صحيفة السوسنة الأردنية

 

الحرية أيها المجتمعات ليست لفظ متداول نتغنى بها لنطرب الأذان ونحتسيها لنسد رمقنا، ونديرها على جهاز ( DVD ) لنستمتعَ بتمايلها وانحناءاتها... 

 

الحرية مجتمعي سلعة تصنف مما لا تراه العين و يؤلم به القلب... عندما نتغلب على وجع أثار الفتن الحية بالواقع ومازال يؤرق الأعماق ويكدس الأرق بين أضلاع الحواس ويوخز الإذن التي تجمع الأصوات ويوشح النهار بأقدار من الضباب ويكلل الرخام بتفاصيل السواد وينحل عن بدر شاب زمانه وملئ بتجاعيد الحياة...

 

الحرية مجتمعي أصبحت كأسر يسجن فيه العظماء كـ طفل واجه جبروت الحياة بحجر ليحرر بلاد الكبرياء... كسيدة دفعت الظلم عن نفسها فتهمة بأشد الخيبات وأعلنت عليها الانقسامات... 

 

الحرية أعزائي ليست قلم نسطر به العبرات وسلم نصعد به للخيالات الحرية ليست تجريد من الأفكار والمعتقدات وليست تبديل للقيم والأعراف وليست تنازعا على الممتلكات... وليست قواعد تجبر عليها المجتمعات...

 

 الحرية أيها القوم كف يرجح بالعدالة يحاكي ثغر الحياة... يبتسم ضاحك مستبشرا ويمتطي ذاك الجواد الحرَّ... الحرية كنز يلمع ويلوح بريقه بالسموات ويتربع على العرش ويترأس صدارة الحياة... بتصدرنا لمعنى الحرية يمكن تشبيه أنفسنا بأننا نمضي قدما لإحلال المسميات وتشريع مؤامرات وإبطال شرقيات وإرجاع غربيات...

 

إن الحرية أعزائي تضيع بالبلاد وتختبئ خلف العباءات وتتوارى عن وقع الأنظار وتسكن البراري العقيمة وتقنط تحت شجرٍ ساتر يكتنفها في عتمة الظلمات وتذوي بصوت خافت في سديم معتم غائر وتسقط من عيون أطفالها وتتألم على مرأى العروبة النصف حية وتقنط بجوار الأمسيات الذهبية القديمة وترقب الواقع من بعيد وتتستر خلف خيبات الخيام وتنثر رمال الصحراء بالهواء وتبكي على الحياة... هذا حال الحرية...