العملة الوطنية أهي الدينار .. أم الدولار ؟
يكثر التساؤل بين الحين والآخر حول قضية ارتباط الدينار بالدولار وهل مازال الدينار محافظا على قيمته وإذا ما كان قد حل فعليا وعمليا مكان الدينار وإذا ما كان علينا التعامل مع الأمور المالية والرواتب وما عدا ذلك بواسطة الدولار واستنادا إلى قيم الدولار وتغيراته وليس الدينار وهنا فاني ارغب في أن أدلي بدلوي في هذا الأمر .
إن عملية ربط الدينار بالدولار ليس أمرا جديدا او فريدا حيث انه كان قد تم ربطه مع العملات الصعبة على شكل سلة عملات أو بوحدات السحب الخاصة وقبل كل ذلك بالجنيه الإسترليني, أما ارتباط الدينار حاليا بالدولار والمستمر منذ عام 1989 فقد جاء على اثر انهيار الدينار في ذلك العام والذي تسببت فيه سياسات الحكومة وأيضا المؤامرة التي حيكت من قبل أطراف خارجية بالتعاون مع فعاليات اقتصادية كبرى وسحب ودائع ضخمة من العملات الصعبة من البنوك الأردنية كانت كلها تقف خلف تلك الكارثة الاقتصادية وحينها ارتفعت الأسعار وحدثت ما اصطلح على تسميته "ثورة الخبز"وخاصة في مدن الجنوب وخاصة الكرك.
قبل ذلك العام وتحديدا في شهر كانون الثاني مع 1988 قمت أنا شخصيا بتصريف الدينار وشراء دولارات بحدود 28 قرش للدولار أي أكثر من ثلاث دولارات لكل دينار وهو السعر الذي كان سائدا حينها ( دينار=3 دولارات) وكان الوصف الدائم للدينار الأردني بأنها عملة قوية ووصل الأمر أحيانا بوصفها بأنها عملة صعبة مقارنة مع الليرة السورية واللبنانية والجنيه المصري وحتى الريال السعودي. لكن كذلك تغير ومنها هبطت قيمة الدينار بشكل كاسح حيث قمت ببيع الدولار في شهر حزيران من العام اللاحق إي 1989 بدينار وخمسة قروش ( 1دولار =1.05 دينار ) ووصل سعر الدولار حينها ما بين 95 قرش إلى 115 قرش (1.15 دينار ) يعني الدينار نزلت قيمت لأقل من الثلث خلال أشهر.
ما جرى طبعا هز الثقة بالدينار كعملة قوية وبالاقتصاد الأردني الذي ادخل لاحقا ذات العام "غرفة إنعاش" البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبدأت سلسلة "برامج التصحيح الاقتصادي" التي لم تنتهي إلى لحظة كتابة هذه السطور عام 2014 ولم تنتهي معاناتنا الاقتصادية منذ تلك السنة المشئومة من عجز في الموازنة وعجز الميزان التجاري وتعاظم المديونية إلى أرقام خيالية وتراجعت نسب النمو وتآكل الدخول وبالتالي تراجع مستوى المعيشة نتيجة التضخم وعدم مواكبة الزيادة في الدخول مع هذا التآكل والتراجع بالقوة الشرائية للدينار.
كما شهدنا طبعا الأرقام الفلكية لمعضلتي الفقر والبطالة وارتفاع مستوى الجريمة وتغول الفساد وبيع مقدرات الوطن وثرواته ومقدراته الكبرى تحت مسمى الخصخصة وظهور طبقة المحتكرين ومراكز النفوذ والقطط السمان "على رأي المصطلح المصري" وما يسمى بالليبراليين والذين اثروا على حساب باقي الشعب واعملوا بالبلاد فتكا ونهبا عبر سياسات حيث تم وضعهم في مراكز مؤثرة لأجل تطبيقها ومن ثم تمت مكافأتهم على ما قاموا فيه من أعمال التخريب والنهب بغياب الضمير والقيم الأخلاقية والمحاسبة والاهم غياب أدوات الرقابة والمحاسبة من أجهزة مختصة وبرلمان ومنظمات مجتمع مدني وإعلام حر وجريء.
والآن لنتحدث عما يطرحه البعض حول أن عملتنا الوطنية الآن هي الدولار وليس الدينار ... وأن أية علاوة أو زيادة على رواتب العاملين يجب أن تحسب بالدولار ... الصحيح أن تراجع قيمة وحضور الدينار ليس سببه الدولار بل العكس هو الصحيح لأن الدولار حين ربطنا فيه الدينار وما زال مربوطا فيه, حفظ استقراره وأبقاه حاضرا وفعالا وأي تذبذب بقيمة الدينار صعودا وهبوطا هي تتواكب مع التذبذبات التي تحدث للدولار ذاته مقابل العملات الصعبة الأخرى مثل اليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني.
نعم لقد خسر الدينار الأردني من قيمته الكثير نتيجة الأسباب السابق ذكرها وكذلك خسرت الرواتب والأجور من قيمتها الفعلية الشيء الكثير, أي خسرت قوتها أو قدرتها الشرائية, بمعنى أنها لم تعد تكفي لشراء ثلث أو حتى ربع ما كانت تشتريه من منتجات وخدمات أساسية أو رفاهية قبل أعوام قليلة.
من جانب آخر, يجب أن نعترف بأن الدينار ما زال هو العملة الوطنية وهو ما زال قويا بحكم ارتباطه الثابت مع الدولار وبحكم "قابليته للتبديل" بسهولة لعملات أخرى الصعبة منها والمحلية الشبيهة به, وكما يدعم الدينار الأردني وثبات قيمته واستمرار قوته من الجهة الثانية هو وجود رصيد كبير من احتياطات العملات الأجنبية الصعبة والتي تقدر بما قيمته 12.4 مليار دولار مع نهاية العام 2013 وهذا المبلغ هو حصيلة لقيمة الصادرات الوطنية وتحويلات المغتربين والاستثمارات الأجنبية والمنح والمساعدات الخارجية (عربية وأجنبية) إضافة طبعا للقروض التي تقوم باستدانتها الحكومة الأردنية باسمنا جميعا من الجهات الخارجية.
تقوم الاحتياطات النقدية من العملات الأجنبية الصعبة بتأمين ما نحتاجه من مال لدفع قيمة فواتير المستوردات على أنواعها وخاصة فاتورة النفط وكذلك تغطي التحويلات المرسلة من قبل العمالة الوافدة إلى بلدانهم إضافة لتأمين دفعات الأقساط اللازمة لسداد الديون الخارجية سنويا وكما تغطي الكلف الكبيرة للسياحة الخارجية للأردنيين في دول الجوار ودول العالم وغيرها الكثير من المتطلبات والكلف المالية التي تذهب للخارج ( سفارات وإرساليات وبعثات دبلوماسية وأجور سفر وإقامة ومياومات للمسئولين الرسميين الأردنيين ) .
إذا مشكلتنا الحقيقية ليست كما يظن البعض بأنها ناتجة عن الشك بأن الدينار لم يعد العملة الوطنية, فهو ما زال بحق عملتنا الوطنية وإن كان متكئا على الدولار ولا يتم أي تعامل داخل الأردن بغيرها إطلاقا سوى من قبل الأجانب وبعض الحالات الفردية عندما ينفق بعضنا كل راتبه الأردني في منتصف الشهر ليمد يده إلى جيبة ليرى إن كان لديه بعض دولارات أو أية عملة صعبة بقيت من رحلة خارجية أو هدية من احد الأقارب المغتربين.
إن المشكلة الحقيقية التي أراها حاليا وهي مستمرة منذ سنوات طويلة, هو جملة من السياسات والممارسات الاقتصادية الخاطئة أو القاصرة أو غير المناسبة التي تتبعها لحكومات المتعاقبة والتي قادتنا وما زالت تقودنا إلى عجز مزمن في كل من الموازنة العامة وعجز تجاري كبير وإغراق البلاد بمديونية تزداد يوميا دون حسيب أو رقيب حيث وصلت إلى أرقام فلكية وتصريحات وزير المالية تقول بوصول حجم الدين العام مع نهاية العام الماضي 2013 إلى نحو 19.3 مليار دينار (27.2 مليار دولار) بارتفاع قدره 3.5 مليارات دولار وبنسبة 15% مقارنة بعام 2012، الذي أغلق على مديونية بلغت 16.8 مليار دينار (23.7 مليار دولار).
هذه السياسات الغير ملائمة والخاطئة من جهة عجزت عن تحقيق نسبا النمو اللازمة لخلق وظائف وبالتالي التخفيف من حدة البطالة والفقر وعجزت عن إطلاق الاقتصاد الأردني الراكد إلى حد كبير من جديد عبر الاستثمارات وعبر الإنفاق الرأسمالي الموجه لتحريك قطاعات اقتصادية رئيسية, كما أدت تلك السياسات وخاصة المتعلقة بما تسميه حكوماتنا تحرير سوق الطاقة وإعادة هيكلة قطاعها مما أطلق موجة جديدة من التضخم والغلاء والتآكل في الدخول وتراجع القدرة الشرائية للدينار وبالتالي استمرارية إضافة أعباء معيشية جديدة على المواطنين.
حدث كل ذلك, في حين تقاعست هذه الحكومات عن القيام بما يجب عليها القيام به من تحفيز للاقتصاد وإيقاف الهدر في المال العام والموارد المالية الوطنية عبر الأبواب الكثيرة وعلى رأسها الفساد وسوء التخطيط والإدارة.كما عجزت عن تحقيق مفهوم التنافسية في السوق المحلي التي تشترطها آليات تحرير الأسواق لتساهم في إيقاف انفلات الأسعار والممارسات الاحتكارية وبالتالي تحقيق التوازن الذي يفرض الأسعار العادلة والمعقولة في الأسواق المحلية وهذا الانفلات أدى إلى مضاعف تأثير الأوضاع الاقتصادية السيئة على المواطنين.
إذا, القضية ليست هي... ما إذا كان الدينار هو العملة الوطنية... أم الدولار... إنما هي سوء التخطيط وضعف الإدارة والانحراف في غايات وأولويات صناع ومتخذي القرار ...
تركيا: تحليل الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي في دولة محايدة
عباس يجدد التزامه بإجراء إصلاحات قانونية ومالية وتعليمية
عطية يهنئ المسيحيين بعيد الميلاد
القاضي يدعو البيئة والإدارية النيابيتين لاجتماع
انفجار عبوة ناسفة في رفح يصيب ضابطاً إسرائيلياً
الأردن يقر تشريعات جديدة تمنع تصدير المعادن الخام
مديريات التربية تنهي استعداداتها لعقد امتحانات تكميلية التوجيهي
كتلة مبادرة النيابية تبحث الوضع المائي في المملكة
وفد طبي تركي يطلع على تجربة مستشفى الجامعة في زراعة الكبد
التعمري يدخل التشكيلة المثالية لكأس فرنسا
الأردن يتراجع إلى المرتبة 105 عالمياً في مؤشر إتقان اللغة الإنجليزية
الأردن يرحّب باتفاق تبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن
نتنياهو يتهم حماس بخرق اتفاق وقف إطلاق النار
وظائف شاغرة بدائرة العطاءات الحكومية
جماهير الأرجنتين تنحني للنشامى بعد نهائي كأس العرب
يوتيوب يعود للعمل بعد تعطله لآلاف المستخدمين
بحث التعاون بين البلقاء التطبيقية والكهرباء الأردنية
القضاء على داعش .. مسؤولية جماعية
الطب الشرعي يكشف سبب وفاة شاب مفقود في الكرك
ارتفاع جديد في أسعار الذهب محلياً
حوارية في اليرموك بعنوان المدارس اللسانية المعاصرة
بدء الامتحانات النهائية للفصل الأول لطلبة المدارس الحكومية
اعلان توظيف صادر عن صندوق المعونة الوطنية .. تفاصيل
رضوى الشربيني في تصريحات نارية
توصيات اللجنة المالية في الأعيان بشأن الموازنة العامة
طفل يسقط تاجًا ذهبيًا بقيمة 322 ألف دولار في متحف بكين
انطلاق فعاليات أولمبياد اللغة الإنجليزية العالمي للجامعات 2025


