مصر الى اين؟

mainThumb

16-07-2013 01:26 PM

الكل تابع ويتابع ما يجري على الساحة المصرية من احداث متسارعة كان اخرها عزل الرئيس مرسي بانقلاب عسكري اطاح بكل انجازات الشعب المصري نحو الديموقراطية, هذا الانقلاب رغم تردد العديد عن وصفه بهذه الصفة ورغم اعطائه العديد من المسميات منها اعادة روح ثورة الخامس والعشورون من يناير والنزول عند الارادة الشعبية وما الى ذلك من مسميات تجميلية للوجه القبيح لهذا الانقلاب الذي بدات معالمه تظهر علينا, فلا يمكن ان تطيح ارادة شعبية بشرعية جاءت باردة شعبية؟ ولا يمكن لارادة شعبية ان تلغي رئاسة شرعية ودستور شرعي و مجلس شورى شرعي, هي في نهاية المطاف تعتبر انجازات ديموقراطية شاركت فيها المعارضة عبر تصويتها من خلال صناديق انتخابات شرعية سواء قبلت ام لم تقبل بها, ولو انهم ترفعوا على مصالحم الشخصية ووضعوا مصلحة مصر وشعبها وامنها وجيشها فوق كل هذه المصالح لادركوا معنى الديموقراطية والشرعية التي حققوها و لما اطاحوا بكل انجازات ثورتهم التي افرزتها صناديق الاقتراع وشهد لها العالم بالنزاهة بمختلف مواقفه من مصر , اننا نقول هذا ليس دفاعا عن اي فصيل في مصر فقط للحق وللتاريخ الذي لن يرحم اي كان تامر سواء بالكلمة او المال او الفعل على هذه الثورة المجيدة والتي اطاحت باعتى طاغية باع ثروة وسمعة ومكانة مصر العظيمة لاكثر من ثلاثين عاما.

اننا نقول هذا خوفا على مصير اكبر دولة عربية مجريات الاحداث فيها تعصف بكل العرب وذكريات نتئج معاهدة السلام الاسرائيلية المصرية وكامب ديفد لا زالت ماثلة امام اعيننا كيف انها فتت واضعفت العرب عندما اخرجت مصر من موقعها القيادي العربي وما نعاني منه الان هو جزيء من مخلفات واثار هذه الاتفاقية , ان الغاء الشرعية المصرية والقفز على كل ما حققته كان خطأ كبيرا ارتكبته قيادة الجيش المصري لما له من ارددات سلبية على الساحة المصرية, فقد عمق الجراح وزاد من حدة الخلاف واصبح اللقاء شبه معدوم ما بين الخصوم السياسيين على الساحة المصرية , لقد فقد الجيش مصداقيته لدى فريق كبير يمثل اكثر من نصف الشعب المصري عندما اصطف لجانب الفريق الاخر, كان المفروض ان لا تنزلق قيادة الجيش المصري الى هذا النفق المظلم الذي بداءه بما سماه خارطة طريق بدأت بالغاء كل ما هو شرعي وانتهت بتعيين رئيس غير منتخب وتشكيل حكومة مؤقتة عبر تحقيق مصالحة وطنية وضمان حرية الاعلام, وهنا المضحك المبكي فكيف تقوم بمصالحة وانت تقصي فريقا يمثل نصف الشعب وهو المكون الاسلامي؟ تعتقل قياداته وتحجزعلى اموالهم وتمنعهم من السفر وتوجه التهم لهم يمينا وشمالا وتترك الباب امام خصومهم خاصة في القضاء للاقتصاص منهم؟ ثم تبادر باغلاق جميع محطاتهم الاعلامية وتدعي حرية اعلامية؟, كل هذا لا يمكن ان يمثل خارطة طريق تؤدي في النهاية الى مصالحة وطنية بل هي ستجر مصر الى نفق مظلم ليس له اول من اخر وربما تلحقها بالدول الغير مستقرة امنيا, وهذا لاسف ما ظهرت بوادره في سيناء من مظاهر وعمليات مسلحة وفي ميادين مدن مصرية مختلفة من اعتصامات وعصيان مدني ادى الى مجزرة تقشعر لها الابدان امام قيادة  الحرس الجمهوري.

ان قيادة المعارضة اخطأت عندما شجعت على اقحام الجيش المصري في خلافاتها مع الحركات الاسلامية, لانه سيف ذو حدين فاذا كان الاسلاميون اليوم هم الذين يلاحقون ويزجون في السجون ويرسلون الى المحاكم ويضيق عليهم اعلاميا باغلاق جميع محاطاتهم, فان غدا لموعده قريب وسيكون الحبل كما يقلون جرار ولن يسلم منه حتى هذه التيارات التي ساندت الجيش, كان عليهم ان يدركوا ان الاسلاميين رقم صعب على الساحة المصرية ولن يسكتوا على الاطلاق على ما يحدث لهم وبالتالي سيردون بالطرق التي يرونا وحسب حجم التضييق, لقد خسرت قيادات المعارضة فرصة عظيمة للعمل ضمن الحرية والديموقراطية التي افرزتها ثورة الخامس والعشرون من يناير حتى لو كانت منقوصة فهي افضل بكثير مما ستفرزه ديموقراطية الجيش في المستقبل, كان بامكان المعارضة مقارعة الحركات الاسلامية بطرق شرعية كفلها لها هذا الدستور والذي لم يعجبها , فهذا الدستور اعطى صلاحيات للحكومة اكثر من رئيس الجمهورية وبالتالي كان بامكانهم استغلال هذه الصلاحيات والتحضير للانتخابات وصرف الاموال والوقت على برامج تستطيع فيها الحصول على الاغلبية البرلمانية و تشكيل الحكومة وبعدها يمكن الانقضاض على رئاسة الجمهورية, بدل اضاعة كل هذه الاموال والجهود في مظاهرات ادت الى انقلاب عسكري اطاح بكل منجزات الثورة واعاد البلاد الى عصر ما قبل الثورة, هذه حقيقة ان لم يدركها هؤلاء الذين يسمون انفسهم ثورة تمرد وجبهة انقاذ الان فسوف يدركون نتائجها قريبا عندما يتم دبلجة الدستور والانتخابات لتبعدهم وتاتي بالنظام السابق ولكن بنسخة معدلة ومصنعة باسم الثورة الشعبية وسوف يتذكرون حينها ان تمردهم ادى الى وأد الشرعية والديموقاطية وانقاذهم كان فقط للنظام البائد وصدق المثل القائل اكلت يوم اكل الثور الاسود.

ان قيادة التيارات الاسلامية هي كذلك اخطأت كثيرا واول خطا لها كان الترشح لانتخابات الرئاسة والاتيان برئيس ضعيف (خبرة وحنكة سياسية) فاقم هذا الضعف السيطرة على قراره من قبل قيادة هذه التيارات, مما قزم صورته وهمش دوره وجعله رئيسا ليس لكل المصريين بل لفئة مصرية واحدة, وكما يقولون جاءت القشة التي قسمت ظهر البعير لتاكيد هذه الصورة حين دعت المعارضة للتظاهر بميدان التحرير ضد ما قرره من قرارات بخصوص ضعف حكومة قنديل واخطائها وعزل النائب العام والاعلان الدستوري و خروجه امام قصره ليخطب من على خشبة مسرح الموالين له ولقراراته وجلهم من التيارات الاسلامية بدل ان يتوجه بخطابه هذا لكل المصريين مما افقده الكثير من مؤيديه في الفصيل المعارض وحشر نفسه ضمن فصيل ولون مصري واحد, بعدها توالت اخطاؤه الواحدة تلو الاخرى فبدل ان يقطع العلاقات مع اسرائيل ويوقف هدر الغاز المصري تعهد بالمحافظة عليهما ,بل وحاول هو حزبه استرضاء الامريكان والاسرائيلين بشتى الطرق منها الابقاء على العلاقات الديبلوماسية مع اسرائيل ورعاية الاتفاق ما بين حماس واسرائيل والتعهد علنا بالمحافظة على كل العهود والاتفاقيات معها ظنا منه انه سيحمي او يطيل من بقاء حكمه حتى يتمكن هو وجماعته من الحكم حسب تكتيكاتهم ونسي ان هؤلاء اذكى بكثير مما يتصور هو وجماعته وانهم تنكروا لكل عملائهم في المنطقة بل وساعدوا على الاطاحة بهم وزجهم بالسجون, وما مبارك الاعينة منهم, ان استبعاد المعارضة والسيطرة على الحكومة بدل اسنادها لاحد قياديها هو خطأ كبير قام به الرئيس مرسي ومن وراءه الجماعة و هو حنث بعهد اخر لهم وعدم الوفاء لما قطعه هو وجماعته على نفسهم بمشاركة الاخرين في الحكم, بعدها جاء اكبر خطأ وباعترافه وهو اصداره القانون الدستوري المعدل والذي اعطى لنفسه صلاحيات مطلقة مما افقده المصداقية والثقة امام معارضيه وجاءت تراجعاته تحت الضغط لتظهر ضعفه وقلة حيلته ليس امامهم بل اما الجيش المتترص به .

ان كل هذه القرارات الخاطئه وحدت الصديق والعدو في الساحة المصرية ضده وضد ما هو اسلامي على الساحة المصرية واوجدت تربة خصبة للمؤامرات الخارجية من مال سياسي واعلام مضلل للعمل وبحرية لحشد ما تم حشده يوم الثلاثين من شهر يونيو الذي ادى الى الاطاحة بحكمه وبالتالي حكم التيارات الاسلامية, وسواء فشل الرئيس ومن ورائه التيارات الاسلامية  او افشل هو و التيارات الاسلامية كان عليه وعليها تقبل النتائج التي اصبحت حقيقة وفرضها الشارع ,ولو عدنا فقط لخطاب الرئيس في ميدان التحرير اما الحشود من كلا الطرفين الذان اصبحا متخاصمين فيما بعد الذي قال فيه انه لو تظاهر ضده عشرة مصريين لقدم استقالته, فكيف غاب عنه الملايين من المتتظاهرين الذين يهتفون له ارحل ارحل؟ , اليس الاحرى به مواجهتهم بكل شجاعة و تقديم استقالته انذاك؟ اليست الاستقالة كانت حينها اقل الضرر له و لكل التيارات الاسلامية؟ الم تكن لتحسب حينها له وللتيارات الاسلامية على انه تسامح ونزول عند رغبة الجماهير وللحفاظ على الوطن؟ الم يكن الوطن اكبر من المصالح الشخصية وكراسي الحكم؟ اليس المفهوم الاسلامي في كل المذاهب هو ارادة ورأي الشعب؟ نعم الرئيس مرسي جاء عبر صناديق الاقتراع ويمكن ان يذهب بنفس الطريقة ولا احد ينكر هذا ولكن الم يكن ما راه من جموع شعب مصرية غاضبة عليه وعلى قراراته كافيا لكي يجنب البلاد والعباد كل ما يحصل الان؟ ولكنه على ما يبدوا اما نسي كل كلامه مرة اخرى او اجبر على النسيان ,مع كل الاحترام نقول له وللتيارات الاسلامية ليس مقبولا بالذات منكم اي عذر لانكم تتدعون انكم اهل دعوة والمفروض بكم ان تكونوا قدوة للاخرين بالوقاء بالعهود والتسامح والعفو,لهذا قسونا عليكم.

اخيرا نقول اولا: لقيادة الجيش المصري ان عليها تصليح خطاها الكبير وعدم الزج بالجيش في هذا الصراع لان الاصرار على هذا الموقف سيؤدي لا سمح الله الى تفتيت الجيش مهما تغنوا في تماسكه وعلى السيسي ان يعرف ان افراد الجيش المصري هم في النهاية افراد من الشعب المصري لهم ميولهم ومواقفهم المختلفة ,وان تتطور الامر سؤا وراو لا سمح الله  اهلهم واخوتهم وبناتهم وابناءهم يقتلون فسوف تكون المصيبة التي لا احد يتمناها للاخوة في مصر, عودوا بالله عليكم وصوبوا الاوضاع قبل فوات الاوان وتخرج الامور من ايديكم, و هنا لا نعني بهذا اعادة الرئيس مرسي على الاطلاق ولكن هناك الف حل وحل اذا ما وجدت الارادة والنية الصالحتين ونحن لا نشك في توفرها لا في قيادات التيارات الاسلامية ولا في القائد السيسي فكلهم مصريون وطنيون احرار ,ولا يراودنا ادنى شك بحبهم لمصر قوية , اما ثانيا: فنقول لطرفي النزاع عليكما ان تجلسا مع بعضكم البعض و تتصارحا وان ينزل الجميع عن الشجرة ونخص بالذات التيارات الاسلامية ,كفى مكابرة وتزمت وما ذهب لا يمكن ان يعود والزمن يسير الى الامام ولم يعد يوما الى الوراء هذه حقيقة , عليكم مراجعة كل سياساتكم الفاشلة والتعلم منها والمساعدة في لم الصفوف ليس الحزبية بل والمصرية , عليكم ابراز شيء من التسامح والعفو والذي امرنا به نبينا عليه الصلاة والسلام مع اعداءنا فكيف ان كان مع اخواننا واهلنا فانتم قبل ان تكون رواد حكم انتم بالاصل رواد دعوة ورسالة دينية مليئة بالحب والعفو التسامح , عودوا الى صوت العقل واستعدوا للمستقبل, اما فصيل المعارضة فنقول لهم عليكم التنبه الى ان كل اموال الدنيا الخارجية لن تصلكم الى الحكم او اجتثاث اليتارات الاسلامية او حتى اقصاءها قفبلكم حاول من زمن عبد الناصر مروا بالسادات ووصولا الى مبارك , هذه حقيقة وعليكم ان اردتم الوصول الى الحكم ان تدركوها وتحاولوا ايجاد قواسم مشتركة مع التيارات الاسلامية من خلال برامج حقيقية وطنية مصرية ونحن لا نشك باي وطنية لاي احد فيكم , ولكن ابتعدوا عن التجييش وشيطنة الحركات الاسلامية لان الذي دائما يتوقع الشيطان ربما يصبح حقيقة ويخرج له فاياكم والانتقام ومحاولة التقليل من الطرف الاخر ليس من اجلكم بل من اجل مصير مصر ام الدنيا , مصر لا يمكن ان يبنيها الى اهلها على مختلف طوائفهم ودياناتهم ومذاهبهم واعتمادهم على بعض دون تخوين أوتكفير ,على الجميع ان يدرك ان ما يحصل من تجييش من قبل الطرفيين لم يعد مقبولا ويجر مصر الى مصير مجهول ليس فيه مصلحة لاحد.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد