أفغانستان وحلف شمال الأطلسي : 34

mainThumb

15-03-2014 02:11 PM

" النموذج الآخر للإمبراطوريات المهزومة "


أما الحقائق العشر ، والتي نشرها  الموقع الأميركي الشهير بإسم " العد التنازلي للإنسحاب""Countdown to Drawdown.org" ، وهو مشروع أطلقه مجموعة مختصة ومعنية بالحرب الأمريكية في أفغانستان ، وذلك من أجل  التثبت من صحة الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان الذي اعلنت عنه الإدارة الأمريكية نهاية عام 2014 ، ونلاحظ ان هذه المجموعة  انفتحت على المجتمع الأمريكي مطالبة اياه مساعدتهم في مراقبة أداء الإدارة الأمريكية تجاه سحب الجنود من أفغانستان ، والحقائق العشر هي:

الحقيقة الأول: ليست الحالة التي سيتم من خلالها إخراج وسحب القوات الأمريكية من أفغانستان نهاية 2014، فقد أعلن الرئيس الأمريكي"باراك اوباما" في شهر يونيو/حزيران 2011 ، أن خطته تجاه افغانستان تقتضي سحب القوات الأمريكية من افغانستان ، إلا أن الرئيس الأمريكي لم يعلن عن سحب كامل القوات الأمريكية نهاية سنة 2014، والذي أعلن عنه هو فقط سحب 10 ألاف جندي نهاية سنة 2011، وان 23 ألف جندي سيغادرون افغانستان الى ارض الوطن نهاية سنة 2012، ووفقا لما اعلنه الرئيس الأمريكي فان القوات الامركية ستستمر في الانسحاب بينما تأخذ القوات الأفغانية مواقعها وتحل محلها ، كما أعلن ان مهمة  القوات الأمريكية ستتغير من "القتال combat" الى "الدعم support" بحلول سنة 2014 ، وحينما تكتمل هذه العملية يكون الشعب الأفغاني وقواته الأمنية مسؤولة عن حماية اراضيها ، في حين لم يحدد الرئيس "اوباما" سنة 2014 نهاية للمهمة القتالية في أفغانستان ، فقط الذي حدده هو ان قوات بلاده ستبقى للدعم وليس للقتال ، بينما أكد الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض " جاي كارني Jay Carnety " :" أن الرئيس الأمريكي لم يقل أن القوات الأمريكية ستنسحب بالكامل بحلول نهاية سنة 2014 " ، والذي يدعونا للتساؤل، ما هي طبيعة مهمة الدعم  " Support Mission" ؟ ، وكم تحتاج من الجنود؟ وكم من القوات ستستمر؟

الحقيقة الثانية : لا يوجد حاليا موعد نهائي للحرب في أفغانستان ، فخطاب الرئيس الأمريكي في يونيو/حزيران 2011 ، لم يتضمن اي موعد للإنسحاب النهائي الكامل للقوات الأمريكية من أفغانستان ، وفي واقع الأمر ، فان اتفاقية الشراكة الإستراتيجية "Strategic Partnership Agreement" التي توصلت اليها الإدارة الأمريكية مع الحكومة الأفغانية في شهر يونيو /حزيران  2012 ، تنص على بقاء الوجود العسكري الأمريكي في افغانستان بعد عام 2014 ، على الرغم من عدم تحديد حجم الوجود العسكري ، وفي "15 نوفمبر/تشرين الثاني 2012" نقلت وسائل الإعلام تقارير  مفادها "أن حكومة أفغانستان وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية بدأتا مرثون التفاوض من أجل "إتفاقية أمنية ثنائية  Bilateral Security Agreement" ، ستحدد بموجبها عدد القوات الأمريكية المقاتلة المتبقية في أفغانستان  بعد سنة 2014، ومدتها الزمنية " .

الحقيقة الثالثة : لا يوجد خطة واضحة لسحب 68 الف جندي أمريكي متواجدون في أفغانستان ، وحري بنا النظر في ثلاثة خيارات برزت الى السطح في سنة 2012

1- أن خطة العد التنازلي للإنسحاب من افغانستان ، والتي يفضلها نائب الرئيس الأمريكي"جو  بايدن" هي سحب القوات بسرعة ، سحب 20 الف جندي في نهاية 2013.

2- تدعو خطة الإنسحاب التدريجي لإعادة 10 الآف جندي بحلول نهاية سنة 2012، وترك 58 الف جندي يقاتلون هناك ، وسيتم سحب 10-20 الف جندي بحلول 2013 ، وترك ما بين 38-48 الف جندي في أفغانستان .

3- تصريح القادة العسكريين الميدانيين أنهم مع تأجيل إجراء مزيد من الانسحابات وخفض عديد القوات الأمريكية حتى نهاية سنة 2013 ، ومنهم الجنرال" كورتيس  سكابروتي Scaparrotti" الرجل الثاني في قيادة القوات الأمريكية في أفغانستان  ، وذلك سنة 2012، ثم اصبح بعدها "مدير هيئة الأركان المشركة Director of the Joint Staff" ،

الحقيقة الرابعة : تشير التقاري الى ان وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" تريد الإبقاء على 6-20 الف جندي في أفغانستان حتى عام 2024 على أقل تقدير ، في حين صرح وزير الدفاع "ليون بانيتا Leon Panetta" للصحفيين :" أن الإدارة الأمريكية بزعامة الرئيس "باراك ازباما" مقبلة على التوصل الى قرار حول حجم الوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان  آواخر عام 2014 " ، ولم يعلق "بانيتا" على عدد القوات المفترض بقائها هناك ، ومنذ ذلك الحين ، قدم الجنرال" جون ألين" قائد قوات "إيساف" ثلاث خطط لوجود أمريكي دائم في أفغانستان :

الخطة الأولى : الإبقاء على 6 ألآف جندي تتركز مهامهم على مكافحة الإرهاب  Counterterrorism Mission "  ، وتقديم الدعم اللوجستي والتدريب للقوات الأفغانية .

الخطة الثانية : يمكن للولايات المتحدة توسيع مساحة الدعم اللوجستي والتدريب العسكري للقوات الأفغانية الى 10 ألآف جندي بدلا من 6 ألآف .

الخطة الثالثة : الإبقاء على 20 ألف جندي أمريكي للقيام بدوريات منتظمة داخل أفغانستان .

الحقيقة الخامسة: تأييد المهمة القتالية ليس بالضرورة أن تكون محدودة ، فضلا عن أنها لن تكون خالية من المهمات القتالية ، في واقع الحال ، فان خطة وضع 6 ألآف جندي امريكي مقاتل في أفغانستان  ، وحسب رؤية البيت الأبيض ، ستضع تلك القوة اولوياتها في دعم ومحاربة المتمردين لا على الدعم اللوجستي ، وتدريب القوات الأفغانية ، وقد أقرت البنتاغون خطط الدعم التالقية ، لأن قوات الأمن الأفغانية ، وبعد 10 سنوات من التدريب والرعاية لا زالت بعيدة كل البعد عن قدرتها في تحمل مسؤولية أمن أفغانستان وحدها  .

الحقيقة السادسة : زيادة "اوباما" لم تنتهي بعد "Obama Surge is not over" ، ففي سبتمبر من سنة 2012 ، أفادت التقارير الصحفية وعلى نطاق واسع ، أن خطة "اوباما" في زيادة القوات: قد انتهت ، تاركا حوالي 68 الف جندي امريكي في أفغانستان ، ولكن عندما تولى "اوباما" منصبه رئيسا للولايا ت المتحدة الأمريكية ، لم يكن هناك سوى ما يقرب من 34 الف جندي  امريكي في أفغانستان ، وفي خضم ذلك ، فان حدث ارتفاع وزيادة في عدد الجنود ليصل الى 66 الف جندي إضافي و خفض 33 الف جندي ، معنى ذلك ان نصف عدد القوات الأمريكية باقية في افغانستان .

الحقيقة السابعة : هناك 100 عنصر من تنظيم القاعدة في أفغانستان ، وفي المقابل هناك 600 الف من القوات الأفغانية والدولية لمحاربتهم ، في يونيو /حزيران 2010 ، تحدث وزير الدفاع الأمريكي " ليون بانيتا" عن ان هناك 100 عنصر من عناصر تنظيم القاعدة لا زالوا متواجدين في أفغانستان ، ووفقا لأحدث مؤشرات معهد "بروكينغز" فان هناك حوالي 108 ألاف جندي من القوات الدولية  في افغانستان  تحت قيادة حلف شمال الأطلسي ، وتحت مظلة "عملية الحرية الدائمة Opperation Enduring Freedom" ، وهناك 344,108 جندي أفغاني ، وهناك 90 الف متعاقد مدني ، والفين متعاقدين مدنيين لتدريب القوات الأمنية الأفغانية ، مضافا اليها 150 الف جندي باكستاني على الحدود بين أفغانستان وباكستان ، بمجموع 694,108 جندي مقاتل ، مقابل 100 عنصر من عناصر القاعدة ، وهو أمر مبالغ فيه .

الحقيقة الثامنة: عدم وجود جدول زمني للإنسحاب يعتبر العقبة الرئيسية في مفاوضات السلام مع حركة طالبان ، والحقيقة ان الناطق الإعلامي باسم حركة طالبان قد أعلن بوضوح :"أن السلام مع الولايات المتحدة الأمريكية يتطلب منها إعلان رغبتها الحقيقية في الإنسحاب " ، لكن ما فعلته الإدارة الأمريكية عكس ذلك تماما ، من خلال اعلانها عن ابقاء عشرات الآلاف من القوات الأمريكية في أفغانستان ولأجل غير مسمى "Idefinitely" .

الحقيقة التاسعة : دعم النُخبة لإنسحاب عاجل " There is elite support for an expected withdrawal" ، الدعوة الى تسريع انسحاب القوات الأمريكية الكامل من أفغانستان تبنته نُخبة من صناع القرار  في امريكا والذين يهتمون بالشأن الأفغاني ، وقد أيدهم قادة ورجالات من دائرة الأمن القومي الأمريكي وخبراء الشرق الأوسط ، اعلنوها صراحة عبر صحيفة" نيويورك تايمز" :"أنهم يدعمون بقوة تسريع إنسحاب الجيش الأمريكي من أفغانستان وبدون الإبقاء على أية قوات عسكرية هناك " ، وفي 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 ، تبنى مجلس الشيوخ الأمريكي إجراء تصويت لصالح تعجيل سحب القوات الأمريكية من أفغانستان ، وفي مايو/أيار 2012 إنضم تسعون عضوا من أعضاء الكونغرس للنائب الجمهوري" باربارا لي Barbara Lee" الذي دعا الرئيس "اوباما" الى مواصلة سحب القوات ألأمريكية بوتيرة ثابتة ، وصولا الى إنهاء كافة المهام القتالية في أفغانستان ، وفي موعد لا يتجاوز 31 ديسمبر 2014 ، واتخاذ كافة التدابير والخطوات الممكنة من أجل وضع حد لهذه العمليات مبكرا " .

الحقيقة العاشرة : الدعم الشعبي لإنهاء الحرب في أفغانستان "Popular Support for ending the war now" ، مالت جميع استطلاعات الراي العام في الشارع الأمريكي الى جانب سحب القوات الأمريكية من أفغانستان ، وان الأغلبية تعارض بقاء القوات الأمريكية في ذلك البلد ،  ومن تلك الاستطلاعات ما عمله معهد" غالوب Gallop" في مارس/ آذار 2012 ، ونتيجة المستطلع آراءهم هي ان 50% من الأمريكيين هم مع صالح سحب القوات الأمريكية قبل عام 2014 ، اضافة الى ان 24% يؤيدون الإنسحاب الكامل بحلول نهاية عام 2014 ، اما الاستطلاع الذي أجراه معهد " بيو بول Pew poll" في اكتوبر تشرين الأول 2012، تبين ان الأغلبية لصالح تسريع سحب القوات الأمريكية من افغانستان ، منهم 60% قالوا في ضرورة انهاء كامل وجود القوات الأمريكية ، في حين ان 35% أبدوا تأييدهم ليقاء القوات الأمريكية الى حين اسقرار الأوضاع الأمنية، ووفقا لإستطلاع"بيو" فان 73% من الديمقراطيين ابدت تأييدها في سحب القوات الأمريكية من أفغانستان ، بدلا من الانتظار .

وحقيقة الأمر ، وحينما اطلعنا على وجهة نظر الرأي العام الغربي والأمريكي تجاه الاحتلال والغزو لإفغانستان ، وجدنا ان الرأي العام الاوروبي والأمريكي غير معني بتاتا بمشاعر المسلمين وما ألحقته آلة الحرب المدمرة من خراب وهلاك ، لم تبق على أخضر ولا يابس في أرض افغانستان ، ولا حتى مستعدين لأن يكون لهم أخلاق ومشاعر "بشرية وإنسانية"  في مراعاة مشاعر البلاد المحتلة ، ولا يعنيهم حجم المعاناة الإنسانية بالغة الخطورة والتعقيد والذي تعرض له شعب أفغانستان على مدار اكثر من اثنتي عشر عاما ، لكنهم معنيون بالدرجة الأولى بردود أفعال المواطنيين الغربيين ،  والمبنية على مدى الخسائر البشرية بشكل خاص والتي تتعرض لها يوميا قوات "إيساف" وحلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ، ورؤيتهم " للنعوش" التي تحمل فلذات أكبادهم قادمه من أرض الموت ، وأرض القهر "أفغانستان" ، ومع ان إدارات الحكومات الأطلسية حاولت خداع شعوبها ، واخفاء الخسائر البشرية والمادية التي تتعرض لها قواتها يوميا في أفغانستان ، والحيلولة دون ظهور حقائق الفشل الذريع التي وصل اليها حلف شمال الأطلسي في مواجهة حركة المقاومة الإسلامية  الأفغانية " طالبان " ، الا ان حجم المقاومة الكبير الذي وجهته حركة "طالبان" ضد قوات حلف شمال الأطلسي ، كشف النقاب عن حقائق القتلى والأسرى في صفوف القوات الأمريكية والأطلسية ، اهتمام الراي العام الغربي  الواسع عبر كافة المنابر والوسائل بمأزق  الغرب بأفغانستان  ومطالبته القيادة الأطلسية بسحب القوات من ارض الأفغان ، لم يحاول اظهار ولو جزءا يسيرا من التعاطف مع الشعب الأفغاني الذي أهلكته ودمرته آلة الحرب الأطلسية ، ويبدو انه غض الطرف عن حقائق كان ينبغي عليه الإشارة اليها والمطالبة بالكشف عن أسرارها ، منها على سبيل المثال لا الحصر :" أن الحرب الأطلسية الأمريكية على أفغانستان هي حرب ظالمة مستبدة ليس لها اي سند قانوني دولي على الإطلاق ، وأنها كانت مجرد حرب لإخفاء جريمة 11 سبتمبر  التي لم تظهر نتائج التحقيق فيها حتى اليوم " ، " هي حرب استخدمت فيها الولايات المتحدة الأمريكية أحدث ما انتجه المجتمع الدولي من أسلحة متطورة وفتاكة ، بل ومنها أسلحة محرمة دوليا " ، " عدم احترام الإدارة الأمريكية والغربية للقوانين الدولية وخاصة قوانين الحروب ، حيث تعاملت مع افراد وعناصر حركة طالبان والقاعدة على اعتبار انهم ليسوا من البشر ، ولا تنطبق عليهم الأحكام والأعراق والقوانين الدولية " ، "الدمار الهائل الذي لحق بدولة أفغانستان الإسلامية وبنيتها التحتية المتواضعة "، " قتل الناس وذبحهم في الليل والنهار ، وإهانة الجنس البشري ، والعبث بدور العبادة ، ومداهمة بيوت الناس ليلا ونهارا ، وإطلاق الكلاب المتوحشة على النساء والأطفال ، والتبول على جثث القتلى من المسلمين الأفغان ، وتعذيب المساجين في السجون والمعتقلات ، والاعتداءات الجنسية لأفراد الجيش والشرطة والميليشيات ، والاعتداء على أموال الناس ، وتشريدهم بمئات الآلف داخل وخارج أفغانستان" ،"وضع المقاتلين الأفغان في سجون "غوانتاناموا" بصورة تعكس قبح أخلاق الإدارة الأمريكية تجاه البشر والإنسانية ، وهي آخر تقليعات الحضارة الغربية في القرن الحادي والعشرين " .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد