الاردن في المستنقع السوري

mainThumb

30-04-2013 10:46 PM

ان الاحداث السياسية والعسكرية وما يجري بالضبط على الحدود الشمالية يخالف كل تصريحات مسؤولينا على اننا لا زلنا نقف على الحياد ,فرغم كل هذا الانكار المستمر من الجهات الرسمية الا انه لم يعد خافيا على اي اردني مدى تورطنا في هذا المستنقع , فما تتناقله وسائل الاعلام الغربية عن وجود قواعد تدريبية لجنود سوريين من قبل قوات امريكية واردنية لاعادة تاهيلهم للعودة الى سوريا للانضمام للجيش السوري الحر الذي يقاتل لاسقاط النظام السوري وارسال الجنود الامريكيين للدفاع عن امن واستقرار الاردن وللتدخل لحماية فزاعة الاسلحة الكيماوية السورية ومنع سقوطها في ايدي منظمات ارهابية واخرها فتح الاجواء الاردنية رغم نفيها من قبل الجهات الحكومية الرسمية الاردنية, الا اشارات قوية ودلائل حية على التوجهات الاردنية الرسمية بالتورط في الازمة السورية وكما يقولون بالمثل "ما في دخان بدون نار", اضف الى كل هذا الاعلانات المتتالية عن استشهاد مجاهد اردني في القتال الدائر في سوريا فكيف لهذا المجاهد ان يدخل الحدود الى  سوريا ونحن المشهود لنا دوليا بقوتنا الاستخباراتية والامنية؟

 ان هذا يذكرنا بانكار حزب الله من انه غير منخرط بالحرب الدائرة في سوريا في الوقت الذي يشيع يوميا قتلاه باسم استشهاد احد عناصره بمهمات جهادية , فبئس هكذا جهاد للطرفين , لان كلا المستشهدين من الطرفين سيحرقان بالنار باذن الله لانهما قتلا بحرب قذرة لا يوجد فيها اي نوع من الجهاد المذكور و لان كلنا يعرف اين هو الجهاد المفقود هذه الايام, فمتى كان قتل المسلم للمسلم جهادا؟

ان تصريحات الاسد ووزير خارجيته الاخيرة حول الاردن وامريكا والغرب لا يندرج مطلقا تحت مسمى التهديد ولكنه يندرج تحت ما يسمى توقعات مستقبل الاحداث الجارية على الساحة السورية , وحتى نستوعب ما يحصل في سوريا علينا اولا ان ندرك حقائق هذا الصراع الجاري هناك واختلافه بالمطلق عما حصل بتونس او مصر او حتى ليبيا , فالانتفاضة في مصر وتونس وقعتا ضد نظامين مواليين لامريكا ويخدمان طموحات واهداف الكيان الصهيوني واما ليبيا فهي تصفية حساب لشخص  بدأ بالمقاوم ثم ما لبث ان استسلم للغرب واسرائيل وامريكا بتسليمه لبرنامجه النووي ودفعه اتاوات تحت ما سمي بالتعويضات وتسليمه لرجاله الاوفياء لزجهما في سجون بريطانيا ورهن النفط الليبي للفرنسيين والايطاليين ظنا منه انه سيحمي كرسيه ونسي ان نهاية كل من يخون مبادئه ووطنه هو مزابل التاريخ وهذا ما حصل له بالضبط حيث قتل شر قتلة ودفن وسط صحراء في مكان مجهول هو واحد ابنائه ونهب البترول الليبي من الفرنسيين والايطاليين وترك الليبيين يشحدون و يتصارعون الا ما لا نهاية.

 نعم هذه حقيقة اصدقاؤنا الامركيين والغرب, فمتى يحين الوقت لما تبقى من زعمائنا العرب ادراك مثل هذه الحقيقة وياخذوا مرجعيتهم من شعوبهم لا من امريكا والغرب, اما الحاصل بسوريا فهو مختلف جدا فرغم اننا لا نؤيد النظام السوري من حيث قمعه و ظلمه لشعبه وكل الفساد والاستبداد في نظامه , الا ان الحقيقة التي لا احد يمكن ان ينكرها هو انه لم يهادن اسرائيل ولا امريكا وكل ما يقال غير ذلك هو محض افتراء وقلب للحقائق ولا يمكن لاي مواطن عربي بسيط ان يصدقها, ان هذا النظام هو من احتضن ودعم حماس وحزب الله وكل فصائل النضال الفلسطيني بعدما ضاقت عليها الدنيا وتخلي كل الاشقاء والاصدقاء عنها ,وجدت في دمشق الحصن المنيع والحضن الدافيء, نعم هذه الحقيقة الاولى اما الثانية والاهم انه النظام الوحيد الذي لم يوقع معاهدات سلام  مع العدو الصهيوني ولم يرهن جيشه ولا سلاحه لامريكا والغرب وهذا سبب رئيسي في تماسك الجيش العربي السوري حتى الان رغم ما يتعرض له من مؤامرات تفكيك تقودها اسرائيل و من ورائها امريكا والغرب وللاسف بعض من الانظمة العربية وسياتتي اليوم الذي نبكيه كما بكينا الجيش العراقي الاخ والسند والصديق ,لذلك لا احد يستطيع ان ينكر ان هناك مؤامرة على هذا النظام لتصفيته لانه قال لا لاسرائيل بل وعاداها علنا والكل يعلم ان قول لا لهذا السيد الاسرائيلي في الوقت الراهن يعد جريمة عالمية ثمنها ان يحارب ويقاطع ويقطع من كل الدول في هذا العالم الخادم للحذاء الاسرائيلي, ولكننا في نفس الوقت لا يمكن ان ننكر ان هذا النظام غبي جدا فهو لم يعرف كيف يتعامل مع حدث بسيط في درعا مما اعطى اعدائه كل الذرائع والفرصة للانقضاض عليه ,وكل الحجج والمبررات التي ساقها في بداية الانتتفاضة اكدت غباء وجهل هذا النظام ,ونحن هنا نجزم ونؤكد ان نظامه كان مخترقا من قبل بعض المخابرات الامريكية والاسرائلية والغربية وان كل من اشار عليه باستخدام القوة لقمع انتفاضة رفع الظلم والحرية والامعان بالقتل لشعبه هؤلاء هم خونة و مرتزقة لهذه المخابرات وهنا لا نستبعد ان ما تم من تفجيرات في القيادة السورية يندرج تحت هذا الافتراض بعدما تم كشفه.

ان ما قصده الرئيس السوري في زوايا تصريحاته الاخيرة واضح ولا يحتاج الى قراءة ويمكن استنتاجه من تجربة العراق ولكن هذه المرة بطريقة اخرى , فما مظاهرات الاحتجاج في الساحات الاردنية على تواجد القوات امريكية الا الدليل على ما الذي يمكن ان يحدث في نهاية معركة سوريا ان كان لها نهاية , فما يجري من احاديث عن حركات جهادية اسلامية من حركة النصرة الى مسميات اخرى والتخويف منها ومن استيلائها على الاسلحة الكيماوية والسلطة في سوريا وما لهذه الحكاية من افلام ومسلسلات لا تنتهي , وما دعم قوى الجيش السوري الحر وما نسمع عنه من معسكرات في الاردن بقيادة امريكية تقوم بتدريب العديد من افراد هذا الجيش واعدادها للمستقبل لمواجهة هذه الجماعات الجهادية ,ما كل هذا الا دلائل تندرج تحت الاعداد لمعركة ستكون طويلة ويكون اطرافها ما تبقى من قوات النظام والحركات الاسلامية الجهادية والجيش السوري الحر.لا احد يختلف بان نظام بشار سينتهي ان لم يكن قد انتهى ولكن السؤال الاهم هو:ما الذي سيحصل بعده؟ هذا ما اراد ايصاله بشار في خطابه الينا في الاردن والى امريكا والغرب.فهو اراد ان يقول انتظروا ارتدادات هذه الحرب التي اردتم بها نهايتي فهي لن تنتهي عندي وحدي بل ستطالكم سترتد الى ساحاتكم قريبا فهو لم يقل ابدا انه سيهاجم الاردن وامريكا ولا حتى اسرائيل بالصواريخ والطائرات لانه يعرف انه لم يعد قادرا على ذلك في الوقت الحاضر لان جيشه انهك.

 ان ما اراد ان يقوله بشار ينطلق من الواقع العربي الذي يرفض وجود الاجنبي على ارضه بالمطلق , فكيف ان كان هذا الاجنبي هو امريكا والغرب الذين دمروا العراق وقتلوا اكثر من مليون عراقي وزرعوا الفتنة الطائفية فيه وشردوا اهله وقتلوا كل علمائه وحلو جيشه ومنحوا اطهر ارض وهي فلسطين قلب العروبة والاسلام لانجس وانذل قوم اليهود و وفرضوا ما يسمى اسرائيل في المنطقة وزرعوها في قلب الامة العربية والاسلامية في فلسطين , فاذا كانت الشعوب العربية تتمنى التخلص من بشار بسبب عنفه مع شعبه لكن ليس بيد الامريكان واالغرب, لانها لن تقبل بوجود الامريكي في الاردن او سوريا بعد طرده من العراق, لذلك ما ان تضع الحرب اوزارها في سوريا وينتهي حكم بشار , الا وستنطلق المقاومة لهذا الوجود, لان تواجدهم هو تواجد لليهود ولا يمكن الوثوق بهم وكل شرفاء هذه الامة يدركون ان من سيقود الطائرات الامريكية التي ستهاجم الجيش السوري هم جنود اسرائيليون ومن سيقوم بعمليات التجسس والقتل والاعدامات لكل شرفاء وعلماء الجيش السوري كما حصل بالعراق هم اليهود تحت مسمى الامريكان والغرب,ان غزو سوريا مستقبلا تحت اي حجة يجعلنا طرح الاسئلة الاتية: ما الذي يمنع النظام السوري من قلب التحالفات في المستقبل وعند اول معركة ما بين الجيش السوري الحر والحركات الاسلامية لقلب الطاولة فوق رؤوس اعدائه ولسان حاله يقول علي وعلى اعدائي ؟ ما الذي يمنع هذا النظام من الانسحاب وتسليم الاسلحة بكل انواعها لهذه الحركات؟ ما الذي يمنع ايران من التحالف مع مثل هذه الحركات ومدها بالسلاح لمحاربة ومقارعة كل ما هو امريكي واسرائيلي في سوريا وغير سوريا مستقبلا؟ الم يحدث هذا في العراق سابقا؟ ما الذي يمنع حزب الله من تدريب بعض الجماعات المسلحة ومدها بالسلاح بذريعة مقاومة الاحتلال الامريكي الغربي لسوريا؟ ان معركة سوريا لن تنتهي بانتهاء بشار الاسد, فما ان يسقط نظامه حتى تبدأ معركة اخرى لم تعد سرا ويعلن عنها ليل نهار وهي انهاء الحركات الاسلامية الجهادية في سوريا والمنطقة على يد الجيش السوري الحر المدرب امريكيا وغربيا و بقيادة امريكية غربية ودعم بعض الجهات العربية, ان هذه المعركة لن تكون سهلة لانها ستولد العديد من حركات المقاومة للتواجد الامريكي في المنطقة وهذا بالطبع لن يتوقف عند الحدود السورية بل سينطلق الى الدول المجاورة و نحن في الاردن اول من سيكتوي بها لان ارضنا ستكون خصبة لها خاصة اذا ما تاكد وجود القوات الامريكية وغيرهاعليها,هذا ما عناه  بشار عندما قال ان هذه الحرب ستمدد الى دول الجوار وقصد الاردن بالذات وامريكا والغرب ستصلها من خلال عمليات تفجيرية لاحقا.

اخيرا نقول , لا احد ينكر محدودية امكانياتنا الاقتصادية والعسكرية واننا نعتمد على امريكا والغرب ولا عيب في هذا فكل الدول في هذا العالم تتحالف مع بعضها لحماية امنها ولكن انجرارنا وراءهما بشكل اعمى لا يمكن ان يكون قرارا سليما وكان علينا ان ندرس بعناية الواقع الاجتماعي الشعبي الاردني الذي يرفض بالمطلق كل تواجد امريكي على الارض الاردنية حتى ولو بحجة حمايته لان هناك عداء مستاصل لهذه الدولة في نفوس الاردنيين لانعدام الثقة فيها ولان الاردنيون لا يثقون بكل ما تقوله ويعادون كل ما قامت به في الماضي في فلسطين والعراق وافغانستان و سوريا ,كما انهم لا يرون في الواقع اي تهديد لامنهم في الوقت الحاضر يستوجب هذا التواجد مما اثار حفيظتهم وشكوكهم بالنوايا المبيتة لهذا التواجد ,والعكس هو الصيح فان تواجدهم على الارض الاردنية هو اكبر تهديد لامنهم واستقرارهم , نعم معظم الاردنيين باختلاف انتماءاتهم الحزبية والعشائرية يريدون رحيل الاسد ولكن ليس بايدي امريكية او غربية او اسرائيلية على الاطلاق ,لانهم يدركون حقيقة واقع ما يدور في الساحة السورية ويشككون في ان شيء ما يتم التحضير له عسكريا في المستقبل قد ينطلق من الساحة الاردنية لانهاء النظام السوري ومواجهة المنظمات الاسلامية ومحاربتها للقضاء عليها ,مما سيؤدي الى حرب اهلية ومذهبية طويلة ستقسم سوريا الى دويلات طائفية وسترتد كل هذه التداعيات بالنهاية على ساحتهم الاردنية مما يؤدي الى حركة نزوح كبيرة ستفجر الاردن لا سمح الله سكانيا واقتصاديا ,حمى الله اردننا وبالذات شماله الحبيب من كل الازمات وامد قيادتنا القوة والحكمة و الصبر وسداد الرأي انه هو السميع المجيب. 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد