وطني خيمة وهويتي أرقامٌ متراصة !!

mainThumb

08-01-2015 08:53 PM

أن أسكن منزلي يعني أن أنعم بجدرانٍ أسند كربي اليها لتمنع سقوطي إلى الوراء، وأن أمتلك بيتي يعني أن أنظر إلى فضاءه وأجد سقفاً يكفيني شر مزاجية الطبيعة الأم، وأن أغلق بابي فهذا يعني أني بأمانِ من طوارق الليل والنهار .
 
ولكن الأمس واليوم والغد، لا أملك إلا خيمة لاجىء وهويةً تحدد جنسية عبوري إلى بلادٍ استضافتني ، ولا أملك الا "حق الصبر" وليس حق العودة ولا حق البقاء .
 
لم أنتبه وربما تقصدت أن لا أنتبه إلى الخسائر التي وقعت على أطفالٍ ونساءٍ ورجالٍ وعجزةٍ  من حقهم أن يمارسوا طقوس الشتاء والصقيع في بيوتهم كما نحن . ولكن لجدلية السياسة والحياة ربما ، قام صديقي بمشاركة صور أطفالٍ قضوا نحبهم من شدة البرد ؟!
 
أطفال المخيمات أصحاب الأرقام المتراصة الذين نعترف بتعدادهم البشري عند العبور ولا نعترف بحقوقهم الآدمية عند الحروب ؟!
 
أطفال مخيمات سوريا في لبنان ، تذوقوا معنى الموت في كل ضربة صقيعٍ أخذت مكانها على أقدامهم الصغيرة وأياديهم ووجوههم وصدورهم العارية وربما في لحظةٍ ربانية، أُثلجت قلوبهم وآمنت روعهم وأخذتهم حيث لا خوفاً عليهم ولا هم يحزنون .
 
هذا الجيل الذي تقسم بين لاجىء وبين ضائع ، هؤلاء حملة شعلة المستقبل السياسي المزري هم من تقتلهم الحروب من جهة والعولمة من جهة أخرى ، وكأنه تطهيرٌ لجذور العروبة والقومية والصمود، فبكل ارتخاءٍ من شباب الأمة نرى تراجعاً وانهزاماً يغرقنا في مستنقع الوحل السياسي الغربي ونبقى كما نحن نمشي وأقدامنا ثبتتها أوتاد الغرب والصناعات الممنهجة لذوي العقول المترنحة الا من رحم ربي .
 
وبكل روحٍ طيبةٍ غادرت الحياة الدنيا حاملةً في يمينها ظُلماً لن يرد به الحق الا برحمة الله وقانون السماء العادل ، ستبقى بصمة عارٍ وهزيمةٍ وتخاذل لم يخطه التاريخ في مجازره القديمة الجديدة .
طعم الموت ليس سيئاً لأنه ارادة ربانية وقضاءاً لا مفر منه ولو تعددت الأسباب فلموت واحد ، ولكن هنالك موتٌ آخر نتجرع سكراته كلما اشحنا النظر وادعينا البلاهة واعتدنا حضوره ، هذا الموت الذي سرق عروبتنا وايادينا وأقدامنا ورؤوسنا أشد بلاءً من ما هو حقٌ علينا .
 
عدد الخسائر لن تنتهي ولن تقف على حرب ولا موجة ولا تفتت ولا انقسام ولا فتن 
 
وها نحن ننظر اليها بعين الشفقة فهذا جلّ ما تركوه لنا ، أمست سياستنا " التبلد " وصراخنا " أبكم " .
 
 
وما زلت أكتب وأنا أمد يدي إلى " الصوبة " كي لا تتخدر أطرافي فأشعر بقرصة بردٍ واحدة ؟!!
 
فماذا سنصنع لهم ؟؟؟ والله على كل شيءٍ قدير .
 
والله المُستعان


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد