لا غضاضة في تسمية (الربيع العربي)!.

mainThumb

07-04-2014 08:14 PM

يتغاضى المحللون السياسيون والمفكرون الوطنيون عن تكرار تسمية (الربيع العربي) احتجاجاً على الأحداث الصاخبة والكارثية النتائج التي ألمت ببعض الأقطار العربية خلال السنوات الثلاث الأخيرة, التي تم خلالها تغيير الأنظمة بحرق الأرض تحت أقدام الحكام والمواطنين جميعهم, وتحولت بعض هذه الأقطار إلى دول فاشلة, وبعضها إلى (مسلخ بشري) مرعب نظراً لطبيعة الجرائم التي ترتكبها القوى الإرهابية التي وجدت فرصتها في سفك الدماء وفي التقتيل والتدمير تفجر فيها أحقادها الدفينة على أبناء جلدتهم, وعلى بنى وطنهم التحتية وقيمها الاجتماعية, وتدمير مقامات إرثها الحضاري, وتفسيخ بنيتها الاجتماعية, وتكسير ركائزها التعددية التي تشكلت عبر مراحل التاريخ لتبقيها عصية على الانحلال والتفكك.

ويلجأ البعض إلى إطلاق تسميات أخرى نقيضة في معناها لما تعنيه مفردة  الربيع ذات الوقع الجميل الذي يحمله جمال الربيع الذي تنمو فيه النباتات حاملة ثمارها ,مجملة الطبيعة مبهجة للنفوس, فاستعملوا مفردات مثل الخريف العربي, وما يسمى الربيع العربي والتدمير العربي ... والنزيف العربي وهي تسمية أطلقتها الشابة في مقتبل العمر دانا دويري – مؤلفة كتاب أنا عربي في مقابلة على تلفزيون رؤيا)) ولكن منذ متى كانت عملية إطلاق الأسماء على الأشياء وعلى الأشخاص يعبر عن مضمون التسمية  أو معناها, بغض النظر عن الغاية من إطلاق التسمية على المواليد من الذكور والإناث والمسميات على الأحداث, أو الأماكن أو المواقع ...  فمدينة الزرقاء لا مياه تحمل اللون الأزرق تجري في وديانها, وهي من المدن العطشى, ولا علاقة للتسمية بما تختص جغرافيتها وطوبوغرافيتها أو ضواحيها, حتى مياه الرصيفة لم تعد كما كانت عليه في الزمان القديم, فانقرضت مجاري مياهها الزرقاء, ومسابحها العامة التي كانت تؤمها أفواج من المتنزهين من عمان وغيرها.

ولنا مما نلاحظه من علاقة تطابق أو تماثل أو تشابه التسمية بالمسمى أمثلة أخرى من التسميات التي يحملها الأفراد الذين نصادفهم في حياتناومنها :

وسيم ولكن لا يملك من مقومات الوسامة ما يمكن أن تعبر التسمية عنه. موفق قد يعاني من تعقيدات في حياته تذهب بكل مساعيه, فلا يوفق في انجاز أعماله أو النجاح فيها. وكذا الأمر بالنسبة لإسم جميل جميلة الذي لا يضفي على صاحبه صاحبته جمالاً أو مسحات جمال. فما بالنا لو وجدنا كل الشوك في تسمية ورده, وما ضرنا لو وصفنا فهيماً  بالغباء, وبهيجاً بالمتجهم, وحنان بالقسوة, وهمسة بالثرثارة, ووفاء بالغدر, ومخلص بالذي لا يؤتمن ... وأمين ثبت خيانته, فلم تعد للتسمية قيمة وصفيه بما تحمله مفردتها من معنى معان لغوية, بل هناك العديد من الحالات التي يكون شكل حاملها وأو طباعه وأو سلوكه نقيض كل المعاني وعكس كل الصفات ومخالفة كل السلوك الذي يسلكه في تعاملاته مع الآخرين من عائلته وأصدقائع وأبناء جلدته.

ألم تصبح (الجامعة العربية) منذ بدء (الربيع العربي) مفرقة العرب وأداة مقسمة لصفوفهم وبوقاً داعية قوى الغدر والجشع الأجنبية لتهديم كيانات بعض أعضائها. من منا يكترث لما تقوله الجامعة العربية أو تدعو إليه, أو يحترم أياً من قراراتها, ويلتفت إلى نداءاتها ودعواتها؟؟ ألا تلتقي تحت مسمى أصدقاء سوريا كل القوى المتآمرة والمساندة والداعمة لكل أعمال تدمير سوريا وتخريبها وإنهاك قواها العسكرية والمعنوية والمادية, وهم بذلك أعدى أعداء سوريا!!!!

هل نسينا ما تعنيه الديمقراطية بالنسبة لبعض الأحزاب, ولبعض الزعماء والقادة. فمن ديمقراطية (طز) في مصر!!, إلى ديمقراطية رئيس يحصن قراراته السابقة واللاحقة!!! إلى ديمقراطية أردوغان في اتهام المعارضين بالخونة والعملاء, وطفل بالإرهابي, ويتوعد معارضيه ويهددهم, ويلغي وسائل الاتصال الجماعي, ويقيد السلطة القضائية, ويحلم بالسلطنة؟؟!! إلى مدرسة الديمقراطية الامبريالية التي تطبقها على الآخرين فيما تفرضه من حصار الشعوب وتجويعهم والدفاع  عن حقوق الإنسان في نفس الآن!! إلى مفاجأة القرن التي فجرتها دول الخليج في المطالبة بالحرية والديمقراطية للشعب في سوريا, مترجمة إياها بتزويد المقاتلين المرتزقة بالمال والسلاح لارتكاب أبشع الجرائم الإنسانية في حق الشعب السوري وفي مساجد سوريا وكنائسها, وفي جامعاتها ومدارسها, وفي بناها التحتية وتستهدف زرع الفتنة بين مكونات الشعب وفئاته دون أن تعني لهم في بلادهم أي معنى حقوقياً إلا ما يتكرمون به على مواطنيهم. وتتجلى حقوق العمال الأجانب قي بعضها في استعبادهم وإذلالهم وتسخيرهم في بذل جهود مضنية تفوق طاقتهم البشرية..!!

وهل تعلمنا من مما تعنيه الولايات المتحدة في الدفاع عن حقوق الشعب العراقي, وتحريره وتحويله إلى نموذج ديمقراطي في المنطة, بارتكابها فظائع سجن أبو غريب ومن أعمال التقتيل للنفوس العراقية  والتدمير لبنى العراق الثقافية والتراثية  وما هو أكثر فظاعة في سوريا, دعماً (لثورة الشعب السوري). وهل مسحنا من ذاكرتنا تاريخ القوى الاستعمارية الأمس واليوم وستظل غداً !!.

في الربيع تغرد العصافير بفرح ومرح فوق أغصان الشجر المزهرة, وتكسوالأرض خضرة تبهج الناظرين والمصطافين في جمال الطبيعة ورونقها, وفي الربيع العربي يتوعد الجبناء الشجعان, وتنعق الغربان فوق جثث متراكمة, تزرع الخوف والترويع, وتروي الدماء البشرية البريئة بذور الأحقاد والضعف والضغائن, وتحطم معالم التحضر والتمدن تحت أقدام الطغاة والأغراب من المرتزقة والمجرمين والطامعين. فلا تغير التسمية من واقع مسماها شيئاً.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد