سوء حالنا يلازمنا

mainThumb

16-05-2014 04:22 PM

لم يعد جائزا لأي مواطن في الوطن العربي,متمسك بمواطنته (لأي قومية انتمى,أو دين اعتنق أو طائفة اتبع أو ثقافة تمسك أو تراث تفاخر), في المجتمع التعددي بطبيعته المنسجمة مع بنى المجتمعات الحية والدينامية في أقطار الوطن العربي,أن يتذمر من حاضره الذي يشهد خلاله اختلال موازين المفاهيم الوطنية,وتفسخ الروابط الوشائجية, وتناحر قواه السياسية,وانتقائية عضوية   معظم تجمعاته التنظيمية المدنية منها والسياسية المبنية على أسس طائفية أو إقليمية أو قبائلية, وما تتصف به مواقف قادة الأمة وزعمائها من حالة عداء سافر كل للآخر اعتبرته بعض النظم الطارئة على أسس نشأة الدولة وقواعدها,عداءً مصيريا ً, نذرت كل ما تملك من مصادر طبيعية ومن ثروات لتفجير الخلافات العربية- العربية وإدامة دوامة الحروب والمعارك بتغذية علنية مباشرة من الأعداء الحقيقيين لمصير الأمة ومستقبل اقطارها,تتلاعب بمواقف زعمائها وتبعثر ثرواتهم,وتغذي روح العداء والتعنصر القومي تارة والطائفي مرات عديدة.فقد افتقدنا هذا الحق كمواطنين في أقطارنا العربية المعاصرة لأنه يشكل امتدادا  لخلافات وظواهر عدائية منذ تشكلت الدولة العربية على أسس تشكل الدول وقيام مؤسساتها ونظمها!.

حالنا اليوم وحالنا قبل ذلك لا يختلف في المضمون وإن اختلفت أشكاله,فكان التناقض في مواقف القادة العرب إزاء أي قضية محلية أو عربية أو إقليمية أو دولية ( على الرغم من افتقاد الموقف العربي بافتراض التوافق عليه, للوزن الدولي) هو الموقف المعلن.

اقتتلت نظم الأقطار العربية فيما بينها لأسباب ندر أن  تؤدي إلى نزاع بين قوى وأمم اتعظت من تاريخ الانقسام وأهوال الحروب    البينية وهول الاقتتال الأهلي,بغطاء عقائدي زائف أو طائفي قبيح,أو قومي  مدعوم من أعداء الأمة التقليديين.والأمثلة على ذلك عديدة لم تنقطع أخبارها عن المواطنين والمراقبين العرب والأجانب ومساهماتهم ,كل حسب مصالحه (كما هو ديدن الأجانب) وكل حسب أهوائه (كما هو ديدن الزعماء العرب بمختلف الألقاب والتسميات من أصحاب الفخامة ,وأصحاب الجلالة,وأصحاب السمو,وأصحاب العظمة السلطانية..).

تاريخنا الحديث ليس ناتجا  عن صراع بين قوى الأصالة وقوى الحداثة,وليس  هو صراع  من أجل التحرر من سيطرة الاستعمار وهميمنته وأطماع القوى الإقليمية التي تستهدف مقدرات العرب الحضارية والتراثية وقيمهما السامية,إنه على العكس من ذلك صراع يرسخ الوجود الأجنبي في قواعد بحرية وجوية وبرية في الأرض العربية,ويستنجد بالأجنبي وقواه العسكرية للتدخل لتدمير كيان دولة عربية أو تحويلها إلى دولة فاشلة أو تحطيم قوة عربية وإنهاك قدراتها العسكرية والاقتصادية والبشرية...

ليس الصراع الذي أخذ به القادة العرب على مر الزمان صراعا بين قوى التقدم وبين قوى متخلفة من القوى الاجتماعية التي تتدبر شؤونها بالممارسات الديمقراطية,إنه على الدوام صراع بين قوى متنورة من التيارات الشعبية وقواها النهضوية وبين زعامات لا تملك سوى السلطة تتمسك بها بأي ثمن, ومهما بلغت التضحيات بالبشر من أبناء الوطن وبناته,وبغض النظر عن استقلال القرار السياسي أو رهنه للأجانب حماية للنظم ودعما لها مهما كانت درجة التناقض  بين وجودها وبين الإرادات الشعبية في أقطارها وتطلعاتها في التحرر من السيطرة الأجنبية المباشرة وغير المباشرة على السواء.وظل على الدوام الهاجس الأمني للقادة العرب المحرك الأساسي لتعاملهم مع أبناء الوطن تحت كل الظروف.

بمقارنة سريعة بين العراق والسعودية قبل العدوان الاستعماري المدعوم من بعض الأنظمة العربية,على قتل العراقيين واحتلال العراق نجد ما يلي:

*-  تتساوى تقريبا أعداد السكان بين القطرين.
 *- تبلع مساحة السعودية حوالي تلاثة أمثال مساحة العراق.
*-  دخل السعودية اليومي من البترول يصل إلى ضعف مثيله للعراق.
 *- سجلت أرقام مشتريات الأسلحة للجيش السعودي مرة ونصف أرقام مشتريات الأسلحة للجيش العراقي,بالدولار.

ولكن عندما دخلت القوات العراقية الكويت,وجدت السعودية نفسها مضطرة إلى استضافة قوات الاحتلال الأجنبي الأميركية – الغربية (مطعمة بقطعات عسكرية عربية شكلية من بعض الدول العربية عربية) للدفاع عن حدودها من تهديد صدام حسين!! (كما ادعت الحكومة السعودية في تبرير الاستنجاد بالقوى الغربية).

لقد هزت الصدمة من أحداث تلك الفترة,مشاعر المواطن العربي, ولم تترك له من أثر يمكن له أن يجد خلاله تفسيرا ً ولو بفكرة يتيمة لما حدث وهو يرى أطراف عربية تتوعد بعضها بحماية أجنبية,ثم انجرت تلك الدول رغما ًعنها إلى إكمال الدور المرسوم للمنطقة في تهديم كيان الدولة العراقية,وفي كتم أنفاس  كل منطق وطني يرى المثقفون أنفسهم فيه عاجزين عن فهم الدرك الذي وصلت إليه أحوال الأمة.وظل الساسة العرب عاجزين عن إدراك ما ينتظرهم من مصير من القوى الاستعمارية المتربصة بمستقبل الأمة,وظلت التناحرات العربية تدور في الاسطوانة المفرغة من النتائج الحاسمة,لأن استدامة الصراع شكل هدفا ً عزيزا على الصهيونية وحماتها,وتهاوت شهامة العرب أمام أعدائهم فنحنوا لهم,وإذا   بهم يركبون الجياد ووجوهم مغماة كي يقتتلون في ساحات سُفك فيها الدم العربي, وهجرت فيها المعاني الوطنية والقيم الأخلاقية بكل صلافة, فضاقت بالمواطنين أوطانهم,وإذا بالأمة يصدق وصفها بأنها أغنى أمة ماليا ً وثرواتيا ً,وأكثر أمة منها قتلى وجرحى من تقاتلهم,وأضخم أعداد من اللاجئين والمهجرين والنازحين والفارين والمهاجرين إلى ديار الغربة.

ولهذا لم يكترث أحد من المحللين السياسيين وما أكثرهم في عداء بعضهم  لمستقبل أمتهم,والخبراء الاستراتيجيينووبعضهم محمل بحقد على بني قومه, ,وكتاب الأعمدة في الصحف وبعضهم تأففت الغربان من شؤم ما يرددون,وأحزاب السياسة والعقائد والمبادئ الوطنية والتحررية التي جعلوا منها وهما ً وأرادوا تسويقه لتبرير ارتباطهم مع القوى الاستعمارية,ولم يحرك أي منهم ساكنا ً أمام هذا التحول المشؤوم والذي رسمت له سيناريوها ذكية في تصنيف الأعداء,وذك عندما أجرت القوات السعودية والأميركية وحلفائهما مناورات مشتركة لحماية السعودية من أعدائها وهم – اليمن, والعراق وإيرن – ولم يفطن أحد لغياب التحوط من العدو الصهيوني في تلك المناورات!!.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد