العنف الجميل

mainThumb

10-10-2013 11:07 AM

 عمليات التجميل للعنف ما زالت مستمرة بكل أنواع العنف البشري و أشكاله الاقتصادية والدينية والعسكرية والاجتماعية من خنجر قابيل حتى  ماوس  إدوارد سنودين ، وما زالت الشعوب تدفع الثمن خوفاً وقلقاً وجسداً وروحاً ، وكأن قابيل لم يغادر الأرض بعد ، فقد سكن أجساد أصحاب النفوذ وصانعي العنف ، وكأن الشعوب والمستضعفين من الدول والحكام هم هابيل .

كلنا نمارس العنف على كلنا ، ففي الاقتصاد نرى الرجل البخيل يسمى بخله اقتصاداً ، والدولة المنهوبة خيراتها تسمي رفع الأسعار والضرائب جهد وطني ، وفي الدين نسمي تفجيرات القتل استشهاداً ، وتدمير المدن جهاداً حتى الزنا أصبح جهاد مناكحة ، وفي القوة العسكرية نسمي قصف الطائرات بلا طيار مكافحة الإرهاب وقتل المتظاهرين الأمن الوطني ، وضرب وتعذيب المواطنين مقاومة العنف الغوغائي ، وفي القضية الاجتماعية فبيع الأجساد مهنة للعيش ، هذه كلها ممارسات فردية ودولية قد اعتدناها ، ورضخنا لأمرها ، ولم نعد نفكر فيها حتى أصبح من حق الكل التغول على الكل و أصبحنا نقتنع بعمليات التجميل لكل هذه الممارسات اللإنسانية ، وبالمسميات الفارغة تماماً من مضمونها .

وجاء إدوارد سنودين ليكشف لنا الوجه الحقيقي لأمريكا ، وما سوف أقوله من معلومات كشفه سنودين نفسه لكن لم تكن عندنا أية ردود فعل ، وكأن معلومات سنودين أمر شخصي بين روسيا وأمريكا ، ولا تخصنا كأمة عربية .

كشف خبير المعلوماتية الأمريكي إدوارد سنودين عن برنامج  بريزم  ، وأن وكالة الأمن القومي الأمريكية هي التي تُشرف عليه وهو برنامج أمريكي للتجسس الإلكتروني الشامل على جميع الاتصالات والشبكات الاجتماعية والبريد الإلكتروني والمحادثات الخليوية للأفراد والدول كافة ، وأيقظ هذا الكشف المذهل للتغول الأمريكي على العالم برمته صراع الحرب الباردة بين روسيا وأمريكا ، وكان من المفروض أن يوقظ ما تبقى من أحاسيس فينا للدفاع عن خصوصيتنا الفردية والوطنية والقومية ، ونرفض هذا التنصت والتجسس الذي يلغي أية خصوصية لنا والذي أسماه سنودين القوة الناعمة للعولمة ، أية عملية تجميل لكل هذا العنف ضد الإنسانية جمعاء !!

متى يخرج قابيل من أجساد قادة العنف وصانعيه؟ ومتى نرفض المشاركة بتمثيل دور هابيل ، وهل محكوم على العالم أن يكون أحد الاثنين ؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد