بريطانيا وهاجس أسمه فلسطين

mainThumb

14-10-2014 11:13 PM

تعاني بريطانيا هذه الأيام من أوضاع اقتصادية صعبة، تستهلها بالكثير من الإعلانات عن العجز الاقتصادي ومستويات التضخم وما إلى ذلك..لكنها مع ذلك لا تنسى أن تتذكر حرارة جريمتها التي ارتكبتها قبل قرن من الزمان، عندما قرر اللورد بلفورد أن ينعم على الشعب اليهودي بفلسطين كوطن قومي لهم..فكانت منحة من لا يملك لمن لا يستحق، ومع ذلك سارت هذه المنحة وأخذت شرعيتها بعد ثلاثين عاماً من الويلات التي تعاضدت فيها بريطانيا من جهة والعصابات الصهيونية من جهة أخرى حتى تفرز دولة يهودية معترف بها في الأمم المتحدة...أمام هذا كله تعود بريطانيا من جديد محاولة تصحيح الخطأ –هذا إن كانوا يقرون أنه خطأ- وتريد الاعتراف بدولة فلسطينية للفلسطينين..دولة شكلية لا تمثل إلا رقعة يسيرة على أرض لم يبق منها غير الذكريات في كثير من الأحيان...
وليس هذا هو هدف المقال وفحواه...لكن الفحوى أن بريطانيا العجوزة لا زالت تتصور أنها تلك الشابة الفاتنة التي كانت قبل قرن من الزمان بقوتها وعدتها ومستعمراتها وخيراتها، محاولة أن تغطي شيبها بوابل من التصريحات والتحركات والتحالفات التي تدخل فيها كل مرة ثم تخرج بخفي حنين. بريطانيا تعمل تماما كذلك العجوز الذي تعداه قطار الزمن ولا زال يظن أنه الأقوى والأجمل من بين أبناء القبيلة، فهو حتماً يستخدم مرآته القديمة لم يتركها على قدمها فحسب، بل خلعها ووضع مكانها صورته أيام أن كان شاباً وسيماً فاتناً...فهو في كل يوم يتأنق هذا العجوز وينهض إلى مرآته –أو ما تشبه مرآته- لينظر فيجد نفسه ذات الشاب الذي مرت عليه كل تك السنون ولم يتغير أو يتبدل، بل على العكس ازداد خبرة ومراساً في الحياة...


بريطانيا لا زالت تحاول أن تقف في صف الأقوياء وهي تعلم أنها دون ذلك بكثير، فهي إن استطاعت أن تصطف في صفهم فهي في الحقيقة ليست إلا ظلاً رمادياً يتماهى أمام الجميع محاولاً أن يكسب الآخرين شعوراً بقوته وجبروته الذي لا نرى منه غير هذه المواقف المؤيدة أو المتزلفة لابنتها أمريكا...التي كانت في يوم من الأيام مستعمرة لها، ومحكومة لديها...وهي ذات الصورة التي يجب أن يفكر فيها العرب والمسلمون أن من يملك الآن قد يضطر في المستقبل أن يتزلف لك حتى تسمح له بالظهور على طرف الصورة بجانبك أو خلفك...وهذه هي الحياة، فلا خلود لأحد، والأيام دول..فستزول أمريكا...ويبقى العرب والمسلمون...وقد يحاول غيرهم أن يأتي فماذا نحن فاعلون؟! هل ننتظر لنبدل سرجاً عن حصاننا الأصيل بسرج آخر يملك فارساً أو غازياً جديداً يمتطي صهوة هذه الأمة...أم أننا يمكن أن نعيد ترتيب الأوراق بما يقلب السحر على الساحر، فنعلم أبناءنا وأجيالنا كيف تحيا الأمم، وكيف ترتقي صهوة التاريخ بلا منازع...ولدينا التاريخ والمعطيات، فمن يعلق الجرس؟!!
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد