نأمل .. فهل نصدق ؟

mainThumb

02-04-2015 09:11 PM

كم هي باعثة على الأمل العبارات والجمل والكلمات التي صيغ بها البيان الختامي للقمة العربية (26) باسم الدول العربية كلها!! كما جرت العادة بعد كل اجتماع مماثل.

ولكن الجديد في الأمر الذي جذبت الصياغة انتباه الناس إليه,كان ما يتعلق بتشكيل قوات تدخل سريع لحماية الأمن الوطني العربي ( وهي غيرها عن قوات التحالف التي تشن الحرب غير المتكافئة ولا المبررة على اليمن,وتجاوزت معاهدة الدفاع العربي الموقعة منذ نشأت الجامعة العربية ولكنها لم تفعل على الإطلاق),ومواجهة التهديدات التي تواجه أي قطر من الأقطار العربية كما يقول أمين الجامعة السيد نبيل العربي,وهو نفسه الذي سبق وأن حاول إحالة أمن سوريا الوطني إلى قرار تحت البند السابع من مجلس الأمن الدولي عندما رافق وزير خارجية قطر السابق وأودى بهيبة الجامعة الشكلية والعملية والتاريخية,وقزم دورها عند الحاجة إليها للقاء العرب الذي يهدئ من غليان المشاكل التي تخلقها تلك الدول بعضها لبعض,وهذا البند الذي يشرعن للدول الأجنبية التدخل العسكري لتدمير سوريا وتفتيت جغرافيتها والذهاب بتعدديتها إلى التشظي والاقتتال كما فعل حلف الناتو وبعض القوات العربية بليبيا.

ولكن ذلك الأمل الذي داعب لبرهة أسرع من وميض الضوء في البرق,أحلام كل القوى الوطنية والقومية والتقدمية التي ترى في النقاء العرب واتفاقهم وتفاهمهم بداية الحركة المتململة في النهوض والترقي, لم يكن سوى أملاً لحظياً سرعان ما تبدد سرابه في موقف بعض القادة العرب من من استمرار الحرب المدمرة على سوريا,وتجديد دعوات التدخل الأجنبي العسكري فيها,على الرغم من حجم الدمار الذي لحق ببناها والتشرد الذي طال أبناءها وأعداد القتل والتشتيت للآطفال والنساء والشيوخ,التي أيقظت ضمائر أحزاب أوروبية عديدة تقوم بزيارة سوريا لتعلن معارضتها لسياسات بلدانها الجائرة في موقفها من الحرب على سوريا,وتعترف  بدور سوريا الحضاري عبر راحل تاريخية,وتتعاطف إنسانياً مع مأساة الشعب السوري,وحجم الحقد والضغائن التي تملأ قلوب أعدائه.وممولي مرتزقة الحرب على أراضيه.

ليس للأمة العربية ما يضمن أمنها ما لم يقع الاحتلال الصهيوني لفلسطين في مقدمة الأخطار الداهمة والدائمة والمباشرة للأمن الوطني لكل قطر عربي وتهديد استقلال قراره وفي تماسك كيانه وفي ثقافته وفي تاريخه وفي تراثه,وهي أي الصهيونية المحتلة لفلسطين تهديد مباشر وشاخص للأمن الفردي لكل مواطن عربي يمس انتمائه ويقيد حريته ويعرقل مستقبله. وقد سبق وأن اعتبرت الأدبيات الوطنية العربية أن الصراع بين العرب وبين الصهيونية هو* صراع وجود وليس صراع حدود * ومع ذلك أغفل البيان الصادر عن القمة العربية الأخيرة هذا الخطر ولم يشر إليه لا من قريب ولامن بعيد.وبالطبع لم يتطرق الأمين العام للجامعة إلى مجرد الإشارة إليه أو التلميح عنه ولو بكلمة,أو إيماءة عفوية.

وكنا نأمل أن تأتي الحكمة من صاغ ذلك البيان,فيتذكر أن التعددية وهي إرادة سماوية في كل ما خلق الله وأوجده في هذا الكون بسمائه وكواكبه وبحاره وأنهاره ومحيطاته وجباله ووديانه وحيواناته ونباتاته وبشره,وفي المجتمعات الإنسانية هي التكوين الطبيعي لشكل هذا المجتمع من مكوناته الدينية والعرقية والطائفية ومصدر قوته الثقافية والعلمية والأمنية والأدبية والحضارية والتقدمية والتفاعلية  الثقافية والسياسية والفكرية في الداخل ومع مجتمعات العالم المتعولم دون قيد أو شرط,من جهة أخرى.

هل نصدق أن القوة العربية العسكرية المشتركة, بافتراض إنها تشكلت,ستواجه تحديات الاختلافات  العربية – العربية على كافة المستويات حكومات ,أحزاب,جماعات,تيارات وعلاجها بالقوة المسلحة:- اختلافات العرب السنة بالعرب الشيعة,العرب المسلمين بالعرب المسيحيين,العرب بالأكراد,أو الأرمن أو الشركس.....الأحزاب بعضها ببعض حسب ما تعتقده وما تسعى إلى التواصل به مع مجتمعها؟؟!!.أم أنها ستوجه إنذاراتها لدول جوار تستعذب التدخل في الشؤون الداخلية لكل دولة عربية (الدوافع الجيوسياسية وأطماعها ودورها التقليدي في العلاقات الدولية),ومنها أردوغان في تركيا الذي يصر على تغيير النظام القائم في سوريا؟وكذلك إيران التي وجدت الساحة العربية خالية من أي مصدر قوة حقيقية تجمع الأمة حول معتقداتها ومصالحها وكرامة مواطنها دون تمييز وتجمعها حول أمنها.أمة لا تتفق إلا على خلافاتها ولا تستيقظ إلا على حراكات فوضوية تحركها أيادي غريبة علناً ودون مواربة أو خجل.

وتجد دول الجوار العربي (تركيا وإيران والعدو الصهيوني) في استقرار المنطقة ضمان لأمنها القومي من عدوانية القوى الاستعمارية الصهيونية التقليدية,وتسعى لتحصين حدودها بالتأثير غلى جوارها العربي هذا الذي تنهش بمجتمعاته كل القوى الطامعة بثرواته.وكل دولة منها تسعى لتوسيع نفوذها السياسي والعقائدي,وتجد في المجتمعات المنقسمة المتخاصمة المقتتلة فرصة نادرة لذلك ...وهل ستعمل هذه القوة على إنهاء الصراع الدامي في سوريا وتوقف اقتتال الجماعات المتمردة في ليبيا وتحسم أمرها في اليمن,وتجد صدى لرهبتها في تونس وفي قطر وهنا وهناك؟؟


ليس من الصعب أو المستغرب أن نستنتج أن أخطر ما يوجه الأمن الوطني والأمن الفردي في الأقطار العربية,هو تخلف شمولي يشمل على سبيل المثال لا الحصر  الفكرالسياسي وأسس بناء العلاقات السياسية الإقليمية والدولية,وسؤ فهم لطبيعة العلاقات الدولية وحجم مصالحها وضروراته وفي الصيغ الاجتماعية لمكوناته,اعتبار تلك المكونات ناراً تحت رماد الفتن التي تسهل إثارته بينها خدمة لمصالح فئوية ضيقة وتخلف في المنهج الاقتصادي والاستثماري بتبذير الثروات والأموال على البذخ ال,فردي والرسمي والدفع بشرور الاقتتال بين من يجب أن يتآخوا ويتعاضدوا لمواجهة الخطر الحقيقي الذي يحيق بهم, وتخاذل أمام سطوة الأجنبي وتهديداته,واصطفاف إلى جانبه في عدوانه على استقرار المنطقة وإدامة حالة العداء والمخاصمة بين دوله.وهناك عقم في الفهم عنما يكون أمن العرب مرتبط بأمن بلد عربي في عدائه لبلد عربي آخر.

هل نصدق ,على الرغم من أننا نتمنى أن نصدق ولكن كيف لنا أن نصدق!! أن دولة تحميها قواعد عسكرية أجنبية,تخشى على أمنها من دول أخرى,فكيف نصدق أنها تخشى على أمنها من دولة مجاورة فقيرة بمقدراتها العسكرية والاقتصادية!!.لا بل من مجموعة أو جماعة لها نفوذ في مجتمعها المضطرب من أكثر من أربع سنوات؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد