ثورتا مصر بعثرتا مخططات الهيمنة - 7

mainThumb

08-03-2014 11:52 AM

  لم تقتصر أخطاء السلطة الإخوانية الحاكمة,وقرارات الرئيس الملتزم بتعليمات القيادة التي يمثلها المرشد العام ونائبه من جهة,وقيادات حزب الحرية والعدالة من جهة أخرى عند حدود السياسيين الأغرار عديمي الخبرة في شؤون الحكم وأدواته ووسائله وأدبياته,فلم يوفروا عداء الأجهزة الحكومية القائمة بكل مؤسساتها الرسمية والمدنية من أحزاب وجمعيات ودعاة الحرية وليس غطاء الشعار بالحرية,فوقعوا في هوة عميقة من تحدي المشاعر الإنسانية,والقيم الأسرية,عندما مارسوا عدءاهم التقليدي كتنيظم سياسي – اجتماعي,للمرأة ودروها في الحياة العامة بكل فعالياتها ومؤسساتها وحركاتها المطالبة بالحقوق والحريات,مارسوا هذا العداء الأخلاقي الخطير على المرأة وهم في الحكم,وربما كان ذلك من أبرز الأسباب التي ولدت الاشمئزاز من سياسة النظام ورؤى زعاماته,إذ لا يمس العداء للمرأة جنس حواء فقط وإنما يتعدى ذلك إلى المساس بمشاعر الأطفال في علاقاتهم الطبيعية بأمهاتهم,ومشاعر الرجال تجاه زوجاتهم,ومشاعر الشباب تجاه أخواتهم وأمهاتم وصديقاتهم وزميلاتهم في الجامعات وفي مراكز العمل ومواقعه وفي الحي والجوار...

    يدرك السياسيون المحنكون,والزعماء الملهمون,والقادة المُختبرون والمُعتبرون بوعيهم أن الموقف من المرأة ليس قضية شخصية,أو مجرد رأي حواري,ولا هو مسألة تتعلق بالفرد فقط,وليست هي,أي المرأة بالمخلوق الذي لا يستقيم إلا بوصاية ذكورية أكل التخلف فكرها ونخر التسوس عواطفها ,لإن المرأة في أي مجتمع متحضر متحفز للتطور والترقي تمثل وجدانيا ً ارتباطات جماعية تمس وجدان كل أبناء المجتمع بمكوناته التعددية والمتنوعة النسب والثقافة والطائفة,والإثنية ....,وتشد المرأة المجتمع بروابط اجتماعية,وعلاقات إنسانية,تبدأ منذ ولادة الإنسان وإرضاعه حليب أمهأمها,و لا يجوز التلاعب بأحاسيس وحساسية الفرد لكل من يتعرض لها بسؤ أو تشويه أو اتهام افتراضي أو احترازي موهوم,أو رغبوي أو بهواجس غريزية بهيمية من شأنها التأثير السلبي على متانة تلك الروابط ومقوماتها وسمو معانيها.

    العداء للمرأة وتشويه صورتها وتحجيم دورها إلى حدود وهمية تحد من قدرتها على خدمة وطنها,والاندماج في مجتمعها والمشاركة الندية في كل المشاريع والأنشطة المجتمعية والتلاقي مع الرجال في كل الميادين الحياتية والكفاحية والتضالية والتنموية في بناء الأوطان وتحديث مساراتها نحو التطور والتقدم والاستجابة لمتطلبات العصرنة ومواكبة التغيرات التي تشهدها العادات والتقاليد والقيم والمناهج الإنتاجية والخدمية وآلياتها وتقنياتها وفي رفد حركة التحرر والاستقلال في القرار الوطني في مواجهة الضغوط الخارجية والأطماع الأجنبية.وليس أكثر سوءا ً من التعرض لكرامة المرأة ودورها في بناء الإنسان النفسي والوجداني لأنه في محصلة نتائجه تعرض للكرامة الوطنية,وإهانة للشخصية الوطنية النشأة والتكوين.

   فإذا كانت الأم مسؤولة مسؤولية مباشرة عن رعاية الإنسان منذ ولادته ورعاية أسس يناء شخصيته الاستقلالية ومقوماتها والحرص على تنشئته تنشئة صالحة دينيا ً ووطنيا ً وخلقا ً واستقامة وإخلاصا ً فإنها لن تستطيع القيام بهذه المهمة المقدسة ما لم تكن قد ملكت حريتها الشخصية ومارست دورها كمواطنة متساوية الحقوق,متكافئة الواجبات مع الرجل,مساهمة مساهمة تضع فيها طاقتها في خدمة واجباتها,وتتترجم قدرتها العقلية والمعنوية التي لا تقل عن مثيلاتها الذكورية في المجموعات المتفوقة منها أو ذوات الدكاء العادي أو المبدعين والمتفوقين,فهذه مزايا لا علاقة لها بجنس المولود ذكرا ً كان أم أنتى,وهي صفات تتشابه في النساء والرجال,البنات والأولاد,دون تمايز أو تفضيل منطلق من جنس المولود أو عرقيته أو عقائده الإيمانية أو لونه ....فالمرأة التي لا تعايش مجتمها معايشة يومية ميدانية وتشارك مشاركة مباشرة في فعاليات المجتمع وأنشطته السياسية والاجتماعية والعلمية والتقنية والاقتصادية ليست مؤهلة عمليا ً,وليست معدة نفسيا ًوتفتقر إلى خبرة لازمة وضرورية تمكنها من إعداد الجيل القادر على إحياء تاريخ مجد أمته,أو منافسة أقرانه من المتنورين بتنشئة سيدة متنورة على إثبات نفسه وصنع مستقبله الذي يقرره لنفسه.

    عاطفة الأمومة ليست قابلة للمقايضة ببقاء الأم في حاضنة منزلية مغلقة الأبواب موصدة الشبابيك,يبقيها أسيرة الشك والتشكيك بعصاميتها والقدرة على صون عفافها والدفاع عن كرامتها, ويفقدها الثقة بنفسها فتتحول إلى سيدة لا حول لها ولا قوة.وليست عاطفة الأمومة معرضة للنقص أو النسيان بعمل الأم في مؤسسات مجتمعها في التجارة والصناعة والخدمات العامة المهنية والتقنية.بل على العكس من كل ذلك,تجد المرأة نفسها بما تجنيه من خبرة عملية وحياتية ميدانية قادرة على ترجمة عواطفها ليس بالدموع والبكاء والدعاء والضعف عن مساعدة وليدها ومساندته في مجريات حياته اليومية,وإنما بالوقوف الواعي والنص الراشد المتبلور عن الخبرة وعن التجربة ومن ثم الدعاء,وهذه هي الترجمة النافعة والمجدية لعواطف المرأة المعبرة عن حرصها على مستقبل أبنائها وعلى مصيرهم.

    لا أحد يمنح ما لا يملك,أو يعطي ما لا يتمكن من إعطائه  نسبة للمعادلة الصفرية (أي ما تعطيه ينقص مما تملك) سوى الحرية التي كلما أخذ الإنسان منها كلما طلب المزيد فلا تنقص من الحرية أي كمية أو مقدار.والخبرة الفردية العملية رأسمال يحافظ المرء فيه على ثرواته كلها ويزيد من قيمتها التي تقع الثروة البشرية في مقدمتها.فالعائلة رجل وامرأة وأبناء وبنات,وإذا ادعينا أن واجب الأم تربية وتنشئة أبنائنا كما نحب أن نراهم محققين نجاحات في ما يقومون به من جهود,فعلينا أن نختار الزوجة التي تملك مثل هذه الخبرة اللازمة لضمان الحدود الدنيا لمستقبل أبنائنا وبناتنا.ولهذا فإن الموقف من قضية المرأة ليس بدعة أخلاقية,وليس مغازلة شهوة ,وإنما يعكس مستوى الوعي الحقيقي الذي تملكه قوى المجتمع الفاعلة في وضع الحقوق في موضعها الإنساني الطبيعي وتوزبع الواجبات كما تشترطه من كفاءات دون تحيز أو تمييزمن أي شكل أو مصدر كان.ونظرة إلى اختلاف مستوى الوعي لدور المرأة الحساس والمؤثر على مستقبل الوطن ودوره الحضاري بين الدول المتقدمة وبين الدول غير ذلك يضعنا أمام واقع لا نملك إنكاره إلا إذا كنا أنويين ونخبوين ونحنويين تأكل عقولنا الثقافة التي نحتكم إليها في كل أمورنا وقضايانا لأحادية المرجعية وما يتبعها من تفاصيل مقيدة وضحلة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد