ذهب عجلون أم ذهاب الأردن

mainThumb

21-09-2014 09:23 AM

أصيب الأردنيون بحالة من الذهول الهستيري غير المعتادة منذ عقود طويلة؛ نتيجة لما أشيع عن حفرية مليارية تمتلئ بكنوز هرقل العظيم، وسط لغط بين عثمانية الذهب أم رومانيته....وقبل الدخول في تفاصيل جنسية الذهب، فهل هناك ذهب أصلاً؟


من هنا بدأت الحكاية....هل الذهب كان آخر حلقات الفقد الوطني؟ أم أنها واحدة منها والحبل على الجرار؟ إذن: لماذا أصيب الأردنيون بالذهول؟ هل وقفوا أمام مشهد جنائزي غير معتاد؟ أم أن الذهب له بريقه الخاص الذي يذهب بالألباب؟


أقول نعم: مع أن الذهب لم يكن هو المنهوب الوحيد على ثرى هذا الوطن، فقد نهب ما هو أكثر من الذهب...لقد نهب الإنسان نفسه، والذي تحول مع تقادم السنين عليه مجرد عملة ورقية قابلة للتبديل والتغيير، لا لشيء، وإنما خوفاً عليه من التزوير أو التقليد...نعم بضاعتنا الحقيقية هي الإنسان...الإنسان الذي هو الوطن..., وليس الوطن الذي يذهب في متاهاته الإنسان....فلا وطن بلا إنسان...كما أنه لا إنسان بلا حضور مادي، ولا وجود معنوي...لست فيلسوفاً لكنني أجزم أن خسارة الأردنيين لم تكن كمية من الذهب التي لطالما عثر المنقبون على مثلها..قل الذهب أو كثر، لكن خسارتنا الحقيقة هو الإنسان الأردني، تلك العملة النادرة التي لم تعد موجودة في كثير من بلدان العالم، ويصر القيمون على شؤون الوطن أن يبقوه في دائرة الهلكة حتى لا يقوى على نصب ظهره ناهيك عن رفع رأسه من شده الضربات التي يتلقاها كل يوم..


هل حقيقة أن الأردني يعيش حالة من التشوهات المتتالية التي قد تودي بتوازنه المعهود، وصموده الأسطوري في مقابل خارطة فاسدة من الاستراتيجيات واللوثات الخططية المقصودة في الواقع المعاش..لماذا يصر المخطط لما يحدث كله أن يحثو الملح على الجراح، بل يحشوها بالملح حشواً...هل يريد أن يستأثر بآخر قلعة شامخة على تراب الوطن....فقد باعوا كل شيء ولم يبق إلا أنا -الإنسان- فماذا بعدي...


ما بعدي هو الطوفان...فإذا شعر الإنسان أنه في طريقه إلى المحرقة...إلى هولوكوست الحكومات المتألهة بدون دليل، فإن السبيل سيكون الأقصر مع أنه الأصعب...لكن إلى أين المنتهى....هنا يكمن المجهول...لا الشيطان...فقد تعدينا مرحلة الشيطان منذ زمن...فقد أعاننا الله عليه وأصبح شخصاً مألوفاً لدينا....أما المجهول فهو الذي بقيت جدتي تتحدث عنه...وتبعتها أمي...وكنت أراه في عيون جدي المرققة بالدموع المنحبسة حباً للوطن...وعشقا لترابه....


أنا أقول: على سيد الدوار الرابع وفريقه المبجل أن لا يراهنوا كثيرا على عشقنا لوطننا، وحبنا لترابه...ففي لحظة يطلق الإنسان فيها النار على نفسه، أو قد يمزق ثيابه أو يشعل النار في جسده....لماذا؟ لأنه فقد كل شيء....فهل يعيدون لنا شيئا من أي شيء...حتى نعود....
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد