الوزير محمود والسفير باسكو والطلبة في اوكرانيا

mainThumb

03-07-2014 02:42 PM

بعد اكثر من اربعة شهور على الانقلاب الغير دستوري الذي قامت به الطغمة الفاشية  من الراديكاليين والنازيين الجدد من مخلفات ستيبان بانديرا على السلطة الشرعية في البلاد والاطاحة بالرئيس الشرعي فيكتور يانوكوفيتش بدعم ورعاية مباشرة من دائرة الاستخبارات المركزية الاميركية ( ال سي .اي . ايه) يخرج علينا سفير هذه الزمرة النازية في عمان سيرغي باسكو في تصريحات رنانة حول اهتمام بلاده بالطلبة الاردنيين وحرص سلطات كييف من الفاشيست بنقل الطلبة الاردنيين من الجزء الشرقي في اوكرانيا الى الجزء الغربي لمتابعة دراستهم وذلك خلال لقاءه وزير التعليم العالي والبحث العلمي امين محمود يوم امس . حقيقة ان الخبر الذي نشرته وكالة الانباء الاردنية حول اللقاء والمباحثات استوقفني ويجب ان يستوقف كل ولي امر و ملم وعارف ومحيط بواقع الحال في اوكرانيا اليوم وما تشهده هذه البلاد من أزمة حقيقية في ظل سلطة نازية وحرب معلنة وتهديدات بأعظم ، فمنذ البداية وبعد الانقلاب الدموي في الثاني والعشرين من شباط الماضي وتولي الكسندرتورتشينوف المتحدث بأسم البرلمان الاوكراني زمام الامور وهو من القيادات الراديكالية الشوفينية تم اعلان حظر التعامل والتحدث حتى باللغة الروسية  على الرغم من وجود نسبة ربما تفوق عدد الاوكران انفسهم من الروس القاطنين في جنوب وشرق البلاد ووسطها في اشارة لنوايا الغاء هذه اللغة في اوكرانيا ومجرد التحدث بها من قبل اصحابها المواطنين الروس في اوكرانيا ، ولم يتوقف الامر عند هذا الحد ، لا بل سير تورتشينوف حملة عسكرية بقيادات ومستشارين امريكيين ضد الشعب الاوكراني من اصول روسية في شرق اوكرانيا "مناطق الدنباس"  بحجة محاربة الارهاب وهو الشعار الذي تتبناه واشنطن في حروبها على شعوب العالم في افغانستان وقبلها العراق .

وبحجة ترسيخ الديمقراطية والامن كما فعلت في ليبيا وتونس ومصر قبل ثورة يونيو العام الماضي واسترجاع السلطة  هذه الحملة ما تزال مستمرة حتى اليوم بالرغم من انتخابات اميركية جرت في اوكرانيا الشهر الماضي افضت لفوز الملياردير بيوتر باراشينكو احد زعماء انقلاب الميدان برئاسة اوكرانيا والذي تعهد بمواصلة الحملة العسكرية وبشكل اكثر صلافة ودموية مستخدما القوات العسكرية النظامية من طائرات ودبابات وقوات مشاة وقناصة تستهدف رياض الاطفال والمدارس والمستشفيات وحافلات اللاجئين الفارين باتجاه روسيا وحتى طواقم الصحفيين والاعلاميين لم تسلم من الاستهداف وهو ما ادى الى مقتل ثلاثة اعلاميين روس خلال اسبوع واحد. لا ادعي احاطتي بالسياسة الجديدة لاوكرانيا ولكن ولأني عملت في اوكرانيا كأول مستشار ثقافي اردني ولسنوات تجاوزت الثلاث سنوات ومن خلال اطلاعي على واقع الدولة والشعب الاوكراني استطيع القول بانه من الصعب ان لم اقل المستحيل الابقاء على اوكرانيا دولة موحدة وكيان سياسي اقتصادي واجتماعي واحد في ظل المشاعر القومية المتطرفة للشعب الاوكراني في الغرب يقابله تعقل وحرص على الوحدة في الشرق الاوكراني ، نعم لقد عملت الآلة الدعائية الراديكالية على مدى ثلاثة وعشرين عاما من قيام الدولة الاوكرانية المستقلة لأول مرة في التاريخ عام 1991 على غرس القيم البانديريه المتطرفة في برامج التنشئة للشباب في محاولة لخلق جيل جديد من النازيين الجدد ولعل حزب " القطاع الايمن " بزعامة يارش وحزب  يوليا تيموشينكو وحزب كالومولسكي خير دليل على النزعة الفاشية الجديدة في اوكرانيا وهو ما دفع قادة هذه الاحزاب بتنفيذ انقلابهم وبسط نفوذهم على اجزاء من اوكرانيا  بمساندة اميركية واوروبية.

اعود للحديث عن الطلبة الاردنيين ومباحثات باسكو- امين في عمان لاضع الاردنيين واهالي الطلبة بصورة الاحداث والواقع اليوم في اوكرانيا والتي تشكلت على النحو التالي : يبدو ان سعادة السفير ومعالي الوزير الذي زار اوكرانيا مطلع آذار الماضي ولا ندري لماذا والبلد كانت تعيش بداية الفوضى والازمة ؟ يبدو انهما يحاولان ذر الرماد في العيون لأن الحديث عن نقل الطلبة من الشرق الى الغرب مسألة ليست بهذه السهولة في ظل اعلان بعض ولايات الشرق الاوكراني " دانيتسك ولوغانسك ومعهما ماريوبل وغيرها من المدن " حيث تواجد غالبية الطلبة الاردنيين جمهوريات شعبية منفصلة عن سلطات كييف بعد استفتاء شعبي جرى في ايار الماضي وتدور هناك معارك طاحنة لا تسمح ظروفها للطلبة بالعودة الى هناك لاستكمال اجراءات النقل لو افترضنا انها ممكنة اصلا ، اضف الى ذلك  والاهم ان الدراسة في الشرق الاوكراني باللغة الروسية المحظورة حاليا في اوكرانيا بينما التدريس في جامعات لفوف وتشيرنافتسي والغرب الاوكراني باللغة الاوكرانية وهو ما يتطلب اجتياز سنة تحضيرية جديدة لأن النظام الجديد في كييف يصر على اللغة الاوكرانية هذا اذا توفرت التخصصات العلمية والمقاعد في جامعات الغرب الاوكراني؟ والاهم من كل ذلك فأن الجزء الغربي من اوكرانيا ليس معصوما من الاحداث في المستقبل القريب في ظل تنامي الاحتجاجات الشعبية هناك ضد السلطات الجديدة وهو ما يشكل تهديدا حقيقيا لمستقبل طلبتنا في هذه البلاد بشكل عام ، فهل يدرك باسكو ومحمود خطورة الاوضاع خاصة بعد توقيع الشراكة التجارية مع الاتحاد الاوروبي وانعكاساتها على الضرائب وارتفاع الاسعار وتضاعف تكاليف المعيشة في اوكرانيا  مما يشكل عبئا اضافيا على طلبتنا لو استمروا بالدراسة هناك؟.

علينا في الاردن التعامل بجدية بالغة مع ملف الطلبة الاردنيين في اوكرانيا وعلى مستويات حكومية اعلى من سفير ووزير اذا ما اردنا ايجاد حل جذري للمشكلة قبل تفاقمها ونلطم الكف بالكف فيما بعد ندما ، لا بد وانا اشعر بالمسؤولية الوطنية والواجب بتقديم النصح والرأي في هذا الموضوع الحيوي ، اذ يدرس في اوكرانيا اكثر من ثلاثة آلاف طالب اردني غالبيتهم في مناطق الصراع  من الشرق الاوكراني  اجد من الضروري السعي لابرام اتفاقية مع الجانب الروسي لنقل طلبتنا الى الجامعات والمعاهد الروسية  على غرار طلبتنا في شبه جزيرة القرم الذين اصبحوا ضمن الدولة الروسية حكما، حيث الامن والاستقرار واللغة الروسية واستقرار الاسعار وتكاليف المعيشة وهو ما سيريح الاهالي والدولة الاردنية في المستقبل البعيد والقريب ، الاوضاع في اوكرانيا جميعها لن تستقر قريبا ولن تهدأ وتعود الحياة الى طبيعتها الا بزوال الاسباب الرئيسة وهي الطغمة الفاشية الحاكمة اليوم في كييف . علينا في الاردن استدراك الامور وتفادي ازمة مع بداية العام الدراسي الجديد كي لا نجد هؤلاء الطلبة العائدين والفارين من اوكرانيا امام وزارة التعليم العالي او الديوان الملكي العامر او رئاسة الوزاراء يرفعون يافطات المطالبة بنقلهم واستيعابهم في الجامعات الوطنية على غرار طلبة العراق واليمن وليبيا الذين عادوا بسبب الظروف الامنية في تلك البلدان ، علينا ان نبتعد عن البروتوكول الدبلوماسي واللقاءات البروتوكولية كما فعل الوزير محمود في زيارته الى اوكرانيا هذا العام وحديث السفير باسكو بالامس عن استعداد نقل الاردنيين الى مناطق اكثر أمنا ولكنها مهددة ايضا باعمال العنف والعسكرة ونحن نرى ونسمع تصريحا كالومولسكي الرافضة للانصياع لقرار الرئيس باراشينكو بوقف العمليات العسكرية المؤقت في الشرق الاوكراني ومواصلة جيوش يارش من القطاع الايمن وعصابات القوميين المتطرفين اتباع تيموشينكو هجماتهم على المواطنين في مدن وقرى الدنباس وسط تأييد رسمي من الرئيس الاوكراني نفسه ، اللعبة في اوكرانيا اكبر مما يتصور البسطاء من السياسيين فالناتو يتحضر لدخول اوكرانيا وروسيا من جانبها تجري تدريبات عسكرية واسعة ولن تسمح بمثل هذا التدخل لحلف الناتو في حديقتها الخلفية اوكرانيا مهما بلغ الثمن والاوروبيون يدركون المخاطر للازمة فنراهم يحاولون دون جدوى التخفيف من حدة التوتر بين روسيا من جهة والولايات المتحدة من جهة اخرى ، واذا ما حصل صدام فماذا عل الوزير محمود والسفير باسكو فاعلان لانقاذ ابنائنا الطلبة ، اما المستشار الثقافي في كييف فلا حول ولا قوة له في ظل هذه الظروف الغامضة وهو نفسه بحاجة لمن يعينه لشراء حاجياته من المحلات التجارية لعدم درايته سواء باللغة الاوكرانية ولا ظروف البلد  . ومن هنا اقول بان الحل يكمن في توجيه ابنائنا الطلبة الى روسيا وجامعاتها لضمان راحة البال والاستقرار للدولة واهالي الطلبة .
واخيرا اود ان اسأل كلا من الوزير والسفير هل الطلبة في اوكرانيا يغادرون الى اوكرانيا عن طريقهم ام من خلال مكاتب الخدمات الجامعية والوزارة والسفارة لا علاقة لهما بالطلبة الا بمنح تأشيرة الدخول وتعريف من يراجع الوزارة بقائمة المؤسسات المعترف بها في اوكرانيا والتي تم تفصيلها بشكل يثير الريبة والشكوك لأن كل الجامعات هناك معترف بها من قبل الدولة الاوكرانية فعلى اي اساس تم التمييز بينها .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد