ليست الديمقراطية بالأحزاب

mainThumb

12-12-2013 05:29 PM

ليس الحديث عن الأحزاب بجديد,وليس هو بجديد عن الديمقراطية,ولكن ما يلفت الانتباه في المحتوى الثقافي الذي تعبر عنه الآراء المختلفة حول هذين الموضوعين من أطراف معنية بالعمل الحزبي,وبالنشاط السياسي الذي تقوده بحراكات تظاهرية بمناسبات تحاول استغلالها للترويج لفكرها ولمبادئها والتعبير عن مطالبها مستهدفة المؤسسات الحكومية بشكل مباشر.

أقول ما يلفت الانتباه يكمن في الصيغ التقليدية في الكتابة عنها والخطابة حولها والحوار في معانيها وفي مضامينها العامة منها والخاصة.

هذه الصيغ التي يحتاج جلها إلى مراجعة مستنيرة بما آلت إليه ظروف التغيير التي تشهدها المجتمعات ليس في تقنيات تشهدها آليات العمل المهني المتعدد المجالات ومتنوع الأدوات والوسائل والإنشائية وفي وسائل الاتصالات والتواصل والتنقل والانتقال المدهشة,وإنما أيضا  في تأثير كل ذلك على المحتوى الثقافي لكل الفكر السياسي,والفكر الاجتماعي ودور الفرد في مجتمعه الذي بلورته قيم عديدة نشأت عنها وتواصت بها القيم الإنسانية العامة.


لم يعد العمل الحزبي هو العمل المباشر لدور الفرد السياسي.ولم تعد الأحزاب الوسيلة التنظيمية الوحيدة التي تمكن المواطن من المشاركة النشطة في فعاليات مجتمعه وقضاياه.

الأحزاب العقائدية المقولبة الأهداف والغايات والمبرمجة الوسائل والغايات لم تعد قادرة على أن تقي نفسها من الانقراض بعد موجات من الفشل,بغض النظر عن الأسباب التي ساقت تلك الأحزاب إلى الفشل المتكرر,الذي يعود في أحد أهم أسبابه إلى تلاعب تلك الأحزاب بالديمقراطية وقيمها لغايات الوصول إلى السلطة ومن ثم التنكر لها إن لم تكفر أصحابها,الذي لم يتعد كونه بعثرة كلام عن الديمقراطية وعن القيم التي تلازمها بالضرورة التكوينية لسياقاتها المعروفة.



الأحزاب العلمانية,والليبرالية,والشكلية التابعة لنظم الحكم المفبركة للممارسة الديمقراطية بإجراء الانتخابات مسبقة النتائج,والاستفتاءات معلبة الرأي والنتيجة,تلتقي في معظمها عند نفس الغايات وتشابه الأهداف,وتطابق الخطاب الاقتصادي,وتماثل السياسات,وتلتقي عند نفس الصياغات في بياناتها التأسيسية,وفي برامجها السياسية,وفي خطابها الجماهيري المنافق,وإن لم يكن بنية النفاق وإنما لعجزها عن التمثل بالأهداف التي تضعها لنفسها اعتباطا وتضليلا.

وما زالت الخطابات الحزبية وبياناتها,تمارس خطيئة بادعائها تمثيل آمال الناس وطموحاتهم ,والمعبرة عن آمانيهم ,والحديث بإسم الشعب,وإنها تسعى لتحقيق أهداف المواطنين ونقلهم إلى مجتمع الكفاية والعدل ...حكايات لم تستح من مثل هذه الادعاءات التي تتناقض مع طبيعة العصر الفكرية والعلمية والثقافية,وتتغاضى عن طبيعة تكوين المجتمع وقواه التعددية والمتنوعة.ويخفون من وراء كل ذلك النفاق الخطابي العشوائي في مفاهيمه للوصول إلى السلطة التي تمثل لهم الهدف الأسمى الذي تطمح إليه قيادات شخصية ومستمرة في دورها رغم تغير الزمن وتغير الحال ورغم التحول الذي تشهده المجتمعات نحو التوافق,وحق المشاركة لكل قوى المجتمع ومكوناته في إدارة الشأن العام,وفي الحفاظ على وحدة الوطن بالتسامح والتعاون والاعتراف بحق الآخر ودوره,وتنحية الأطماع الشخصية في السلطة بأي مستوى من مراكزها.تفعل الأحزاب كل ذلك وأكثر,ثم تشكو من ابتعاد الناس عنها,ونقص كوادرها افتقارها إلى القدرة على الاستمرار,بل وتطلب من السلطة دعمها!!!.

الدور اليوم في المجتمع لم يعد مقتصراً على تنظيمات حزبية,فلم تعد الحاجة إليها ضرورية وإنما الحاجة العصرية للعديد من مؤسسات المجتمع المدني المهنية,والحرفية,والثقافية,والاستثمارية,والنقابية,وجمعياتها ومنتدياتها..دور الحزب,أي حزب تجمع نخبوي والنخبوية اليوم داء معزز للفساد والفشل في التماهي مع وتائر التقدم والتطور.العصر عصر التوافق بين كافة الأطراف والقوى دون تهميش لأحد أو استثناء لرأي,و دون ادعاء بالفوقية والتميز والطلائعية .....



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد