الصحوة المفتعلة

mainThumb

08-09-2014 09:16 PM

لن يقنعنا رئيس الوزراء البريطاني,السيد كاميرون الذي كشرعن أنياب (الديمقراطية العريقة) بكل فجاجة عندما تعرض أمن وطنه لخطر ما صنعته سياسات بلاده من أعداء,متناسيا ومتجاهلا أن مثل هذا الحق لم ينزل من السماء على دولة دون سواها,أو على أمة بعينها أو على شعب مختار!!.

ولن يقنعنا الرئيس الفرنسي هولاند الذي قاد وضع بلاده إلى وضع دولة فقدت هيبتها من نوعية مواقف سياسييها وتصريحاتهم المتناقضة والصبيانية المضحكة  حول الأزمة التي افتعلوها في سوريا بإدارة أميركية مبيتة,لن يقنعنا هؤلاء  الساسة بأن أيا منهم تفاجا بما تحققه داعش,وغيرها من المنظمات المسلحة من أعمال نهب وقتل وتهجير طائفي وثقافي وعرقي في العراق وفي سوريا وفي ليبيا وغيرها من الدول التي (حظيت بالربيع الدموي),وتلك التي نجت منه.

لن يقنعنا إعلام مفبرك وقوى جشعة طامعة في مقدرات الوطن العربي بأن   مؤسسات دول (أصدقاء سوريا) الاستخبارية,ومراكزهم للدراسات الاستراتيجية,وبؤر التجسس في سفارات دولهم في كل مكان, وما جندوه من   مخبرين ومتعاونين محليين مع أجهزة مخابراتهم,وأن قدرة تقنياتهم التجسسية والتتبعية لتحركات القوى المدنية والعسكرية على الأرض من أعالي الفضاء وقدرتهم على رصد اللقاءات وتصويرها والتنصت على المكالمات الهاتفية من أي مصدر,وأن كل هذه القدرات لتقنية فشلت في رصد تنامي قوة الجماعات التي جندتها هي بذاتها السياسية الملعونة بالتعاون مع ثروات السعودية  وقطر ومليونيريي الخليج العربي وأمدتها الولايات المتحدة بالمساعدات العسكرية واللوجستية والمعلوماتية, واعتمرت نفس السلطان أردوغان المحبط على الدوام, شهوة السلطنة التي تعمل تلك القوى بهدف إقامتها,فتوهم السلطان الأرعن التركي أن فرصته التي تمكنه في النهاية من تنصيب نفسه خليفة للمسلمين,ومراكز خلافته لا تقيدها حدود  ولا تعيق نجدتها قيود جغرافية أصبحت قاب قوسين أو أدنى.

كان أغلب الظن لدى تلك المجموعات المتعاونة بنشاط على طمس الهوية  العربية من القوى الغربية الحاقدة خاصة منها الأوروبية بزعامة بريطانية – فرنسية أن القوى الراديكالية,والمتعصبة عرقيا ودينيا,والمتشددة طائفيا وإثنيا,والتكفيرية لكل  ماهو في حكمها السطحي الآخر ستتمكن من الوصول إلى السلطة وستستقر بها أوضاعها في تلك الدول العربية المتوهمة بنعيم(الربيع العربي) لتحكم بالترويع والتخويف والقتل والتشريد وأن تستقر لها الأمور لتأخذ البلاد إلى مرتبة : الدولة الفاشلة,فعملت على تسهيل مغادرة المقاتلين إلى سوريا عبر تركيا والحدود المشتركة الأخرى مع الأردن ولبنان,خلاصا منهم.فإن نجحوا استقروا هناك بعيدا عن أوروربا التي يحملون جنسياتها,وإن قتلوا فقد ارتاحوا وأراحوا بالخلاص منهم.وهكذا عملت السعودية بتمويل إرسال المتهمين في معتقلاتها بالإرهاب إلى سوريا متعذرة تدعمها قطر ودول الخليج بالدفاع عن (حرية الشعب السوري وديمقراطيته !!!) كي يتحول الحكم السوري إلى نمط الحريات والديمقراطية لديها!!!

أما وقد واجه الجيش السوري وقواه الشعبية والأمنية,ومؤيدوه من المستنيرين,هذا التدفق العدواني بخليطه الغريب العربي-الشيشاني-الأميركي-البريطاني-الفرنسي-التركي-الهولندي-الألماني- الصهيوني دائما وباستمراروغيرها من الدول,باستبسال وتمكن من الصمود في وجه هذه القوى بكل ما تحمله من أسلحة وأموال وتعبئة معنوية غررت بالكثيرين منهم.وكان تقديم قوافل شهداء السوريين من القادة العسكريين والأمنيين والمقاومين ومختلف الرتب والمواقع القيادية والتنفيذية من العوامل الرئيسية التي شكلت علامة بارزة في تصدي جماعي تتفاعل فيه القيادات بالقواعد بتعاضد منقطع النظير,مما ساهم في رفع المعنويات الشعبية في تعضيد مواجهة صامدة ومصرة على الدفاع عن شرف الوطن وعن مفردات الوطنية والقومية ضد تجمع قوى شرس مدعوم بحملات إعلامية معيبة بالكذب والتضليل وتواطؤ منظمات دولية وعربية مشبوه ومنافق.

كانت المراهنة على انهيار سوريا,خاسرة وفاشلة لأنها لم تميز بين شعب يحمل تراثا حضاريا عريقا وبين أطماع وأحقاد وضغائن تعتمر صدور الامبريالية والجبناء والمرتزقة.وقد ارتدت كرات النار التي أشعلوها ومضوا في سكب الزيت على نارها,ارتدت على أصحابها,فأخذت تدق أبواق التحذير من (التكفيريين,والمتطرفين,والإرهابيين,والمتشددين ...) وهم الفئات التي طالما دعمتها تلك الأطراف وسهلت دخولها إلى سوريا مجهزة بالسلاح والمعدات الحربية والأموال والمعلومات والخدمات الاستخبارية,وكانت تسميها قوى (ثورة الشعب السوري).وما أن أدارت  تلك الفئات ظهرها لواقع سوريا الصلب الذي أوهموا و توهموا بمقاربته بليبيا والتفتت إلى عواصم التغرير والتحريض متوعدة أنظمتها,مذكرة إياها بأنها مستهدفة زمنيا وجغرافية,وأن الدرب السوري تحول إلى درب خبرة وتمكين بعد أن ضيق الشعب السوري الخناق على قواهم المتوحشة والموغلة في التآمر والجريمة,حتى ارتعدت تلك الأنظمة,وأخذت تعلن النفير العام في أجهزتها,وتغير وتبتكر القوانين التي قد تمنع عودتهم إلى بلاد يحملون جنسيتها بتجريدهم من تلك الجنسيات التي تواجه معضلة قانونية في إقرارها في وقت قصير,وأعلنت حالة طوارئ جدية في مؤسساتها العسكرية والأمنية.

رئيس وزراء بريطنيا,السيد كاميرون,يهدد بأن الشرطة البريطانية ستصادر جوازات سفر كل بريطاني (وهو إجراء تجيزه قوانين الدولة العريقة بالممارسات الديمقراطية عندما يتعلق الأمر بمواطنيها الخلص لدستورها) سبق وأن قاتل إلى جانب جماعات إسلامية متشددة!!(العقاب يطال من سهلت لهم الحكومة وحثتهم عليه)؟؟ وشمل تهديده كذلك أن السطات البريطانية ستعمل على منع عودة أي جهادي إلى الأراصي البريطانية (لم يبين كيف يمكن فعل ذلك دون مخافة القوانين البريطانية) وحاول أن يستنجد بدعوة شركات الطيران الانخراط في التدابير الأمنية (توريط  تلك الشركات في خلافات مع المسافرين على متنها).وتقوم هولندا بإعداد قانون لسحب الجنسية الهولندية من كل شخص سبق وارتبط بجماعات إرهابية,وهذا,على الأرجح فيه تهديدا مباشرا للعديد من المسلمين في داخل هولندا؟؟!!.
 
صحوة هي في واقعها صيحة من آلام آثام ارتكبتها تلك القوى ضد العديد من الأقطار العربية,بدأت ربما(في العصر الحديث) بقتل أكثر من مليون عراقي  نتيجة حصار ظالم تجاوز العشر سنوات,وقتل أكثر من نصف مليون عراقي في عملية غزو همجية أميركية – أوروبية – بعض عربية.

صحوة كاذبة ومفتعلة,لأنهم إن توقعوا أن في سوريا خلاصهم من تلك القوى المتعصبة التي ترتكب جرائم التخويف والترهيب, فقد خابت توقعاتهم,وإن لم يفطنوا (الغربيون منهم) إلى عداء تلك القوى لنظمهم ولجرائمهم بحق الشعوب الأخرى,(والعرب منهم) إلى فساد أنظمتهم وتخلفها,وتواطؤها,فإن حاجتهم إلى إدراك الواقع,عظيمة,وأن سياساتهم ومواقفهم التي يعبرون فيها عن دورهم بحاجة إلى تغيير جذري, وإن السلام إن لم يكن مع النفس,فمن الصعوبة إيجاده عند الآخرين أو بهم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد