إنه صراع بين القيم

mainThumb

23-09-2014 09:42 AM

الصراع بين الشرق وبين الغرب,ليس وهماً فكرياً ابتدعته مراكز الدراسات ومحللو الاستراتيجيات الدولية.ولعله صراع تحييه بين حين وآخر هواجس العظمة التي تولدها القوة في العديد من المجالات,العسكرية والاقتصادية والفكرية والعملياتية وأيضاً منظومة القيم التي ولدتها حضارة القوة ذاتها.

تميزت الحضارة (ات) الشرقية بولاء صادق لمنظومة القيم وتغليبها في كثير من الأحيان على المصالح الآنية العابرة لمجتمعاتها,والتركيز في المواقف من القضايا الدولية على خلفية قيمية مباشرة وعميقة الأثر في الوجدان الشرقي.أما ما اتضح على مر الزمن من صفات لمنظومة القيم الغربية (الأميركية – الأوروبية) عي صفة البراغماتية التي تضع المصلحة في مقدمة الأهداف العامة وتغليبها على أي من عناصر قيمها الأخرى.فالمصلحة تحقق مكاسب آنية أو دائمة.والفرق الأساسي بين المنظومتين يؤطره الأسلوب الذي يتعامل به كل طرف مع الآخر,وفي السلوك الذ تتبعه سياساته ومواقفه من القضايا الثنائية أوالإقليمية أو الدولية.والثانية بهذه الصفة البراغماتية تلجأ على الدوام إلى الصيغ الاحتكارية في تشكيل قواها,وفي تحديد أصدقائها وفي توصيف شركائها وفي توظيف مواردها المختلفة. وكانت مقولة ألغاية تبرر الوسيلة مصدر إلهام لمنهجية الغرب الذي تمكن من تطوير قواه العسكرية ليس في داخل مجتمعاته وإنما في الدول الضغيفة والفقيرة الأحرى.فقد   ظل الغرب يتغنى في مجتمعاته بحرصه على القيم الإنسانية في العدالة والحرية والديمقراطية واللأخلاقية واحترام التعددية وصون حقوق المواطنة...أما في سلوكه مع الأمم الأخرى فقد سلك سلوك الحيوانات المفترسة الجائعة والتائهه في صحارى جرداء.

ولعل أبرز دليل على تقديم المصلحة على القيمة الأخلاقية والتراثية,السياسات الاستعمارية التي مارستها الدول الغربية بشكل مباشر تحلله أعمال قتل واضطهاد ونهب للثروات في الدول الفقيرة من أجل رفاه شعوب الدول الغربية اقتصاديا وتجاريا وصناعيا.....وظلت هذه السياسات قائمة تحت شعارات حقوق الإنسان والحريات ومقارعة الدكتاتوريات والحديث الخبيث عن العدالة والتنمية ومساعدة الشعوب على النهوض الاقتصادي,أي أخذت هذه القيم دور التغطية على أعمال نهب ثروات الشعوب وتفتيت قواها القومية والعرقية وخلفت بؤر حكم فاسدة وتكفلت بحمايتها على الرغم من أن بعضها ثيوقراطي,وبعضها دكتاتوري ونظم دولة عائلية وآخرون موالون للغرب طيعون لسياساته حامون لمصالحه على حساب مصالح أوطانهم , وصراعات بين مكونات الشعب الذي ابتلي باستعمارها,لتشتيت موراد الدول والإبقاء عليها...وقد أقرت الزعامات الأميركية بصراحة أن مصالحها تقبع في دعم النظم الدكتاتورية والقمعية وحماية وجودها,لأن ه بمجرد تحرر أي دولة من تلك الدول من تلك النظم يحزلها إلى قوى معادية للنهج الأميركي النفعي المجرد من كل القيم التي تعارفت عليها كل الحضارات الإنسانية منذ القدم.

ومن العلامات الفاضحة في سلوك الغرب عامة وأميركا خاصة تتضح بجلاء في ازدواجية المعايير,والكيل بمكاييل تنبع من مصالح تلك الدول بغض النظرعن أي قيمة حضارية أو إنسانية أو أخلاقية.وتركز عداء السياسات الغربية على القوى الوطنية والتحررية في العالم وفي الدول العربية التي تشكل لهم منطقة اهتمام  مصالح خاصة خاضعة للمراقبة على مدار الساعة,وتضع الخطط والبرامج التآمرية والاستخباراتية والعسكرية المباشرة لكسر شوكة القوى القومية بحكم إنها وطنية بالضرورة أي إنها قوى تريد التحرر السياسي ولاستقلال الاقتصادى والسيادي في قراراتها وفي مواقفها من قضايا العالم دون تبعية,وبما يخدم مصالح أبنائها ويصون استقلالها.


ما زالت الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ هزيمة فيتنام,أسيرة غطرسة القوة العسكرية المجردة من كل قيمة من القيم الإنسانية,وعنجهية الساسة  من أصحاب القرار,المبنية على قتل كل أسباب الحياة البشرية والنباتية والحيوانية,على الرغم من مضاهاة قيم المجتمع الأميركي للقيم الإنسانية,وعلى الرغم من التزام تلك الإدارات بكل عناصر تلك القيم بجدية ودون تهاون.ولكن ثنائية المصالح – القيم التي واجهت الحضارات بمختلف منابعها وتعدد مناشئها وتنوع مصادرها رسمت خطوط افتراضية بين تزاوج المصالح والقيم من ناحية وبين تناقضاتها.والتناقضات التي عمقتها السياسات الاستعمارية وجعلت منها منهجا لتعاملات القوى الامبريالية مع الشعوب الأخرى,دون شعبها في الداخل,فعمقت بذلك التضارب في المصالح بين دول طغيان القوة وبين دول النضال التحرري من تلك القوى وأعوانها.فظل الشرق بالمعنى التراثي صاحب فضل على ترسيخ القيم الإنسانية وتعلية عناصرها في علاقاتها بعضها ببعض,واستمر الغرب من نفس المعنى,في وضع مصالحه في المقدمة,مهملا كل قيمة من شأنها أن تقلل من حجم المصالح التى تسعى للسطو  عليها ونهبها.ولذلك لا غرابة في تجاهل تلك القوى للقرارات الدولية,ومخالفة القانون الدولي والاستخفاف بالرأي العام للدول والشعوب الأخرى.

الأدلة التاريخية على علاقة التناقض بين القيم وبين المصالح التي أفرزتها مدرسة الغرب النهبوية والعدوانية لا نهاية لها,ولا حدود لها فقد دام تواصلها واستمراراها حتى يومنا هذا,وإلا فكيف سيحارب الغرب وأعوانه الطيعين من – بعض العرب – الإرهاب في سوريا والعراق,دون تعاون سوريا أو التنسيق معها وهي تتصدى لإرهابهم منذ أكثر من تلاث سنوات ونصف.والأنكى من ذلك شمول خطة محاربة الإرهاب بدعم المعارضة السورية المعتدلة!!!! في سوريا (والتي من المفروض أنها تشمل القوى المسلحة من غير تنظيم داعش,وهي جبهة النصرة الممثلة للقاعدة والإخوان المسلمون والحركات السلفية) وتدريبها في السعودية لتهبط من السماء,حاملة رايات الحرية السعودية وديمقراطيتها الفذة !! (وهل علينا التذكير بأن النظام في السعودية نظام ثيوقراطي بكل المعايير) على أرض الحضارة العريقة ومهد المعرفة بالقيم الإنسانية والدينية في الأرض السورية.

 فهل تسعى إدارة لم تحقق نصرا عسكريا على الرغم من قوامها العسكري العملاق وحلفاء لا يقوون على مواجهة أخطار تحدق بهم إلا بالاستنجاد بالأجنبي,هل يسعون إلى مقايضة ما؟؟ يحفظون بها ما بقي لهم من رذاذ ماء في وجوههم القبيحة؟؟!!.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد