أمام الجميع : انتخابات النقابة وتجديد التحالف

mainThumb

31-03-2014 07:09 PM

بعد إسدال الستار على انتخابات نقابة المعلمين في دورتها الثانية،لا مناص من الوقوف على بعض العناوين،والتي تضعني على محكّ النقد لمآلات كثيرة جنحت إليها انتخابات النقابة.

الخارطة الانتخابيّة والتحالفات :

ظهر على الساحة الانتخابيّة لنقابة المعلمين تياران رئيسان، أحدهما إخوانيّ، يضم تحت جناحيه عددا يسيرا ممن ارتضى أن يكون رقما أو مرزوقيّا أو ديكورا ورقيّا زائفا، والآخر ضمّ أغلب نشطاء حراك المعلمين وبعض نشطاء العمل التطوعيّ المدنيّ.

وتيار ثالث ضمّ عددا قليلا من المستقلين،بعضهم تحالف ضمنيّا مع أحد الاتجاهين السابق ذكرهما،والبعض الآخر فضّل خوض السباق الانتخابيّ مستقلا ضمنيّا وعلنيّا .

استطاع معلمو التيار الوطنيّ من تشكيل قوائمهم، وبشقّ الأنفس،ونجحوا في كسب تعاطف عدد من القوى الوطنيّة وبعض مؤسسات المجتمع المدنيّ،لكنها لم تكن لتملك تلك الإمكانيّات التي تؤثر في الخارطة الانتخابيّة،في النهاية تضامنت هذه القوى وقدمت ما يمكن تقديمه من دعم معنويّ كان له أثر طيّب على معلمي هذه القوائم.

أمّا قوائم الإخوان فقد امتدت لتصل جميع المحافظات بحكم تواجد التنظيم، وكنتيجة لتوفر إمكانيّات ماديّة كبيرة ولوجستية واسعة.

الدعاية الانتخابيّة :

فريق نشطاء حراك المعلمين والمستقلين اعتمد على مجهوده الشخصيّ وإمكانياته الماديّة الشحيحة،وجهد عدد من المؤازرين المتطوعين ممن آمنوا بالفكرة والرؤية والتغيير.

وفريق الإخوان الذي تلقى دعما ماديّا كبيرا ودعما إعلاميّا غير مسبوق : قناة تلفزيونيّة ، ومحطتين إذاعيتين ، وصحيفة ورقيّة ، ومواقع الكترونيّة ،إضافة إلى استخدام مرافق النقابة من مقرّات وآليّات،مضافا إليها منابر النقابة الإعلاميّة ومنشوراتها الورقيّة.
تجديد التحالف :

تحالف الأجهزة الأمنيّة وتنظيم الإخوان كان قد جُمّد  منذ انطلاقة ما سمّي (غربيّا ) بالربيع العربيّ ،حينها تمرّد الابن المدلل على أبيه ، وكبرت طموحاته لتتناسب ومكاسب التنظيم دوليّا،واستمر الجمود إلى أن فشلت تلك الأجهزة بخلق البديل،وبعد فشلها باختراق القوائم المنافسة للإخوان،وبعد أن تأكدت تلك الأجهزة الأمنيّة، وتحديدا جهاز المخابرات العامة من نيّة عدد من نشطاء بل ورموز حراك المعلمين الترشح لمركزيّة نقابة المعلمين وفي مختلف المحافظات، تغيّر تعاطيها الاستراتيجيّ مع العمليّة الانتخابيّة برمتها ، وأدركت أن نجاح هذه الرموز لا بدّ وأن يعيد حراك المعلمين بل والحراك الاجتماعيّ إلى حيويته، وسيغلب النفس الثوريّ على تعاطيهم مع ملفات النقابة ومطالب المعلمين،مما يعيد الحراك إلى نقطة البداية وبقوة أكبر ومؤسسيّة أكثر.

هنا رأت الأجهزة الأمنيّة أن صفقة مع الإخوان قد تزيل هذا الكابوس،وتبعد شبح المعلمين وحراكهم،وبالفعل بدأت بتفاوض قصير زمنيّا مع قيادات الإخوان،توصل خلاله الفريقان وبوقت قياسيّ إلى الآتي:

- تقوم أجهزة الدولة بما فيها الأجهزة الأمنيّة بدعم وصول الإخوان إلى سيطرة مطلقة على نقابة المعلمين وفي كلّ فروعها بالمحافظات.

- للإخوان حريّة التصرف الإداريّ والماليّ في فروع النقابة، بل وتحويلها إلى جمعيات إخوانيّة على غرار جمعياتهم الأخرى .

- يلتزم الإخوان بموجب الاتفاق بتحييد النقابة عن القضايا السياسيّة والوطنيّة، وعن أيّ تصعيد مطلبيّ،باستثناء بعض المواقف الإعلاميّة الدعائيّة التي قد تـُلزمها الظروف ، يحددها ويتفق عليها الطرفان في حينه.

- ضمانة التزام أجهزة الدولة بهذا الاتفاق هو المباشرة بتقديم الدعم الميدانيّ الكامل،وتنفيذ كل ما يراه الإخوان مساعدا للفوز،كما حدث (مثلا) عند سحب وزير التربيّة لكتابه القاضي بتعطيل طلبة المدارس الخاصة يوم الاقتراع (عدد معلميهم في عمان يزيد على 25 ألفا)، فاقتصر ذلك على المدارس التي تتبع الإخوان.كذلك فتح المدارس الحكوميّة أمام أعضاء التنظيم من خارج جسم المعلمين، للتأثير على مواقف المعلمين وخاصة مدارس الإناث، وبكلّ الوسائل والأكاذيب ، كما وشرعت الأجهزة الأمنيّة بالاتصال مع مخبريها ومواليها ودفعتهم للهجوم على القوائم المنافسة وتشويهها،وأطلقتهم على المدارس الحكوميّة للترويج لقوائم الإخوان.

أما ضمانة التزام الإخوان بالاتفاقيّة ،فتمتلكها أجهزة الدولة السياسيّة والأمنيّة لا التنظيم الإخوانيّ ،وهي عصا الضغوط المصريّة والسعوديّة لإعلان إخوان الأردن تنظيما إرهابيّا، وبالوقت الذي يحيد فيه الإخوان عن الاتفاقيّة فإن الخطوة الأولى ستكون صدور قرار سياسيّ بإعلان تنظيمهم منظمة إرهابيّة،يتبعها إغلاق النقابة ومقرات جمعياتهم وحزبهم،وحينها سيتم ذلك بمباركة عربيّة وشعبيّة.

هذا التحالف له مقدمات،لعلّ أبرزها عدم نجاح الحوارات الملكيّة في أواخر عام 2012 ، والتي جرت بعيدا عن الإعلام مع بعض قوى الحراك وتحديدا اليسارية منها ، حينها لمس النظام صعوبة تطويع هذه القوى،كونها (في أغلبها) لا تخضع لمرجعيّات حزبيّة،وبذات الوقت رأى بتنظيم الإخوان غصنا طيّعا يجيد التمايل،مما غيّر من إستراتيجية الحوار، بل وتوقفه من الأساس مع هذه القوى.

النتائج ومدلولاتها :

- تشير إلى تراجع الجناح الوطنيّ في أجهزة الدولة لاسيما الأمنيّة، لحساب الجناح المنقاد للمشروع الأمريكيّ الصهيونيّ والقطريّ التركيّ.

- تؤكد على المنهجيّة المتواصلة لتصفية الشخصيات الوطنيّة،وإفراغ الساحة منهم، كمقدمة لتمرير المشاريع الصهيوأمريكية في المنطقة.

- تفضح ذلك التقارب والتحالف بين مروجي المشروع الأمريكيّ والمشروع الصهيونيّ،وهذا جليّا ( لمن يرى) من خلال الهرولة واللهاث نحو التطبيع مع الكيان الصهيونيّ،وليس أدلّ على ذلك من تشبث تنظيم الإخوان داخل نقابة المعلمين بعضويّة منظمة ( ei ) المرتبطة بعلاقات موثقة مع الكيان الصهيونيّ،أما تطبيع الحليف الآخر ،فيكفي لرؤيته الذهاب إلى منطقة الرابية لترى الإسطبل الصهيونيّ قابعا فيها .

- تعكس مدى تغوّل الأجهزة الأمنيّة في أجهزة الدولة المدنيّة ، كوزارة التربيّة،ولعلّ هذا يفسر اقتصار الوصول إلى الوظائف الإداريّة (في معظم الأحيان) على من يحملون شهادة رضى من تلك الأجهزة .

- تؤكد استمرار ذلك التوجه القديم الحديث ،والذي هدف دائما إلى مقاومة كلّ اتجاه ذي توجهات وطنيّة وقوميّة تحرريّة ،ويدلل التحالف الحالي بين الأجهزة الأمنيّة وتنظيم الإخوان على ذلك،فكان من غير الممكن السّماح برسم بقعة ضوء لمجموعات المؤازرين من الشابات والشباب الذين وجدوا في رؤية القوائم الوطنيّة أملا لهم أمام واقع مشوّه وفاقد للشروط اللازمة لإنتاج برنامج وطنيّ حقيقيّ يعبر عن طموحاتهم.

لننتظر قليلا لعلّ تسجيلا يفضح لقاء الصفقة، يظهر أمام الجميع.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد