حرف (لا) يستحق الاحترام أحيانا

mainThumb

03-06-2013 03:30 PM

النصيحة للمجتمع تقتضي الإخلاص له ,وتصحيح مساره  بكل السبل الممكنه وعدم الإكتفاء  بالتصفيق والتطبيل دون وعي وتدبر, ومن هذا المنطلق فإن قولنا (لا) أحيانا- هو لمصلحة الوطن وحماية له من السوء .  قال تعالى :"كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ "آل عمران 110 .

إن  قول ( لا ) يأخذ أحيانا حكم الواجب لأن فيها نهي عن منكر ,ووقوف في وجه الظلم والطغيان , وفيها منافع وخير يتمثل في تحقيق الغاية التي كلف الإنسان بتنفيذها والقيام بها في الحياة الدنيا.

لقد وجه القرآن الكريم والسنة المطهرة الناس إلى أهمية الشورى وعدم إهمال الآراء المختلفة فقال تعالى "وأمرهم شورى بينهم "والشورى فيها نعم عظيمه لأن فيها استماع لكافة الآراء المختلفة والأخذ بأفضلها .

  في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وزعت ثياب على الناس ,وكان لعمر رضي الله عنه حصته من تلك الثياب000 ,صعد المنبر ذات يوم وقال أيها الناس اسمعوا وأطيعوا فقام رجل من الحضور فقال: يا عمر لا سمع ولا طاعة حتى تخبرنا من أين لك هذا الثوب الذي ترتديه  وكان الثوب كبيرا أكبر من ثياب الآخرين  ؟!!!

فقام بعض الناس يريدون إخماد صوته  وتكبيل فمه ,فزجرهم عمر رضي الله عنه وقال لهم: لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها ,قم يا عبد الله أخبر القوم عن أمر الثوب, فقام عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقال يا قوم إن أبي رجلا ضخما لا يكفيه ثوب واحد لذا أعطيته ثوبي ليطيل به ثوبه ,فقال الرجل: الآن سمعا وطاعة يا عمر .

ان هذه البيئة وهذه الأجواء هي التي سمحت  للمجتمع  بالنمو والتطوره وانفتاحه على الآخر, حيث ساد العدل وانتشر الأمن, وحققت الأمة بسنين قليله المعجزات الكبيرة لأن الدول تنمو وتتطور عندما يكون فيها الرأي الآخر حيا , بحيث يكون مراقبا ومصححا لمسار الرأي الأول وتتعاون كافة الآراء والقوى من أجل صياغة النظام السياسي ,والاجتماعي والاقتصادي  بكل شفافية .

أما مجتمع العبيد- الذي يحرم فيها حرف لا- فإنه لا يبني دوله حقيقية لأن أهم أسباب البناء والتطور شعور الفرد بأنه حر, ومستقل وقادر على الاختيار ,وهو مفتقر دوما لهذه المواصفات, فهو مجتمع غوغائي بعيد كل البعد عن التفكير المنظم والسلوك المدروس , بل يشبه إلى حد بعيد مجتمع القطيع الذي قد يساق إلى الهلاك دون وعي؛ فأوله في صحن المذبح وآخره يرقص طربا !!!

إن المصرون على الاستمتاع بطعم العبودية - وما أكثرهم – لن يكونوا ذخرا لمجتمعاتهم, ولن يخسر الوطن كثيرا بفقدانهم, بل سيتخلص من الحمولة الزائدة التي تثقل كاهله لأنهم آثروا  استمراء الذل ومتطلباته من اجل عرض زائل ومصلحة خاصة , فمهارة التبعية والخضوع والاستكانة التي يتقنونها لا تكلفهم إلا طأطأة الرؤوس والتصفيق ,وتزيين الباطل والمنكر وشهادة الزور ضد الوطن والمواطن .

من هذا المنطلق فإننا نقول بأن الصنف الذي لا يحسن إلا قول( نعم ) لن ينتج جيلا حرا ومنتجا لأنه كما قيل "إن ولادة مقموعه يعني ولادة جيل من المقموعين ".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد