المعايير المزدوجة بلا قيم أخلاقية 4

mainThumb

12-05-2014 07:53 PM

النفاق السياسي المستفز لمشاعر الناس في أوطانهم,ذلك الذي تصفه القوى الامبريالية (بالمجتمع الدولي) ومواقفه من الأحداث التي تأخذ مجراها في بلد ما وتتعرض من خلال تلك الأحداث مصالح أميركا وأوالغرب بالتحديد إلى أدنى حد من التحدي أو الضرر.إذ يختزل المنطق الأميركي – الأوروبي المجتمعالدولي بمجتمعات هذه الدول بشكل أساسي, وذلك إذا أيدتها بعض الدول الأخرى التي تدور في فلكها أو لم تفعل ذلك, أو تخضع لسطوتها,أو تخشى عقابها الذي لا تتورع في إنزاله بمن يختلف معها أو يخالف رغباتها.فالذي يطعمك قطعة لحم, (وإبريق زيت) وقطعة صابون ولا يفعل ذلك طمعاً في حسنة تسجل له حتى يوم الحساب إذا أراد منك صوتك الانتخابي مقابل ذلك, فإنه يكذب على نفسه دون سواه. فكيف بقوى الاستعمار التي تغدق المساعدات المالية والعسكرية والمالية على نظم حكم في مختلف أنحاء العالم لا تفرض على تلك النظم تأييدها غير المشروط والمباشر دون تلكؤ أو تردد؟

ما تقدمه الإدارة الأميركية من دعم مادي لموازنات المؤسسات الدولية المختلفة رهنت إرادتها لمشيئة تلك الإدارة,ليحيل بعض أمنائها العامين إلى سلوك الازدواجية المكشوف, والنفاق الرخيص طمعاً في البقاء بوظائفهم والتمديد لهم بشغل مراكزهم الدولية فأظهرهم كأدوات طيعة تستجيب عن بعد للرأي الأميركي وقراراته, وتؤيد مواقفه, كما يفعل بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة (دائم القلق حيال كل قضية أميركا طرفاً فيها) ويتجلى ذلك في ارتجاله العداء لسوريا في تصريحاته وتحذيراته, وقلقه الدائم, على الرغم من الأدلة القاطعة على جرائم يرتكبها المسلحون في قتل المدنيين (والأسرى) من الجيش السوري, والتفجيرات للمركبات المفخخة... وإصراره على تحميل سوريا كل المسؤولية عما ترتكبه دول الجوار وبعض العرب, وأصدقاء سوريا من القوى المعهودة في شرورها من ضرب لقرارات دولية وتحد لها واستمرار مد الإرهاب بوسائله التقليدية. ولن تمحو تراجعات نبيل العربي الهزيلة آثار سلوكه المشين في موقفه من سوريا مخالفاً نظام الجامعة الداخلي وكل تراثها التنظيمي, بتجميد عضوية سوريا من الجامعة وهو يهرول خلف حمد بن جاسم إلى مجلس الأمن للمطالبة بتطبيق البند السابع على سوريا, لضمان تدميرها كما فعل سالفه (عمرو موسى) بالنسبة لليبيا, وهدفهم المعلن بالطبع (حماية الشعب السوري من جيشه الوطني!!!)

وثمة سماجة مملة تكررها مقولات معارضين في مجتمعاتنا العربية بشكل عام, إذ يدعي كل من تم سجنه لمواقفه السياسية المعارضة لنظام حكم أنه الأولى بزعامة الوطن وحكمه, وإنه مناضل يفترض أن يتم تكريمه بتنصيبه زعيماً لا يُشق له غبار. حتى أن أؤلئك الذين دخلوا العراق في قبو مدرعات الاحتلال ثم تصدوا لإدارة الشأن العراقي في ظل التعليمات الأميركية وبرنامجها الخبيث في إنهاء العراق كوجود لدولة فاعلة, وتركه ضعيفاً منهكاً متشرذماً, عقاباً له على التجرؤ على الاستمرار في دعم المقاتلين لتحرير فلسطين, وأخذوا (أي المعارضين سابقاً) والمتعاضدين مع قوى الاحتلال الأميركي للعراق ينبهوننا إلى ضرورة تذكر ما أسموه ماضيهم النضالي!!, ويروون كيف تم سجنهم, وادعاءات بالتعذيب.... فاشتاط بهم الهم الوطني, وبلغ بهم الغضب على الظلم الذي ادعوه إلى الارتماء في أحضان أعدائه التقليديين على مر التاريخ الحديث!!.

فإذا كان هذا السلوك يحمل في طياته لمحة من معاني الزعامة الحقيقة وجملة من الجمل الوطنية الصادقة من كل معارض لنظام حكم أو سياسة حكومة,  فأولى بكل منا أن يشكل وطناً يليق به ويقيم عليه دولته الخاصة به, دون الحاجة إلى التمتع بعضوية الأمم المتحدة!!.

هل يراهن زعيم مثل طيب إردوغان على أن من ينجح في خداع الناس مرة ويحقق مكاسب اقتصادية فقط, تدعهما عضوية تركيا في حلف الناتو, فإنه يقوى على تأمين تأييد تنفيذ رغباته الشخصية وطموحاته المتعجرفة المستقاة من جوهر ثقافة العثمانية التقليدية التي رسخت التخلف وأسبابه في مجتمعاتنا؟ وكما نلاحظ سلوكه في الازدواجية في المعايير المعيبة, في حديثه عن الديمقراطية في الوقت الذي يتهم المعارضين في تركيا بالعملاء والخونة,حتى أنه اتهم طفلاً تركيا  بالإرهابي!!. يدعم الإرهاب في سوريا ويحاربه في بلده, يصرخ أملاً على حرية الشعب السوري ويسرق مصانعه وتراثه الثقافي, ويجند المسلحين الأجانب ويحمي تسللهم إلى داخل الأراضي السورية للقتل والنهب والتخريب. وهو ذاته الي يدافع عن الديمقراطية ويعادي القضاء, ويتهم أجهزة الأمن بالتواطؤ, ويحالكم قادة الجيوش التركية, واتسم سجله بأسوأ نظام معاد لحريات الصحافيين, ولم يتعظ يما ألحقه سلوك مرسي ومواقفه المماثلة لما يقوم به بكل جرأة وتحد, على المجتمع المصري وما آلت إليه الحال, بل ربما يريد أن يقول أنه الأولى بقيادة المنطقة تحت نفس الظروف التي يفشل في قيادتها الآخرون المنادون بإقامة الخلافة من العرب بالتحديد.

لم يفعل أردوغان سوى الصراخ والتهديد الأرعن عندما قتل الصهاينة مجموعة من اتباعه من أبناء تركيا,ثم وباتصال هاتفي من الرئيس الأميركي أرخى كل أعصابه المشدودة كذباً وتمثيلاً وهو يعيد علاقاته الطبيعية في تحالفه مع المحتل الصهيوني لفلسطين.

شأن الأقوياء أن يتصرفوا كما يشاؤون ضاربين كل القيم الإنسانية بعرض الحائط,لأنهم أنفسهم ضحايا طغيان القوة,وسيأتي الوقت الذي يجدون فيه أنفسهم في قفص الاتهام الدولي فالتاريخ لا يرحم ولا ينسى الأذى والشذوذ, أما التابعون لمالكي القوة المدعومين منهم فإنهم في العادة يدفعون ثمناً باهظاً عند الحساب من شعوبهم, ويخسرون كرامتهم الشخصية من تعنتهم وأطماعههم في السلطة المحمية من الخارج. 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد