المملكة الرابعة .. تحديات العقد الثاني

mainThumb

08-06-2009 12:00 AM

الاصلاح السياسي ومواجهة الخطر الاسرائيلي ابرز التحديات

يوجه الملك عبدالله الثاني خطابا متلفزا لشعبه غدا بمناسبة مرور 10 سنوات على تولي جلالته سلطاته الدستورية.

الخطاب كما يتوقع المراقبون سيركز على تحديات المرحلة المقبلة بعد ان يستعرض انجازات السنوات العشر الماضية.

لكن المصادر الرسمية تستبعد اجراء تغييرات على مواقع مهمة في الدولة بالتزامن مع الاحتفال بالمناسبة. الملك وحسب شخصيات عديدة عملت معه لا يفضل التغيير المستمر في الاشخاص رغم انه اضطر الى فعل ذلك مرات عديدة لاعتبارات واسباب لا يمكن تجنبها وفي سياق لم يشذ عن طريقه والده جلالة المغفور له الملك الحسين خاصة فيما يتعلق بتغيير الحكومات.

خلال السنوات العشر الماضية لم يرتبط تغيير المسؤولين بتبدل جوهري في السياسات التي ظلت على الدوام محكومة برؤية الملك سواء كان ذلك في الوضع الداخلي أم الخارجي, الفرق الاساسي كان دائما في اساليب التطبيق والتنفيذ ومستوى الالتزام وسرعته في الميدان وهو ما كان يستوجب اتباع سياسة تقوم على التجريب المستمر أملا بتحقيق الانسجام بين الاشخاص والسياسات. غير ان هذه السياسة استهلكت قطاعا واسعا من نخب الدولة التي باتت تعاني من عجز مقلق في الوجوه السياسية المؤهلة كما انها انعكست بشكل مؤثر على مكانة المؤسسات ودورها في صناعة القرار.

التحديات الماثلة امام المملكة الرابعة لا تقل بأي حال عما واجهته في عقدها الاول. وما تحقق من انجازات لن يغمض الأعين عن الاخفاقات والمصاعب المقبلة. الملك عبدالله الثاني ومن موقعه المُطل على المشهد بكل تفاصيله يدرك هذه الحقيقة قبل غيره من السياسيين والمحللين. وستحوز هذه التحديات على جانب كبير من خطاب »العشرية«.

على المستوى الداخلي تشكل قضية الاصلاح السياسي وتطوير آليات صناعة القرار تحديا رئيسيا. قطع الاردن شوطا طويلا في مجال الحريات العامة وصيانتها وشكل موقف الملك المنحاز للحريات الاعلامية وحقوق الانسان ضمانة اساسية في هذا المضمار. كما ان حالة الاستقرار الأمني التي يعيشها الاردن مقارنة مع دول الاقليم الاخرى تعتبر ضمانة للسير في عملية الاصلاح السياسي من دون خوف من تبعات الانفتاح وتكلفته وتلك ميزة لا تتوفر لدول تعد الديمقراطية فيها مجازفة على حساب الأمن الداخلي.

وتحت هذا العنوان تبرز قضايا اساسية لا يمكن التردد في معالجتها مثل الفساد وضعف ادوات الرقابة وتراجع قيم المساواة والعدالة وانهيار منظومة القيم الوظيفية. وهي تحديات لا تقل اهمية عن مكافحة الفقر والبطالة وتحسين مستوى معيشة المواطنين لا بل ان هذه كلها لا تتحقق من دون مشاركة ديمقراطية ورقابة شعبية واعلامية تتصدى لمحاولات الاعتداء على حقوق الناس الدستورية.

ان تعظيم قيم المشاركة ومراجعة السياسات الاقتصادية هي الاسلوب الكفيل باعادة إحياء الطبقة الوسطى ودورها السياسي والاقتصادي وعندها يمكن للمجتمع ان يستعيد التوازن المطلوب في مواجهة اشكال التطرف كافة. كما ان وجود طبقة وسطى بالمعنى السياسي يُعد ضمانة اساسية لتطوير العملية الديمقراطية ووقف مظاهر الاستئثار العائلي والطبقي بالسلطة. كما انها وبحكم تكوينها معادية للفساد والاستبداد والمدرسة الاولى التي ترفد الحركة الحزبية بالكوادر المؤهلة.

وتشاء الظروف ان يتزامن الاحتفال بالعشرية الاولى للمملكة الرابعة مع تطورات إقليمية استثنائية وتحولات خطيرة تُطل برأسها نحو الاردن في مقدمتها عودة اسرائيل الى المربع الاول في الصراع مع العرب واستعادة قيادتها لمقولات الجيل الاول من مجرمي الحركة الصهيونية باعتبار الاردن وطنا بديلا للفلسطينيين.

لا يستطيع الاردن ان يتجاهل هذه المتغيرات لان الركون الى التطمينات الامريكية وخطط السلام الموعودة مغامرة تضع الدولة في مهب الريح. ينبغي الاستعداد لاسوأ الاحتمالات والشروع في مراجعة جذرية لاستراتيجية الدولة تجاه القضية الفلسطينية والخطر الاسرائيلي, باعتباره التهديد الخارجي الاول والوحيد الذي يواجه الاردن شعبا وكيانا.

ليس مطلوبا من الاردن ان يتخذ اجراءات دبلوماسية بحق اسرائيل تكلفتها تفوق فوائدها بكثير انما عليه ان يُعيد تعريف اسرائيل بالمعنى الاستراتيجي في السياسة الاردنية والوعي العام. والشروع في اتخاذ الاجراءات والسياسات الداخلية التي تجعل من »الوطن البديل« مشروعا مستحيلا من دون ان نُعرض المجتمع لخضات تهدد استقراره وتماسكه.

لقد اجتازت الدولة الاردنية اكثر من مرة امتحان الوجود وصمدت في وجه اخطر التهديدات وما زالت تملك عناصر القوة التي تؤهلها للبقاء, المهم ان ننفض الغبار عن المعدن الاردني الثمين وسنرى عندها المستقبل المشرق للمملكة.0العرب اليوم



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد