أثر الاقتصاد على التعصب والإرهاب - 3

mainThumb

20-11-2014 06:43 PM

يسود الغضب الشعبي,واستنكار الأعمال العدوانية المدججة بالقوة المتغطرسة,كما تفعل الولايات المتحدة الأميركية,وقوى الامبريالية الموالية لها والتابعة المنفذة لمخططاتها مدعمة بالحركة الصهيونية المحتلة لفلسطين وما ترتكبه من أعمال إجرامية منظمة ومنتظمة أي إرهاب دولة ممنهج ومقصود ضد الشعب العربي في فلسطين وفي الدول العربية قاطبة,وكأن هذه القوى التي امتهنت الأعمال الإجرامية من قتل وتدمير ونهب للثروات,وجدت ضالتها في بلادنا العربية,تعيث فيها إفساداً ونهباً للخيرات وتمعن في كبت الحركات الوطنية والقومية والتحريض عليها,وشراء الذمم وتجنيد المخبرين والجواسيس المحليين.

وتظل حالة الغضب من القهر الذي تمارسه القوى الغاشمة أعمال القصف والقتل والتدميروالنظم المستبدة الكبت والاعتقال والمطاردة للمعارضين ومعاقبة الناقدين للأوضاع السائدة في مجامعاتهم من الفساد والانتهازية والنفعية والاستئثار بمقومات الدولة وأركانها وقصرها على العائلة والأنسباء والأقرباء والموالين والمنتفعين والمنافقين,تظل هذه الحالة من الغضب تشكل دافعاً للانتقام والتمرد على الدولة وعلى ولاتها,وهذا ما دفع بجيل من الشباب اليافعين إلى الالتحاق بمنظمات تحمل السلاح وتعمل تقتيلاً بمن تعدهم أعداءها وغير الموالين لها,انتقاماً من هؤلاء الشباب لاعتقال سلطات بلادهم لآبائهم أو إخوة لهم أو أصدقاء أو أقرباء.والغضب ضد سلطة حاكمة,أو بسبب تحقير أو تصغير من شأن أحد يولد ردات فعل لا تكون بالضرورة مساية للفعل ومعاكسة له بالاتجاه كما تنص عليه القاعدة العلمية,وإنما بكم أكبرمن الأفعال وأنواع أشد قسوة من العنف والإرهاب.

وبدون أدنى تحفظ,فإن من يقبل على نفسه أن يتجسس على مقدرات وطنه وإيذاء شعبه,إنما يمارس أحط أعمال الإرهاب التي تصيب مؤسسات وطنية وتعمل على تفكيكها وتقليص دورها البناء, وأكثرها خسة ودناءة,فالذي يخطط لجريمة ويساعد المجرم المنفذ على تنفيذها يقع في خانة أسوا من خانة المجرم المنفذ أخلاقياً على أقل تقدير.

لعل ما يشعر به بعض المهاجرين من العرب والمسلمين إلى الدول الغربية والولايات المتحدة الأميركية من شعور بعدم المساواة وما يلحقهم من تمييز عنصري وطائفي,وتردي أحوالهم المعيشية,يشكل دافعاً لاىستعدادهم القبول بممارسة أعمال القتال والعنف والأعمال الإرهابية لاعتقادهم بأن ذلك يمثل خلاصاً لهم مما هم فيه من حال اجتماعي واقتصادي ونفسي بائس .ولهذا نجد حمَلَة السلاح في سوريا يعدون بالآلاف من غير السوريين ومن مختلف الدول العربية والأوروبية والآسيوية والإفريقية إضافة إلى روسيا والصين.تدعم رحيلهم إلى سوريا الدول الامبريالية وبعض – العرب والأتراك المتعثمنين.

لما كان التاريخ ليس بريئاً من إذكاء روح الانتقام وإحياء مشاعر الكراهية وتهييج العصبيات بين البشر,فإن معاناة المجتمعات كلها المتحضرة منها والمتأخرة عن ركب التحضر.أي إن التحضر لم يحد من سلوك البشر المتطرف ولم يكبت أشكال الغلو التي يمارسونها.بل ربما مكنت الحضارة التقنية البشر من عمليات الإبادة العرقية والطائفية,وعملت على تغيير البنى الاجتماعية فيها كما حدث من أعمال إرهابية همجية في أميركا وفي استراليا وكندا ضد أهل البلاد الأصليين.والتطرف ,والتعصب,والغلو ليست حالات مؤقنة تندفع لحظة غضب أو رداً على استفزاز مقصود تذهب آثارها بذهابه,وإنما كل من التطرف والتعصب والغلو ركيزة من ركائز أيدولوجيا للعقائد الواحدية التي ترى في التعددية تفتيتاُ للجهود وتقسيماً لمكونات المجتمع ,والاستئثارية لتي نصبت لنفسها الحق المطلق في إدارة الشأن العام والاستحواذية التي فقدت الثقة في كل من هو ليس في حضنها وليس من أتباعها ومؤيديها,والاستعلائية التي تظن نفسها الوحيدة المؤهلة للحفاظ على قيم  المجتمع الآخلاقية والتراثية في المجتمعات البشرية,تلك المجتمعات التي لم تنجح في امتلاك ناصية التقدم والتحضرومواكبة مستجدات العصرنة والتطور.

الدول المتحضرة لعبت وما زالت تلعب دورها في الأعمال الحربية التي تشهدها سوريا,فهي تقوم بتجنيد من يرغب من مواطنيها وتيسير طرق دخول الأراضي السورية بأسلحتهم ومفرقعاتهم وأحقادهم, وتقدم لهم الدعم السياسي والإعلامي عدا عن الدعم المالي والمعنوي الكاذب .ويتم ذلك الدعم على مستوى الرؤساء ولا يقتصر على عمل الأجهزة المعنية والمؤسسات المتخصصة,كما يفعل أوباما الرئيس الأميركي الذي أفقد حزبه الأغلبية الديمقراطية ويرطن بصلافة ساركوزي الرئيس الفرنسي الفاشل في إدارة بلاده,ويردد ذلك بثغاء السلطان إردوغان المليئ صدره حقداً على سوريا,عدا عن الزعماء العرب الذين عانوا من استمرار الفشل في سياساتهم وفي خياراتهم وفي مواقفهم من القضايا العربية بشكل خاص.

وعندما أخذت تلك المجموعات تستهدف الدول تلك بما يمكن توصيفه برجوع الأذى على أصحابه وعلى مخططيه وعلى داعميه,من منطلق ردود الفعل التي يقوم بها الإرهابيون أنفسهم لأسباب مختلفة,دقت الدول ناقوس الخطر,أخذت تجول وتصول في قتالهم بالقصف الجوي الخادع والاستعراضي وهددت مواطنيها الذين ساعدتهم على قتل السوريين بسحب الحنسية منهم,ومنعت عودتهم إلى بلادهم.... أي تدعمهم ما زالوا بعيدين عن أرضها, يقتلون دون رحمة ويدمرون دون حساب وكأنهم لا يتعلمون من تجاربهم السابقة مع مثل أولئك الحفنة من المرتزقة.

لم يكن في حسابات قوى القتل والتدمير العشوائي ومخططي إثارة الحروب المحلية من القوى الغربية أن تنتقل عدوى هذه الأعمال المشينة إلى ديارهم.وأنهم محصنون بالتحضر,فتفاجؤا بالأعداد الكبيرة من مواطنيهم اليافعين من الشباب والشابات يسعون إلى الالتحاق بالمنظمات الوحشية مثل داعش والنصرة وغيرهما ومن بينهم أطفال لم يبلغوا الثامن عشرة من أعمارهم مندفعين بدوافع المغامرة,متعرضين للتضليل والإغواءات المالية منها والجنسية بما أطلقوا عليه جهاد النكاح.

الصلف السياسي الأميركي,الذي يتردد صداه لدى ساركوزي والسلطان أردوغان,تجسد بكل وضوح في موقفهم العدائي من النظام السوري,وربط محاربة الإرهاب بذهاب النظام,وهذا الربط بحد ذاته المتماهي مع طبيعة ما اشتهر عن سياسة الكيل بمكيالين والتعامل المزدوج المفاهيم مع القضايا الدولية التي تحشر الإدارة الأميركية أنفها فيها بتحيز مقزز,ومثير للغضب ومولد للكراهية لمصدر الظلم المستند على بطش القوة وعنجهية العملاء المحتمين بتلك القوة وقواها  واللائذين بعيوبهم وفسادهم بتغطية منها دون حياء أو خجل, وهو كاشف نوايا خبيثة في الإبقاء على قوى الإرهاب, وهو (أي الربط)  يعزز علائم ارتداد الإرهاب ومبرراته إليهم فالفعل الإرهابي يرتد فعلاً إرهابياً .ولم تكن مقولة عدو عدوي صديقي لتنطبق على علاقة بين قوى مؤسساتية وبين قوى إرهابية لا يردعها عن ممارسة أعمالها أي سياق أمني أو أخلاقي,ولا نجد في اقتتال منظماتهم وجندهم وجماعاتهم وحركاتهم أي مفاجأة أو غرابة.ولم تنطل أساليب الاحتيال والاستذكاء الامبريالي على أحد من الوطنيين والمواطنين المتنورين بأن قتال داعش بالطائرات في العراق له سند حكومي على الأرض.أما في سوريا,فإنهم سيعملون على تدريب وإعداد (معارضة معتدلة!!) غير مدركين أن من يبيع نفسه لأعداء وطنه يسهل على هؤلاء بيعه بسوق النخاسة والمذلة,هذا من جانب ,ومن الجانب الثاني أن هذه ( المعارضة) سلعة سرعان ما تنقلب على مالكها لمن  يدفع أكثر!!!.فكم منهم من غير ولاءاته وباع أسلحته لأعداء أوليائه..
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد