السيناريوهات الثلاثة الخطرة حول الاردن

mainThumb

29-05-2013 05:36 PM

لقد طالعنا ما توصلا له كل من الباحثين الامريكيين  السيد روبرت سالتوف المدير التنفيذي لمعهد واشنطن والسيد ديفيد شنيكر مدير السياسات العربية بنفس المعهد حول اهم التهديدات التي تواجه الاردن ونظامه الملكي والتي حدداها في بحثهما هذا  في ثلاثة سيناريوهات خطرة كما سمياها وتتلخص: ( حصول ما سمياه ميدان تحرير اردني كالحالة المصرية , او ازدياد النفوذ الاسلامي المتتمثل بحركة الاخوان المسلمين واما الاخطر فهو توسع الحراك الشعبي للعشائر الشرق اردنية التي هي ركيزة النظام حسب قولهما) ,ولو تناولنا كل هذه السيناريوهات الثلاث لوجدنا ان الباحثان قد ذهبا بعيدا عن واقع الاحداث التي حصلت والتي ربما تحصل في المستقبل على الساحة الاردنية, بل لم يحالفهما الحظ في تحليلاتهما, ربما لعدم فهم طبيعة المكونات الاردنية وحجم مشاركتها في كل الحراكات التي حصلت او لعدم ادراكهما لتاريخ وتجذر العلاقة ما بين العائلة الهاشمية و كل الوان الطيف الاردني دون استثناء وحجم الولاء لها من كل هذه المكونات الاردنية ,أو لان ولاء هذان الباحثان الاعمى لاسرائيل فرغا بحثهما من كل ما يمكن ان يتوصلا له من حقائق والتي لا تروق للسيد اليهودي فيغضب عليهم وبالتالي قاما بتفصيل نتائج بحثهما هذا على مقاس المنفعة الاسرائيلية لانها الدافع الحقيق من وراء هذا البحث ,ومع كل هذه الاحتمالات تبقى هذه النتائج معلومات مهمة وعلى القيادات الامنية درستها وتحليلها والوقوف على الجوانب التي تخدم مصلحة امن الاردن واستقراره ,وفي مقالنا هذا سنتاول هذ السيناريوها بالمزيد من التحليل والتدقيق للوقوف على نتائجها ومدى دقتها.

السيناريو الاول وهو ميدان التحرير : منذ ان اندلعت الانتفاضة الاردنية كما اطلق عليها البعض, حاولت قيادات هذه الانتفاضة ان تستفيد من التجربة المصرية بالذات والتونسية , لذلك فكرت وربما خططت لما يسمى ميدان تحرير وكلنا يذكر ما حصل في دوار الداخلية من اعتصامات ادت الى اشتباكات ولولا حكمة قيادتنا وقيادات الاجهزة الامنية لربما تحول الامر الى ما كان يخطط له ,ان نجاح القوى الامنية بفض هذا الاعتصام من خلال الامن الناعم كما اطلق عليه ودون اراقة قطرة دم اردنية وعدم حدوث اية خسائر في الارواح فوت فرصا عديدة على المحتجين والمتربصين بامن هذا الوطن ,منها التازيم والتحشيد والعصيان و قطع اوصال العاصمة وتحويل دوار الداخلية على شاكلة ميدان التحرير المصري , والذي لا يعرف هذا المكان فقط نقول له انه باهمية ميدان التحرير في القاهرة حيث يمثل شريان الحياة في عمان فمجرد قطعه تغلق عمان شرقا وغربا وشمالا وجنوباو اضف الى ذلك موقعه الحساس بالقرب من رئاسة الوزراء والداخلية ومجلس النواب وقصر العدل , ان فشل هذا الاعتصام في هذا المكان لم يوقف الحراك الاردني فتم نقل هذا الاعتصام الى كل من ساحة النخيل بوسط عمان وساحة الجامع الحسيني لكن ضيق هذان المكانان وانحسار تأثيرهما في الحياة الاجتماعية والتجارية وبعدهما عن الاماكن الحكومية المهمة جعل من الاعتصام فيهما فاشلا وغير مجدي,بعدها مباشرة تم نقل الاعتصام الى دوار فراس املا فيما لو نحج ان يتم مده الى دوار الداخلية , ولكن مرة اخرى حكمة القيادة الهاشمية وحكمة قادة الاجهزة الامنية اضف الى كل هذا حكمة قيادات الحراك التي لا نشك بولائها منع الاحتكاك الخشن وحسر هذه الاعتصامات الى ادنى حد اقتصرت على شكل مظاهرات اسبوعية ايام الجمع, ان هذه  الحكمة من الجانبين فوتت العديد من المخططات الجهنمية التي كانت تنوي استغلال هذه الاعتصامات لنشر الفوضى في الاردن ,انها حقائق للاسف غفلا عنها الباحثان تثبت بما يقطع الشك باليقين استحالة قيام مثل هذا الميدان الذي تطرقا له ضمن نتائجهما لانهما لم يدركا حقيقة  قوة و خبرة وذكاء ومهارة رجال الامن الاردنيين في التعامل مع المظاهرات والاحتجاجات وفضها باستخدام القوة الناعمة, هذا الميزة افشلت في الماضي وستفشل في المستقبل مثل هذا السيناريوا والتي لا تتوفر لدى مثيلاتها في كل من مصر وتونس و ليبيا وحتى سوريا .

السيناريوا الثاني : ضغط و ثقل حركة الاخوان المسلمين وهنا كذلك لم يات البحاثان باي جديد وغاب عنهما الاختلاف ما بين الحركة الاسلامية الاردنية والمصرية والتنوسية , فالحركة الاردنية قائمة ولها قواعدها الاجتماعية والسياسية والتي خاضت من خلالها العديد من الانتخابات البرلمانية والبلدية و والنقابية و انحادات الطلبة ولا يوجد اي خوف من سيطرتها على اي من هذه الانتخابات لانه واقعيا تسيطر على العديد من هذه الساحات السياسية وهي ركن اساي من الدولة الاردنية, والدليل على ذلك ان حركة الاخوان المسلمين في الاردن تسيدت العديد من البلديات الاردنية والعديد من  النقابات المهنية والغير مهنية الاردنية و العديد من مجالس الطلبة في العديد من الجامعات وحصلت على نسبة لا تقل عن 25% من المقاعد البلمانية وتقلد العديد من منتسيبيها والمحسوبين عليها بل وقياداتها العديد من الوزارات والمركز المهمة في الدولة الاردنية, والدولة الاردنية منذ تاسيسها لا تقوم باية مضايقات لهذه الحركة او على نشاطاتها ,فقياداتها تسرح و تمرح في عرض البلاد وخارجها وهم ليل نهار يصرحون ويفتون بما لذ وطاب لهم ولم يتم زج اي منهم في السجون ولم يتم حرمانهم من اية مراكز في الدولة الاردنية بل وتضمن لهم حرية الحديث والتعبير عن ارائهم رغم وصولها الى المحرمات في بعض الاحيان, من هنا نسأل هذان الباحثان : هل يوجد استقواء اكثر من هذا ؟ لقد غفلا هذان الباحثان عن الفروقات الكبيرة في مساحة الحريات المعمول بها في الساحة الاردنية والساحات الاخرى المصرية , التنوسية والسورية والليبية ,ان ابسط شيء تذكر له الباحثان ولم يتطرقا له هو انه يكفي هذه القيادة فخرا واحتراما ان سجلها لم يسجل حالة واحدة من الاعدام لاي معارض , بل على العكس كان الرد تسامحا و في معظم الاحيان ثقة بهؤلاء الاعداء لدرجة تسليم البعض منهم  الحكومة والبعض الاخر مراكز وزارية, من هنا لا يوجد وجه مقارنة ما بين ما ذهب اليه هذان الباحثان من استنتاجات قائمة على ما يسمى ضغط مستقبلي للاخوان , لانهم اولا لا يمثلون اكثر من 30% من التركيبة السياسية في الاردن , وثانيا كل  الحركات الاسلامية في الاردن كباقي الحركات والاحزاب السياسية الاردنية متفقة حول النظام الحاكم في الاردن وبقائه والمحافظة عليه ,ولا يوجد هناك ادنى اختلاف بينهما حول هذه النقطة لانه بالاصل لا يوجد لها عداء معه على عكس ما كان حاصل في كل من مصر وتونس وليبا وسوريا الان حيث العداء والثأر , وكل ما تطالب به هذه الحركات المزيد من الصلاحيات للحكومة والبرلمان ولا يوجد اية ممانعة من قبل النظام وعلى راسهم صاحب الجلالة حول كل ما تثيره الحركة الاسلامية من مطالب اصلاحية , بل هو ما يسعى لذلك , فقط هي مسألة وقت ليس الا,لذلك ليطمئن الباحثان ان سيناريو الاستقواء ليس موجودا لا في قاموس الحركة الاسلامية ولا هو في بال قيادة هذا الوطن.

السيناريو الثالث : انه السيناريو الاخطر في راي الباحثان, فهو يمثل الحراك في القواعد العشائرية الشرق اردنية عصب قوة النظام كما اطلقا عليه,وتكمن خطورته في احتمال توسعه داخل هذه العشائر نتيجة اهمال المطالب القبلية أوالتعرض لابنائهم وقتل عدد منهم سواء في السجون او اثناء الاحتجاجات مما قد يؤدي الى تمرد الاجهزة الامنية والقوات العسكرية وامتناعهما عن مواجهة هذا الحراك, بسبب انتماء الغالبية من افرادها الى هذه العشائر الذي قد يصل الى حد التعاون مع الحراك الاسلامي ليكونا السيناريوا الاخطر على بقاء النظام ,ان كل هذه الاستنتاجات مع احترامنا للباحثان جاءت سطحية و حادت عن الحقيقة لان اي نظام يقوم على ركيزتين اساسيتين: الاولى عسكرية والثانية اقتصادية وربما هي الاهم, فان نظرا على ان هذه العشائر هي الركيزة العسكرية, فاين الركيزة الاقتصادية؟ واين دور باقي العشائر الاردنية الاخرى؟ اضف الى كل هذا جهل الباحثان للعقيدة الامنية والعسكرية التي تربت عليها هذه الاجهزة الاردنية وهي (الولاء والالتزام للقيادة والوطن والشعب) ,ثم ان الحراك القائم في الاردن لم يقتصر على ابناء العشائر الشرق اردنية بل يشترك فيه كل ابناء العشائر الاردنية الاخرى التي يتشكل منها الشعب الاردني , الذي يمثل خليط من كل الوان الطيف السياسي( الاسلامي , البعثي , الشيوعي , الليبرالي ,القومي والمستقل). اضف الى كل هذه الحقائق , حقيقة غابت عن ذهن الباحثان الا وهي انه لا يوجد خلاف على الاطلاق ما بين هذ العشائر حول الالتفاف والولاء للقيادة الهاشمية وان ابناءهم شربوا الحب والولاء لها ولهذا الوطن ولن ينتصروا مطلقا الا لهذه القيادة لانها هي الحافظ للوحدة الوطنية الاردنية بل وبقاء الاردن, كل هذه الحقائق تؤكد استحالة وقوع مثل هذا السيناريوا وان ما ذهبا اليه هذان الباحثان من تضخيم له لم يكن واقعيا بل هواقل السيناريوهات خطورة.

اخيرا نقول ان هذان الباحثان كل ما اراداه من هذا البحث هو كيفية الحفاظ على امن اسرائيل من خلال ابراز بعض ما يسميانه من مخاطر يمكن ان تهدده , وكل نتائجهما هي كلمات حق اريد بها باطل ,فما ابرازهما لما يسميانه قوة ضغط اخوان المسلمين وقوة وثقل المكون الغرب اردني و احتمال تزايد الحراك في قواعد النظام ( العشائر الشرقق اردنية) والايحاء بامكانية وصوله الى تمرد لهم على القيادة, ثم الادعاء بان المكون الغرب اردني يشكل غالبية حركة الاخوان والتخويف منه, ثم استثارة وتقوية العشائر الشرق اردنية عند الايحاء بانهم المكون الوحيد الموالي للنظام ,الا لاثارة الفتن والنعرات ما يبن مكونات الشعب الاردني فالحذر الحذر من هذه الترهات التي لا تستند الى ادنى حقيقة اخلاقية والله اعلم من مول ويمول مثل هذه البحوث, كما ان التوصيات والتي ركزت على الجانب المالي وكان الاردنيين كل همهم هو الاكل واللبس وما الى ذلك واخطرها تصوير تطابق اهداف المملكة العربية السعودية واسرائيل حول امن واستقرار الاردن وبقاء نظامه ما هو الا العمى السياسي بعينه وخلط لاوراق,فنحن نصدق خوف الممكة العربية السعودية على الاردن اما اسرائيل العدو الغاصب لنصف المملكة الاردنية والتي تسعى ليل نهار لتقوض امنه واقامة الوطن البديل فيه ,فهذه اكبر كذبة لا يمكن ان يصدقها عاقل اردني , ان كل هذه النتائج والتوصيات بالاضافة الى ما اشرنا اليه هي بالاساس تهدف اولا واخيرا الى تذكير امركا والغرب بامن اسرائيل و ما يمكن ان تواجهه من تحديات في المستقبل واما امن الاردن فهو باعتقادنا اخر اهتمام هذان الباحثان واسيادهما في اسرائيل وامريكا والغرب , ان الشيء الوحيد والذي علينا ان ندركه كاردنيين مسلمين هو ان الباحثان غفلا عن اهم شيء يحمي الاردن وشعبه الا هو الله سبحانه لا قوة فوق قوته القوي الجبار المعز المذل , اعزنا كاردنيين بالاسلام والقران وشرفنا باطهر ارض واشرف وصف باهل الرباط واناط بنا مسؤولية تحرير بيت المقدس الذي واذلالهم لاحقا على ايدينا, فلينتظرنا هؤلاء واسيادهم قريبا.  



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد