المواطن ليس بحاجة إلى فكر حزبي

mainThumb

04-01-2014 05:03 PM

من أكبر الأخطاء التي ترتكبها الأحزاب بشكل عام,والأحزاب الأيدولوجية بشكل خاص, هو خطأ  ظنها أن المواطنين بحاجة إلى فكر حزبي,, وإلى أيدولوجيا بعينها, كي ينعم الوطن بالاستقرار والرفاه.

ويظن كل حزب من هذه الأحزاب أن ما يحمله من فكر وما يقيد مساره من أيدولوجيا وما يوجه سلوك أعضائه وحركتهم السياسية وما يرفعه من شعارات وما يغلف أهدافه هو ما يفي بتلك الحاجة, فيقبل الناس طلباً للانضمام إلى صفوف الحزب زرافات ووحدانا.

يحدث كل هذا التأمل مع علم قيادات كل حزب بوجود أحزاب أخرى لها فكر يتناقض فيما بين الفكرالحزبي لكل منها,وأيدولوجيا تتقاتل في الساحات العامة,وتختلف مناهج كل حزب عن مثيلاتها في الأحزاب الأخرى اختلافات بينة,ويتغاضون أو يتجاهلون بخبث عن تضارب المصالح الحزبية فيما بينها,وتضارب الأهداف التي يتبناها كل منها. وهذا في حد ذاته ينبؤنا عن مستقبل الأحزاب في وطننا العربي بالتحديد في غياب النظم الديمقراطية المتكاملة الركائز والأركان مع الحرية ومع التعددية.

تجهل الأحزاب ما للتعددية الفكرية والسياسية والأيدولوجية من دور فعال في إحياء سمة الحوار البناء بينها والمتصف بالندية المنبثقة عن حسن النية  لدى كل طرف من أطراف الحوار في الوصول بالمجتمع إلى بلورة قيم التعددية التي تجد في كل مكون من مكوناته سنداً قوياً في تبني التوافق الذي تلتف حوله الآراء المتعددة, والتسامح الذي يبني الثقة بين المواطنين من كافة الاتجاهات والانتماءات.والدليل الذي لا يقبل الإنكار هو في تاريخ الصراع الذي وجدت الأحزاب المختلفة نفسها فيه تكيل بعضها السباب والاتهامات من مختلف الأصناف إلى بعضها الآخر,بعضها يكفر البعض الآخر,ومنها من يتهم الآخر بالعمالة مع الأجنبي,ومنها من يتهم الآخر بالتواطؤ مع القوى الرجعية.يمنها يبني حواحز صلبة بينه وبين اللقاء مع الآخر,وبعضها يقيم جداراً حول نفسه أقبح شكلاً وغاية من جدران الفصل العنصري التي أقامتها قوى الاحتلال والرؤى العنصرية المتعصبة.يمينها يخون يسارها,ويسارها يحجر على يمينها,فتنحسر مساحات اللقاء بين أطرافها,وتتقلص فرص التحالفات إلى حدود شديدة الضيق والكتمان.

حاضر الأحزاب السياسية في الأردن خاصة,وفي الدول العربية عامة,متماثل إلى حد بعيد. فهي كلها من تقلص عدد أعضائها,وابتعاد مناصريها عنها,وانكفاء محبيها ومؤيديها عن التماهي مع خطابها السياسي,ومعارضتها الفجة وحراكها المتخبط وراء أحداث يومية,تتقلب نتائجها بين السلبية والإيجابية على مجمل الوضع الاجتماعي العام,دون أن تنقلب معها خطابات المعارضة التي تصر على الرفض والتحدي الفارغ من أي مضمون يشكل بديلاً لحل مقترح,أو سياسة معلنة.

بعض هذه الأحزاب يشكو من حاجته إلى دعم مالي حكومي أما لماذا فلا تعترف بأنها بذلك إنما تمثل تجمعاً خيرياً لكن بدون فاعلية,ومشلول الحركة النقدية,ومعارضة مترددة لسياسات يرى المواطنون فيها عواراً.

وبعضها وقد جمع  ثروة ضخمة من المال,فسخرت مواردها المالية للعمل السياسي الذي يخدم مصالحها التنظيمية, فاصطبغ المال بصبغة المال السياسي وهو مال ملعون وطنياً وأخلاقيا.

فقدت الأحزاب ريادتها الفكرية, ولم تعد الوطنية شعاراً خاصاً يبرر لها تصدر العمل السياسي والاجتماعي, فقد تخطت المجتمعات العربية آفة الأمية السياسية, انتشرت المعرفة وتراكمت المعلومات وأصبحت المواقف السياسية المحلية والدولية في متناول الجميع, بالكلمة المقروءة بوضوح والصوت المسموع بنقاء والصورة الواضحة المباشرة, ولم يعد الخطيب المفوه قادرا على قول مايريد ظاناً غيره لا يعلم ما يريد, فقد أصبح المواطن يعلم ما يريد ومنهم من تجاوز في فكره فكر الأحزاب وتفوق في مناهجه على مناهجها في خدمة الوطن والمواطن.

أحزاب بدون ديمقراطية حقيقية,عبث فكري,وأحزاب بفكر شمولي,شوفينية بغيضة لم تعد قادرة على الحياة مع المواطنين في مجتمعاتهم التعددية المعاصرة.والأحزاب في عير النظم الديمقراطية بحاجة إلى مراجعة نقدية صارمة لمبادئها ولأهدافها وتوجيهها نحو البحث عن السبل التي تحقق فيها مجتمع التعددية, الحرية, الديمقراطية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد