهذا الوطن وهنا سوف نحاول جاهدين ان نجتهد ونحلل بعض اهم مسببات هذا العنف والتي تتلخص بالاتي :
 
اولا:انحدار القيم التعليمية ومفهومها في مدارسنا عند بعض طلبتنا واساتذتنا: ان بعض القرارات لوزارة التعليم والتي حدت من سيطرة الاستاذ على الطالب وقيدت يديه في معاقبته على سلوكه الخاطيء سواء اثناء الحصص او الامتحان او مع زملائه او حتى معه شخصيا ادى الى ضعف وهوان شخصيته امامه, بل ووصل الامر ييعض الاساتذة في بعض من المدارس الحكومية او الخاصة الى ترك الطالب وشانه خوفا او تفاديا لاية مشاكل او مسألات, و الاسؤ والاخطر هو مشاركة بعض الاساتذة الطلاب ببعض السلوكيات الخاطئة مثل التدخين او الذهاب معهم الى اماكن سيئة ووصل بالبعض لخيانة الامانة في اعطاء اسئلة الامتحانات (تهريبا او بيعا) واعطاء العلامات دون ادنى قيم تعليمية او اخلاقية. ان تخصيص التعليم للاسف جعله سلعة للبيع والاتجار وهذه خطيئة اخرى بحق الاستاذ ونفوذه فالطالب اصبح الاقوى لان البعض منهم يشعر انه يدفع مقابل لا ان يدرس بل لينجح يشاركهم هذا الفكر للاسف ليس ذويهم بل اصحاب بعض من المدارس الخاصة ,ان هذا الفكر الخطير جعل من الاستاذ شحادا على باب الطالب والمدرسة لان هذا الطالب اصبح بعرف المدرسة وصاحبها (التاجر)  الزبون ولا بد من تلبية حاجاته حتى ولو ادى الامر لطرد الاستاذ وقطع رزقه , نعم هذه حقائق دامغة على ضياع قيم التعليم السامية مما ادى الى افساد للطالب ومع مرور الوقت تطور الى العنف الذي تشهده ليس بمدارسنا وحوارينا ولكن في بيوتنا ,ان الاستاذ في هذه الحالة اصبح بين نارين فاما ان يبيع كرامته ويسلم للامر الواقع واما ان يحافظ عليها وعندها يجبر احياناعلى  العصا والضرب ومخالفة القوانين, وهنا عليه ان يتلقى وعده  فان كان بمدرسة خاصة ,فهو لن يستمر ولن يجد احد يسأل عنه وعن حقوقه ولا عن عائلته واما ان كان بمدرسة حكومية فحسب حظه من الطالب الذي علق معه فان كان وقع مع متنفذ فسيتعرض ربما الى نقل تاديبي اضف الى كلا الحالتين العطاوي والصلح العشائري وتبويس اللحى ويا عالم كم ستكلفه عملية الصلح ,هذا اذا لم ياخذ سكين او رصاصة طائشة او شفرات تزين وجه , فماذا تريدون يا سادة بعد كل هذا طلاب جامعات ملائكة هذا هو الحال .لنتأمل بحالنا اين اصبحنا وكيف كنا في الماضي المجيد وذاك المدرس وقوته ورهبته والذي لا زال معظمنا يدين له بكل ما احرزه ليس من تقدم علمي ووظيفي بل اخلاقي.
 
ان تفشي العنف المدرسي ادى الى ظهور ما يسمى مجموعات بلطجة الشفرات والسكاكين و السلاح من طلبة بعض المدارس ووصل ببعض من هذه المجموعات الى السيطرة ليس على ساحات المدارس وادارتها ومدرسيها ,بل وعلى الاحياء التي تقع فيها هذه المدارس, ان ظاهرة تهريب بعض اسئلة الثانوية وما يتم من تغشيش اثناء هذا الامتحان والاعتداء على القاعات في العديد من مدارس العاصمة وضواحيها و مختلف المحافظات الاخرى الا نتائج للتسيب الحاصل في النظام التعليمي في مدارسنا والتي هي الشريان الحقيقي للعنف الحادث في معظم جامعاتنا الاردنية واهم مسبباته, فالطالب في كل مراحله الدراسة المدرسية (الابتدائية والثانوية ) لا يجد الحزم المطلوب والرقابة المطلوبة لنجاحه او فشله , فتجد معظم الطلبة يصلون الى الثانوية العامة بسهولة بفضل بعض القوانين وفضل مهام جماعات العنف والبلطجة المدرسية ,اضف الى ذلك جماعات الضغط والنفوذ وبعض الاساتذة المنجمين الذين يعرضوا خدماتهم بطرح توقعاتهم لاوراق اسئلة امتحان التوجيهي والعجيب ان هؤلاء المنجمين المناحيس يتوقعوا اكثر من 90% من الاسئلة لبعض المساقات المهمة !!! ويتم نشرها بالتكنولوجيا الحديثة على كل من يملكها قبل ساعات من يوم الامتحان للمساق. ولما ان بعض من قرانا وريفنا ربما لا تملك مثل هذه التكنولوجيا فنجد ان هناك منجمين اكثر نحاسة فتجدهم اما ياتون بمكبرات الصوت لحل الاسئلة امام قاعات الامتحانات او بعض المدارس اكثر نحاسة  تاتي بمنحوس الى غرفة بجانب القاعة ويبدأ بحل الاسئلة للطلبة المساكين ولذلك تجد المعدلات الفلكية والكاملة في بعض المساقات التي كانت ايامنا نعيدها اكثر من مرة , كل هذا بشطارة هؤلاء الاساتذة المنجمين المناحيس والذين بعد ان افقدنا البعض منهم قوته وكرامته اصبح يستخدم علمة بهذه المنحسة الرخيصة  ليحصلوا على ارقام فلكية من الدنانير بساعات محدودة , وهنا لا نشمل الجميع فالاكثرية من الاساتذة هم محل تقديرنا وثقتنا نجلهم ونحترمهم وهم صامتون صامدين وقابضين على الجمر وما قصدناه لا يشكولن الا القلة القليلة في مجتمعنا الاردني الابي,ان ما نكتبه هنا ليس بالجديد فجميعنا سمعه ولكن اردنا وضع النقاط على الحروف لكيفية وصول وحصول بعض هؤلاء الطلبة الفاشلون واصحاب المشاكل على مقاعد جامعية ليست لهم  و ليدمونا باعز ابنائنا وهذا ما حصل باحد طلبتنا في مؤتة .
 
ثانيا: التوسع في القبولات الاستثنائية: لقد ادى هذا الى مجموعتين من العنف الجامعي الاولى : مجموعة العنف المدرسي التي وصلت الى جامعاتنا من خلالها حيث حصل بعض من افرادها ذوي المعدلات المتدنية على مقاعد جامعية لا يستحقونها قانونيا لانها حق للاخرين حرموا منها بسبب ان ليس لديهم مؤهل الاستثناء ,لذلك فليس مستغربا ان يسعوا الى اعادة تشكيل مثل هذه الجماعات العنفية بالجامعات ولكن هذه المرة على اعنف ,اما مجموعة العنف الثانية: فهي مستجدة بسبب الغبن والظلم الذي وقع عليها نتيجة لمثل هذه الاستثناءات خاصة عندما تجد نفسها امام حقائق مريرة ,منها وجود معدلات اقل من معدلاتها مقبولة في نفس تخصصها او ربما في تخصص هي جاهدت وتمنت الحصول عليه ومع هذا ذهب لها, اما المرارة الاخرى وجود مععدلات اقل من معدلاتها في نفس التخصص ومع هذا فهي مسجلة في البرنامج العادي بينما هي ورغم ان معدلاتها اعلى الا انها مسجلة في البرنامج الموازي والمصيبة الاكبر ان كانت هذه الفئة المستثناه ورغم تدني معدلها قد حصلت على بعثة رغم انها من الفئات الاردنية الغنية .وبعد كل هذا يسالون من اين العنف ؟ فهل يا ترى سيغفر هذا الطالب هذا الظلم الذي وقع عليه ؟ و من يضمن ان لا يتغلب حقد هذا الطالب المغبون في حقه وينفسه في عنف وشر ضد زملائه للتنفيس عما بداخلة حبا للانتقام.ويا كثر هذه الحالات في جامعاتنا , الم يقولوا ان الظلم مرتعه وخيم وهذا ما نرتعه الان بجامعاتنا.
 
ثالثا: التعصب العشائري و العنصرية والجهل : ان التعصب العشائري سببه الاول والاخير الجهل وضيق الافق وقلة الدين, فبعد ان كان جزء منه محصورا في التعصب الطائفي ضد الاخرين , انتقل الى داخل العشيرة نفسها واصبح ينخر جسدها وتعاضدها وهذا للاسف ما هو حاصل بالضبط بين عشائرنا في الوقت الراهن والذي كلنا نرفضه,واكبر مثال هو ما حصل في معظم الانتخابات النيابية السابقة من تزاحم وتشاجر عشائري وصل الى حد الجريمة ما بين افراد العشيرة الواحدة فابن العم قتل ابن عمه ولا نريد ان نزيد , كل هذه الاحتقانات بالتاكيد انتقلت للاسف الى الساحات الجامعية فما يحصل في داخل الجامعات من عنف الا تصفية حسابات ما بين العشائر مختلفة وابناء العشيرة الواحدة والطوائف والمناطق, فلو نظرنا واحصينا كم نسبة تدخل العشيرة في كل ما حصل من عنف جامعي لوجدناها نسبة عالية جدا بل انها الاساس فيه , كل هذا يرجع ان القانون العام مغيب والقانون العشائري هو المسيطرة وبالتاكيد فان تبويس اللحى لن يدوم لانه لا يقوم على ضوابط قانونية بل ضوابط عاطفية تزول بسهولة بزوال تاثير البوسة.
 
خامسا: قلة وضعف النشاطات الغير اكاديمية وعدم تنظيم طرح ساعات المساقات الجامعية مما يؤدي الى توفر الفراغ في وقت الطالب ويجعله يبحث عن اي نشاط لاستهلاك هذا الوقت , فالتكسع في الساحات الجامعية هو احد ابرز قضاء مثل هذا الفراغ  وهو من مسببات العنف الجامعي الذي ينتج عنه سلوكيات خاظئة اهمها التحرش الجنسي في طالبات الجامعة والذي يعد انتهاكا للشرف في العرف الاجتماعي الاردني ,مما يؤدي الى مشاكل سرعان ما تنتشر وتصبح معارك كر وفر ما بين جماعة الفتاة وجماعة الطالب المتحرش وربما تطور لتاخذ طابع عشائري او منطقي وربما الاسؤ وهو العنصري والطائفي وتسيل الدماء.
 
سادسا : ضعف الادارة الجامعية والادارة الامنية فيها : ان هذا الضعف يتمثل بضعف اتخاذ القرارات الحاسمة والتراجع عنها احيانا وتطبيق القانون, وهذا الضعف ياخذ وجهين , اما الوجه الاول فهو رضوخ ادارة الجامعة لبعض اولياء الامور المتنفذين لهؤلاء الطلبة العنيفين والتغاضي عنهم لدرجة اعادتهم الى الجامعة امام مراى الجميع مما يؤدي الى احتقانات وثارات مستقبلية ان لم تكن في الحرم الجامعي ففي خارجه و الى تغول هؤلاء الطلبة فيما بعد ليس ضد زملائهم بل ضد اساتذتهم , اما الوجه الاخر للضعف , فهو ضعف رجال الامن ونحن نعذرهم هنا فهم لا يريدون ان يخسروا حياتهم وقوتهم بسبب هؤلاء الطلبة الموتورين من ابناء اصحاب النفوذ والعشائر ان تدخلوا ضدهم وحاولوا ايقافهم , فمن يحميهم مستقبلا ؟ اقل ما يمكن ان يصيبهم هو التفنيش .
 
ان علاج العنف هذا يكمن في واد الاسباب الرئيسة له وهنا نرتبها حسب اهميتها:
 
1.  سن قوانين جديدة من وزارة التربية والتعليم لاطلاق يد وحرية الاستاذ وحمايته ودعمه قانونيا وتشريعيا لمعاقبة الطلبة المخالفين او المسببين للعنف دون ادنى رحمة ومنع التدخلات اي كانت ومراجعة والغاء كل قانون يعارض هذا المبدأ
 
2.  تحسين وضع الاستاذ والنظر براتبه والمساواة ما بين الرواتب بالمدارس الخاصة والعامة والوصول الى قانون روابت وتقاعد واحد.
 
3.  وقف كل الاستثناءات في القبول الجامعي  (المكرمة الملكية) والاستعاضة عنها بدعم مالي محدد بشرط ان يقبل ابن هذا الشخص المستثنى حسب الاصول المتبعة في اي جامعة مع اعادة النظر باسس القبول والمنح وتخصيص المقاعد الدراسية وان تكون على اساس الكفاءة والافضل مع الغاء كافة استثناءات الاضافية .
 
4.  نشر الوعي السياسي بين الطلبة وتشجيعهم على الانتماء الحزبي الوطني مع التركيز على تمنية الانتماء الوطني بغض النظر عن الاصل والمنبت والالتزام بالقانون والابتعاد تدريجيا عن التعصب العشائري.
 
5.  التشديد في تطبيق القانون ووقف التدخل الخارجي بقرارات الجامعة والتاثير عليها من اي جهة كانت وهذا لا يمكن ان يحصل الا اذا تم اختيار رؤساء الجامعات على اسس عملية وديموقراطية وحسب الكفاءة لذلك نطالب بمراجعة اسس التعيين لهم.
 
6.  تقوية النظم الامنية في الجامعات وتزويدهم بما يكفي لحماية انفسهم والمحافظة على الامن الجامعي مع اعادة النظر بخبراتهم وقدراتهم وان لا يكونوا تحت سيطرة الجامعة فقط  بل واشرافات  امنية بشكل او باخر وان يتم التدريب  المستمر لهم بشكل جيد لضمان امنهم مع تزويدهم باجهزة اتصال حديثة و توزيعهم بشكل علني وسري في الحرم الجامعي.
 
7.  التشديد على ابواب الجامعات الرئيسية امنيا ومراقبة الداخلين لها وهذا ليس صعبا هذه الايام في ظل التقنية الجديدة مع نشر كاميرات مراقبة في الساحات والمناطق الحساسة في الجامعات للمراقبة اولا باول فربما ستحد هذه الاستعدادت من تشعب وانتشار اي عنف بل ومعالجته وتحجيمه بسرعة.
 
اخيرا نقول اننا حظينا بمعرفة معالي الاستاذ الدكتور محمود امين وزير التعليم العالي واذ نحن نبارك  له هذه الثقة في توليه اصعب مهمة لاهم وزارة و كان الله في عونه على كل هذه المشاكل التي ستواجهه من اول يوم ,الا اننا متأكدين ان الدكتور النسور قد احسن الاختيار له لانه يتمتع بخبرة عالية على مستوى ادارة  الجامعات الحكومية و الخاصة ويحظى باحترام وسمعة محلية وعالمية في مجال التعليم فخبراته الاكاديمية والمهنية والادارية اضف لذلك تقلده لمناصب اكاديمية وادارية عديدة في العديد من الجامعات الحكومية والخاصة الاردنية تجعله مطلع و قادر ان شاء الله على معالجة هذه المشكلة ,ولكننا هنا لا بد وان نؤكد على صعوبة هذه المشكلة بل واستعصائها ان لم يتعاون معه كل العاملين في وزارته مع مساندة كافة ادارات الجامعات الحكومية بالذات والخاصة بشكل عام له وان يضعوا هؤلاء يدهم بيده ويغلبوا المصلحة الوطنية فوق المصالح الفئوية المحدودة , مرة اخرى نقول لك يا استاذنا الدكتور امين كان الله بعونك , لكنك على قدها وقدود كما يقولون  للتعامل مع كل مسببات هذا العنف ,واثقين من جراتك على مواجهة اصعبها, وفقك الله في خدمة وطنك وقائدك وقائدنا ابى الحسين في وأد كل الفتن ما ظهر منها وما بطن, التي تقف وراء هذا العنف المصطنع والجديد على مجتمعنا الاردني  انه السميع المجيب.     


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد