دعوة الفيصل :هل تلتقط ايران اللحظة التاريخية؟

mainThumb

18-05-2014 06:30 PM

ان دعوة وزير الخارجية السعودي لنظيره الايراني لزيارة الرياض للتفاهم حدث بالغ الاهمية لما تنطوي عليه هذه الدعوة من تاثير بالغ على مجريات الاحداث على مختلف الساحات التي تشهد صراعا غير مباشر بين هاتين الدولتان المسلمتان ان هذه الدعوة اذا ما تمت بالتاكيد هي بارقة خير وامل لفتح صفحة جديدة في العلاقات السعودية الايرانية مبنية على اسس الحوار لحل الازمات مهما تعاظمت بينهما هذا الحوار الذي اصبح ليس مطلبا سعوديا ايرانيا فقط بل مطلبا اقليميا ودوليا بالدرجة الاولى ان تطور الاحداث على الساحة المصرية وما نتج عنها من الاطاحة بحركة الاخوان المسلمين و اضعافها و تهميشها ليس على المستوى الاقليمي وحسب بل وصل الامر الى معقلها في بريطانيا كل هذا ادى الى احدث شرخ عميق في الصف المعادي لايران حتى وصل الى القطيعة بين بعض اعضائه من دول الخليج حيث قطعت السعودية والبحرين والامارات و من خلفهما مصر العلاقات مع دولة قطر ومن خلفها تركيا ان ضعف السياسة الامريكية والغربية والتفاهم الذي حصل بينهما و ايران حول برنامجها النووي و ما حدث و يحدث من تفاهمات ايرانية امريكية على الساحة العراقية من وراء ظهور دول الخليج واخيرا التراجع الامريكي عن ضرب نظام الاسد في سوريا بعد حادثة الكيماوي في ضواحي دمشق و بعد نجاح التدخل الايراني الروسي لدى النظام السوري وارغامه بالرضوخ لمطالب الغرب بتسليم كل ترساانته الكيماوية وتدميرها من قبلهم ثم قبوله بالذهاب الى مؤتمر جنيف والجلوس وجها لوجه مع معارضيه ثم فشله بسبب عدم مشاركة ايران وصمود النظام السوري امام كل الدعم المقدم لاعدائه بل وتحقيقه انتصارات عليهم في العديد من المناطق وطرددهم منها اضف الى كل هذا التناحر والاختلافات ما بين الحركات المسلحة في الثورة السورية وظهور حركتي داعش والانصار اللتان تصنفان اراهابيتان ليس في نظر الغرب وامريكا بل السعودية والعديد من الدول المساندة لهذه الثورة كل هذه التطورات والاحداث عوامل ساعدت على بلورة السياسة السعودية الجديدة وتخليها عن معارضة اشراك ايران باي حل ليس بسوريا بل في المنطقة لانها كانت تعتبرها المسبب للكثير منها ,فكيف تكون جهة حل وهي غارقة في وحلها؟ ولا نخفي سرا ان قلنا ان عدم وضوح المواقف الامريكية وبعض الدول الغربية وضعف  مواقفها لعبت دورا كبيرا في بلورة هذا الموقف السعودي الجديد الذي جاء بهذه الدعوة الصريحة والجريئة التي هي بمثابة اعتراف باهمية الدور الايراني في المنطقة

ان التناحر السعودي الايراني لا يخفى على اي احد متابع لكل الصراعات في منطقتنا التي للاسف اخذت صبغة طائفية لم تكن معروفة قبل مجيء الثورة الايرانية وللحق نقول ان الرد السني بقيادة السعودية جاء نتيجة للعديد من التدخلات الايرانية التحريضية الطائفية للاقليات الشيعية في العديد من الدول السنية والسعودية على راسها حيث برز هذا الدور في كل من البحرين من خلال التتغطية الاعلامية والمساندة والدعم السياسي والمالي الذي تحظي به مظاهرات واضطرابات الفئة الشيعية هناك وفي اليمن بالدعم المالي والسلاحي والتدريبي لتمرد جماعات الحوثي الشيعية في الشمال اليمني المحاذي للجنوب السعودي الذي كشفته الحكومة اليمينية والرئيس اليمني في اكثر من تصريح اعلامي ووصل الامر بمحاولة زعزعة الامن في السعودية نفسها عبر التجمعات والمظاهرات التحريضية من قبل فئات شيعية ايرانية في مواسم الحج السابقة ثم التحريض لبعض عناصر الفئة الشيعية في مدينة القطيف شرق السعودية حيث قامت بعدة اضطرابات وصدامات مع الامن السعودي الذي واجهها بكل حزم ثم في لبنان بايجاد وتسليح وتمويل حزب الله المنافس اللدود لتيار المستقبل الحليف السعودي الذي اتهم باغتيال رئيسه و مؤسسه ورئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري ثم العراق عبر تفاهمات مع امريكا والغرب ادى الى فرض حكومة طائفية شيعية على حساب الاغلبية السنية فباتت مسيطرة تماما على القرار هناك مما ازعج ليس السعودية فحسب بل معظم الدول العربية وجعلهم يتبنون انتفاضة اهل الانبار و مطالبهم حتى وصلت كما نرى الى صراع عسكري يحصد يوميا مئات الارواح من الابرياء العراقيين ويهدر ثروته واخيرا جاءت الازمة السورية لتصب الزيت على النار المشتعلة بين الدولتين وتخرج الصراع الى العلن فانتقل من تحت الارض لفوقها حيث وجت السعودية ودول سنية عديدة منفسا وفرصة لضرب التواجد الايراني الطائفي وتمدده في المنطقة من خلال تبني الثورة السورية بالمال والسلاح وكل ما يلزمها وحولت من ثورة سلمية الى ثورة عسكرية من اجل الاطاحة بالنظام السوري الموالي لايران الذي يعد اهم ركائز اتمدد لهلال الشيعي الذي تخطط له ايران في المنطقة من هنا ليس مستغربا ان تضع ايران كل ثقلها المالي والعسكري والميليشي والسياسي بل وان لزم الامر التضحية ببرانامجها النووي وعداءها لاسرائيل من اجل احباط و افشال اسقاط سوريا وليس كما يعتقد الاخرين نظامها للمحافظة على حلمها هذا لانها ايقنت انها اذا خسرت سوريا ستخسر لبنان ومن ثم العراق ونفسها لاحقا.

ان الانتخابات الايرانية وقدوم روحاني المعتدل المقبول امريكيا وغربيا وقبول الشروط الغربية الامريكية حول مشروعها النووي ومساهمة ايران بارضاخ النظام السوري لتدمير اسلحته الكيماوية كل هذا ادى الى تراجع الغرب وامريكا عن ضرب نظامها وحتى اسقاطه و من ثم قبول اسرائيل بما حقق من اهداف بسوريا بعدما تاكدت الاخيرة من ان الجيش العربي السوري قد قطعت انيابه بعد الخلاص من سلاحه النووي الذي كان يهدد عمقها الاستراتيجي بدون اي تكلفة حيث كان يمثل الهدف الرئيس لهؤلاء من كل هذه المعركة على الساحة السورية فلا يهمهم ان ذبح السعب السوري او دمرت سوريا عن بكرة ابيها او حكمها مرة اخرى الاسد كل همهم هو الحفاظ على امن طفلهم المدلل اسرائيل ان الاتفاقات الايرانية السورية الغربية الامريكية ساهمت الى كل هذا التغاظي من قبل الغرب وامريكا عن التدخل السافر لميلشيات حزب الله والعراقية والايرانية واخرى كثيرة واستخدام التظام لاسلحة الدمار المحرمة منها العنقودية والصواريخ وغاز الكلورين والبراميل المتفجرة يوميا في قصف المناطق السكنية المدنية مما ادى الى سقوط الكثير من المناطق التي كان الثورا يسيطرون عليها ان صمود النظام والدعم الهائل من قبل حلفائه الذين اثبتوا تماسكا اكثر من الطرف الاخر حيث التفكك بينهم حول قضية الاخوان المسلمين ودخول جبهة النصرة والدولة الاسلامية المصنفتان تحت قائمة الارهاب الى الصراع السوري والصراع الدامي بينهما ليس بعيدا عن تتناحر هذه الدول الداعمة للثورة السورية لان كل دولة تقيس على مقاسها في هذه الساحة الملتهبة بالتناقضات والتناحرات حتى اصبحت بعيدة كل البعد عن التمنيات والاهاف التي خرجت لها اصلا الثورة السورية.

ان  كل هذه الاحداث المتسارعة والمتقاطعة على ساحات الصراع فرضت خارطة تحالافات جديدة في المنطقة لذلك فان الدعوة السعودية ليست بعيدة عن هذا السياق فما يجمع السعوديين والايرانين الان اكثر مما يفرقهم فالعدو الذي يهدد الطرفين هو الارهاب وهو هدف مشترك لا بد من مواجهته اينما كان حتى في سوريا والعراق وهذا ما تفعله ايران هناك اما السعودية فواجهته باعلانها وبكل حزم ان اي جهادي سيذهب لخارج الاراضي السعودية سيحاكم ويعاقب ثم ذهبت الى ابعد من هذا باعلانها كل من تنظيمات الاخوان المسلمين والنصرة والدولة الاسلامية بالعراق وسوريا منظمات ارهابية وما اكتشاف خلية ارهابية اخيرا والفبض على عناصرها الا تاكيد سعودي لا يقبل اللبس في التصميم على محاربة الارهاب بكل قوة  داخل وخارج المملكة اضف الى كل هذا بعض التغييرات التي اجراها خادم الحرمين على بعض مراكز القوى في داخل الدولة السعودية كان ابرزها استقالة مسؤول ملف سوريا مدير المخابرات الامير بندر بن سلطان ثم دعوة وزير الخارجية السعودي الامير سعود هذا الرجل الدبلوماسي المحنك المؤثر والقوي في رسم السياسة السعودية لنظيره الايراني للاجتماع في الرياض والحوار بعد تردد بل وممانعة للمشاركة الايرانية اخرها في جنيف كل هذه الاحداث دلائل قاطعة على ان المملكة العربية السعودية لدىها قيادة تملك من الحكمة والقوة ما يحعلها دائما قادرة على مراجعة حسابتها والجلوس مع من تختلف معهم والسؤال المهم هنا هل تلتقط ايران هذه الفرصة وتصافح اليد السعودية الممدودة لها للجلوس والتحاور من اجل صالح وخير المسلمين؟, ان دعوة الخير السعودية هذه لايران بالتاكيد ستصب في مصلحة الدولتين اولا واخير في مصلحة عامة المسلمين ان تيني استراتيجية الحوار للالتقاء حول نقاط الاختلاف هي استراتيجية ستؤدي بالتاكيد الى العديد من الانفراجات في العديد من الازمات التي تدمي قلوب المسلمين وتقطع الحبل امام العديد من المتطفلين على هذه المنطقة في مقدمتهم اسرائيل و الغرب وامريكا ومن خلفهم روسيا والصين للاصطياد بالمياه العكرة في اماكن الصراع المختلفة سواء على الساحة السورية او العراقية او اللبنانية  والبحرانية واليمنية  ان مجرد اللقاء سينعكس ايجابا على كل هذه الجبهات التي تستنزف الجهد الاسلامي .

اخيرا نقول لايران ان وضعها ليس بالافضل من السعودية فهي بحاجة الى هذه اليد السعودية الكريمة التي جاءت في الوقت المناسب فهي لا زالت تعاني الحصالر الاقتصادي المدمر والمؤامرات التي لن تنتهي مطلقا سواء ابرمت ام لم تبرم اتفاقها النووي مع الغرب وامريكا فلن يحميها من ضربة غادرة اسرائيلية لان الاخيرة ليسس لها مواثيق ولا عهود واما مراهنتها على روسيا فهو الخطأ الاكبر لها لان كل المراهنين على هذا الدب خسروا ولنتذكر كل من نظامي القذافي وقبله صدام حسين اين ااصبحت الان؟ ان هذه الفرصة تاريخية على ايران التقاطها ليس لمصلحتها فقط بل لمصلحة كل المسلمين وعليها ان تراهن فقط على عمقها الاسلامي وجيرانها وعلى الشعوب وليس الافراد لان الافراد الى زوال والباقي هم الشعوب الذين هم الحصن المتين لها امام العدو المشترك المتمثل بالتطرف والارهاب الديني وخلفهما اسرائيل واطماعها وفتنها ومن يقف خلفها على ايران ان تمد يدها لشقيقتها السعودية وتبدد كل الشكوك حول برامجها سواءا المذهبية اوالتسليحية وان تبدي استعدادها للحوارحول مشكلة الجزرالثلاث الامارتية المحتلة عليها ان تنهي كل الدعوات الطائفية وتضع يدها بيد السعودية لوأد هذه الفتنة المفتعلة والتي لا يستفيد منها الا اعداء المسلمين بالهدؤ والتفاهم والتسامح الذي هو الركيزة الاساسية لديننا الاسلامي الحنيف الذي يجمعنا بهذا فقط يعم السلام والتفاهم والعدالة نحن متاكدين من قدرة وحكمة قادة الدولتين في ايجاد مثل هذه الحلول لانه لا زال هناك في الافق  فرصة وامل, فهل نرى حقا لقاء سعوديا ايرانيا ناجحا يشفي الصدور ويعطينا بارقة امل في هذا الليل الدامس ؟ من كل قلوبنا ندعوا الله ان يوفق قادة الدولتين المسلمتين ويسدد خطاهم لحقن دماء المسلمين انه هو السميع المجيب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد