يا مُوْقِدَ النَّارِ بالعلياءِ مِنْ إِضَمِ ..

mainThumb

03-06-2015 12:15 PM

جاء ذكرُ هذا الوادي في أشعار العرب ، وهو وادٍ يخترقُ الحجازَ ، ويَصُبُّ في البحر ، قال الشاعرُ الأحوص :

يا مُوْقِدَ النَّارِ بالعلياءِ من  إِضَمٍ
..... أَوْقِدْ ؛ فقد هِجْتَ شوقاً غيرَ مُنْصَرِمِ

يا موقِدَ النَّارِ أَوْقِدْها ؛ فإنَّ لها
...... سَنَاً يَهِيْجُ فؤادَ العاشقِ السَّدِمِ .

وجاء في قصيدة البوصيري ( الشركية ) :

أَمِنْ تَذَكُّرِ جيرانٍ بِذِي سَلَمٍ
..... مَزَجْتَ دمعاً ؛ جرى من مُقْلَةٍ بِدَمِ

أمْ هَبَّتْ الرِّيْحُ من تلقاءِ كاظمةٍ
..... وأَوْمَضَ البرقُ في الظلماءِ مِنْ إِضَمِ .

فَلِوَادي  إضَم  حضورٌ في أشعار المُحِبِّيْن ، وهو الأن من ضمن بلاد بني مالك من بُجيلة .

وكاظمة المذكورة في ابيات الخرافي البوصيري ، هي موضعٌ على طريق البصرة الى البحرين على سيف البحر .

وأبياتُ الأحوص هي السابقة وهي الأقدم ، وقد حثَّ موقِدَ النار أن يزدادَ في الإيقاد على علياء  إِضَمِ  لأن تلك النار تُذَكِّرُهُ عهودَ المحبين ، وتُهَيِّجُ رسيس الهوى ، وهواه وشوقُهُ غيرُ مُنْقَطِعٍ ولا منصرم ، فقد كرَّر الطلب في إيقاد النار ؛ لِيَبْقى على تَذَكُّرِ أيام وليالي المحبوب ، وفيه دلالة على ما يُعانيه من اشتعال الأشواق ، وقد صنَّف العربُ في نيران العرب ؛ ومنهم العلامة محمود الآلوسي العراقي في سفره ( بُلوغُ الأرب في معرفة أحوال العرب ) ، فقد ذكر نارَ الحرب ، ونار الضيافة ... ولعلنا نزيدُ ( نارَ المحبين ) .

وقد نَشَلَ البوصيري ، ونَهَبَ المعنى من الأحوص ، مع اجراء بعضِ التمويهات لِإخفاء أثرِ سرقَتِهِ ، حيث قال :

أمْ هَبَّتْ الرِّيْحُ من تلقاءِ كاظمةٍ
...... وأَوْمَضَ البرقُ في الظلماءِ مِنْ إِضَمِ .

فالأحوص قال في بيتِهِ السابق : ( يا موقِدَ النَّارِ بالعلياء من إِضَمِ ... ) ، والبوصيري قال : ( ... وأَوْمَضَ البرقُ في الظلماءِ مِنْ إِضَمِ ) .

فأتى بالظلماء على وزن بالعلياء ... !

وأبياتُ الأحوص أَرَقُّ ، وأطربُ للفؤاد من أبيات البوصيري ، وليس هنا مجالُ التِّبْيانُ .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد