مؤتمر تطوير التعليم .. ما يتوجب على الوزارة فعله

mainThumb

23-06-2014 08:02 PM

أعلن معالي وزير التربية د.محمد ذنيبات، أن وزارته بصدد عقد مؤتمر لتطوير التربية، وهنا يسجل له إرتكاب خطأ يرتقي إلى مستوى الخطيئة، لأن المطلوب هو تطوير التعليم، كون التربية ثابتة، ولا أفهم كيف سيتم تطويرها ؟ هل سيطلب من الطلاب على سبيل المثال عدم قول صباح الخير لأفراد أسرهم؟

عموما فإن هذا الخطأ يجب أن يتحمله الطاقم المحيط بمعاليه، لأن دورهم المناط بهم، هو "تسليك" الأمور وإنتقاء المفردات التي تفي بالغرض وتخدم الفكرة، لكن يبدو أن مقولة : المستشار لا يستشار، هي الإجابة على ما نحن مختلفين بشأنه، ويقينا أنه لو كان هناك مستشارين أكفاء في وزارة التربية والتعليم لما وصلت الأمور إلى ما نحن عليه.

لا نطلب المستحيل من الوزير كي يخرج هذا المؤتمر بحزمة توصيات قابلة للتنفيذ، وتنقذنا مما نحن فيه وعليه من التخبط والفشل في مجال التربية والتعليم، الأمر الذي جعل مخرجات هذه العملية تماما مثل مدخلاتها ، لا قيمة لها ،بل على العكس من ذلك ،دفعنا ثمنا باهظا ،وهو ضياع كامل لأجيال عديدة ،كان يمكن أن تفيد الوطن وترقى به إلى العلا.

أول ما يتوجب على الوزير التوجيه إليه ،بغرض التنفيذ الفوري هو:أن يتم البدء بإعادة هيكلة المرحلة التأسيسية ،وإعتماد أساس البنايات التي أصبح البعض يحولها إلى أبراج ،بمعنى التركيز على الأساسات لزيادة قدرة التحمل.

ثاني ما يتوجب على الوزير الإنتباه إليه هو :وضع حد للترفيع التلقائي ،وهذا هو السم الزعاف في العملية التعليمية برمتها ،لأن الرؤوس تساوت ،وعندما تتساوى الرؤوس ،تصبح المنافسة معدومة ،وإن وجدت في بعض الحالات فلا طعم لها.

ثالث عملية يتوجب إنجازها هي نزح الحشو من المناهج المدرسية المقررة ،والتركيز على المواد المفيدة التي يتفاعل معها العقل وتنفذ إلى القلب معا.

أما رابع خطوة وهي الأساس فهي إعادة هيكلة وبناء المعلم،لأنه أساس العملية التربوية والتعليمية على حد سواء ، وهو الحارس الأمين على أجيالنا وفلذات أكبادنا ،فإن أخلص ،حصدنا نتائج إيجابية ،وإن لم يخلص فقد خسرنا كل شيء.

وبما أن المعلم هو الأساس كما قلنا ،فإنه يتوجب على وزارة التربية والتعليم ،عقد مؤتمر وطني موسع الفعاليات ومدروس جيدا ومخطط له من قبل خبراء تربويين بالدرجة الأولى وليس من قبل منافقين يؤتى بهم للتنفيع.

يجب أن يكون  على قمة أهداف هذا المؤتمر ،إعادة الإعتبار للمعلم ،وتثبيت هذه الصفة عليه ،وعدم مخاطبته  باللفظ القديم وهو المدرس،ولن يتم إعادة الإعتبار له إلا وفق الأسس التالية:التأهيل والتدريب، والمواكبة لكل ما هو جديد وعصري في العملية التربوية والتعليمية ،وما وصلت إليه بحوث الآخرين كي يأتي لطلابه بالشيء الجديد كل يوم،وهذا لن يتأتى إلا بتأسيس فريق بحثي في وزارة التربية يواكب كل جديد،وأن يتم إشراك المعلم بهذه العملية.

وكذلك يجب مواصلة عمليات التدريب للمعلم وبالطرق المناسبة وتحفيز المعلمين بالمواظبة عليها من خلال تخصيص مخصصات لهم  كعمل إضافي ،وذلك لإغرائهم بالإنخراط فيها رغبة لا رهبة ،ونغرس فيهم الولاء والإنتماء للمهنة .وما هو اهم منذلك هو زيادة رواتب المعلمين  زيادة ملحوظة ،تغنيهم عن الحاجة  وتعيد الإعتبار لهم كي يعطوا من القلب، ويجنبهم إستغلال الآخرين لهم  بعد الدوام ،وحتى نقضي على ظاهرة المدرس الخصوص والمراكز الخاصة.

كما يجب مراعاة التخصص ،بمعنى أن نعد المعلم إعدادا جيدا ،من خلال مساقات تربوية ،عمادها تخريج متعلمين متخصصين بالتعليم ،لا أن تكون مهنة التعليم مهنة من لا مهنة له ،كما هو الحال بالنسبة للصحافي،وأن يتم سن وتشريع قوانين تحمي المعلم من تغول البعض،وإعتبار كلمته هي العليا المصدقة ،لا أن يكون رهن شكوى كيدية  ترفع ضده في مخفر ما ،ثم يتم إقتياده للمبيت في النظارة ،مع المجرمين واللصوص واللواطيين وشذاذ الآفاق.كما يتوجب على الوزارة  تكريم المعلم المثالي  وإعلاء شأنه في الإعلام وفي النشرات التي تصدرها الوزارة

كما يجب حسم قضية المدارس الخاص ،بضبطها وإعتبار عملها جزءا من الأمن القومي الذي يتطلب المحافظة عليه،ولن يكون ذلك إلا بإتباع الخطوات التالية: خلق مدرسة حكومية بمواصفات النخبة ،أي عدم فسح المجال لأي طالب بالهرب من المدرسة الحكومية إلى المدرسة الخاصة،وكذلك ضبط ومراقبة أقساط المدارس الخاصة ،ومراقبة عملها وعقود مستخدميها جيدا ،ويا حبذا لو تمتشريع قانون يحرم مسؤولا تربويا سابقا او ممارسا لعمله أن يكون شريكا  أو مؤسسا لمدرسة خاصة.

ويجب وقف ظاهرة تسريب الطلبة المتفوقين من المدارس الحكومية  إلى الخاصة  بعد  الصف العاشر على وجه الخصوص ،تحت ستار المنحة،وأن يتم القضاء نهائيا على ظاهرة المدرس الخصوص التي بدأت تغزو المجتمع الأردني،إضافة إلى وقف ظاهرة الدوسيهات التي حلت محل الكتب المدرسية،وأن يعاد النظر في قضية المراكز الخاصة ،وأن يتعاقد معها  على أن تكون شريكة لتطوير العملية التربوية والتعليمية ،بدلا من أن تأخذ هي الأخرى دور المدرسة .

المطلوب من وزراة التربية إعتماد التخصص بعد الصف العاشر ،وإعادة النظر بالتوجيهي،فمثلا يسأل الطالب في تلك المرحلة عن التخصص الذي يرغب في دراسته في الجامعة ،وعلى إثر إجابته يتم توجيهه وفق منهاج محدد لمثل هذا التخصص،وأن يتم الأخذ بعين الإعتبار أن هناك تخصصات مطلوبة في لمجتمع لتطويره وتنميته مثل التجارة والصناعة والزراعة والفندقة والموسيقى ،بدلا من تركيز الإهتمام على دراسة الطب والهندسة.

يجب إعادة النظر في المنالهج التعليمية كل عشر سنوات ،وأن نكون جاهزين لوضعالبديل بعد دراسات مستفيضة يراعى فيها ضرورة تطور البلد ،وأن يتم ربط العملية التعليمية بالسوق المحلية والعربية على وجه الخصوص ،وهنا لا بد من عدم إغفال دور الجامعات التي ستكون ذات أحمال أقل ،إذا ما أنجزنا المهام المطلوبة منا في المدرسة.

القضية كلها  تندرج ضمن  المدخلات والمخرجات ،بمعنى أن مدخلات الجامعة ترتبط بمخرجات المدرسة ،وأن مدخلات السوق مرتبطة بمخرجات الجامعة.

ما يتوجب على الوزارة إنجازه هو زرع القيم وحب الوطن بطريقة عقلانية ،بحيث لا يقرأ  الطالب شيئا ،يغاير ما هو موجود على الأرض ،أي ألا نصور للطالب أننا منتصرين ،وما تزال إسرائيل تتربع على أكتفانا من الماء إلى الماء.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد