شهيد الأقصى - العميد (م) حسن فهد ابوزيد

mainThumb

29-07-2015 11:13 PM

في ذكرى  استشهاد  الملك المؤسس الشهيد عبدا لله بن الحسين

 
 (فقد يكون لدي القدر ضدي من المفاجآت والأهوال  مالا علم  لي به  وما  لا طاقة  لي عليه ! لا ادري !؟ فقد أعيش  لكي اقدر ان أفسر  وان أدافع  وان  انتقم   وقد أموت برصاصة طائشة أو متعمدة من شاب  عاطل  لم يقدر  ان ينفس حقده على الانجليز  أو على فاروق  أو على اليهود فجاء  ينتقم مني  ! ولكن   الست انا من آل البيت !؟  أليس الاستشهاد حقاً علينا  نحن ... آل البيت؟؟ )*
 
من اقوال  المغفور  له   عبدالله ابن الحسين في احدى المناسبات 
 
بهذه الكلمات    كان جلالته مؤمن إيمانا  قاطعاً  بأنه مشروع شهيد  قد يستشهد  في أي لحظة  انه الإيمان الهاشمي  بقضاء الله وقدره  والإيمان بعدالة القضية  الفلسطينية التي   استشهد من اجلها   
 
ففي العشرين  من  تموز  من  كل عام  تمر علينا ذكرى عطرة الا وهي   استشهاد مؤسس الاردن  الأول  و أول ملك هاشمي  أسس  المملكة الأردنية الهاشمية الأولى  وفق مبادئ ورسالة الثورة العربية الكبرى    وفي هذه المناسبة  لابد وان نستعرض  ونلقي الضوء على مولده ونشأته و بعضاً من انجازاته وتضحياته من  القضية  الفلسطينية  قضية العرب الأولى التي قدم روحه  من اجلها على عتبات المسجد الأقصى المبارك  ليكون أول شهيد وأول هاشمي  ضحى بدمه الزكي الطاهر  من اجل عروبة القدس وثرى فلسطين  
 
في مكة بيت الله الحرام كان مولده وكان ذلك عام 1882، وفي المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين كتب له القدر ان تسيل دماءه  الزكية الطاهرة   وكان ذلك في العشرين  من تموز  عام 1951 وفي عمان موطن أحرار العرب مرقده حيث نقل وشيع جثمانه الطاهر ووري في المقابر الملكية .
 
ففي العشرين من شهر تموز من عام 1951 كان الأردن وأحرار العرب على موعد مع الفاجعة الكبرى التي أطاحت بأحد أعمدة الأمة العربية وقادتها  (الملك المؤسس الشهيد عبد الله بن الحسين ) رحمه الله حيث يستذكر الأردنيين الأحرار  استشهاد الملك المؤسس في كل عام وهم يرفعون أكف الضراعة   الي الله  ان يتغمد الشهيد ويسكنه  فسيح جناته   . الملك المؤسس كان  قائداً  للجيش  الشرقي  احد جيوش الثورة العربية الكبرى  الرئيسية  وبعد الانتهاء من تحرير الحجاز كلّف  بأن يقود جيشا كبيرا من رجالات العرب  ويتوجه به لتحرير سوريا  مرورا  بشرقي الاردن  التي بدأ بتشكيل إمارتها منذ وصوله جنوب الاردن (معان )  
 
 من هنا لا بد من إرجاع الفضل لأهله بكل الوفاء والعرفان لصانع الاستقلال ومؤسس المملكة الذي نذر نفسه دفاعاً عن قضايا العرب وعلى رأسها القضية الفلسطينية ، فمنذ أن وطأت قدماه أرض معان العروبة منطلق أحرار الأمة عام 1920 سعى الملك  الشهيد المؤسس لرفع كيان هذه الأمة حيث بدأ بتأسيس أول نظام حكومي مركزي سمي( بإمارة شرق الاردن ) تمثل بإعلان أول حكومة أردنية في الحادي عشر من نيسان من عام 1921 برئاسة رشيد طليع وأطلق عليها اسم (حكومة المشرق العربي ) لتكون محطة انطلاق لتحرير ما تبقى من البلاد العربية في سوريا ووّطد أركان هذه الإمارة حتى اعترفت بها بريطانيا رسمياً عام 1923. 
 
 لذلك لا بد من تسليط الضوء على بعض الجوانب الهامة في حياة الملك الشهيد عبد الله بن الحسين وقصة استشهاده عبر محطات تاريخية خالدة ومشرقة في حياته  فقد  نجح جلالته خلال سنوات حكمه التي استمرت أكثر من ثلاثين عاماً في تكوين دولة قادرة على البقاء والاستمرار وتحويلها من مجتمع قبلي بدوي بسيط إلى دولة حديثة ومستقلة ذات سيادة، حيث استمرت مسيرة الاستقلال منذ تأسيس الإمارة الفتية عام 1923 إلى أن أصبحت مملكة مستقلة عام 1946 لتكون للأردنيين دولتهم وحريتهم وتصان كرامتهم فشارك الجيش العربي الأردني في عهده في معارك القدس واللطرون وباب الواد  والشيخ جراح  دفاعاً عن ثرى فلسطين  ليكون من أوائل المدافعين وقدم الاردن  العديد من الشهداء في هذه المعارك التي خاضها دفاعا ً عن فلسطين في عهد المغفور له الملك المؤسس عبدالله ابن الحسين . 
 
 قصة استشهاده 
 
كان المغفور له قد أعلن يوم 19/من شهر تموز عام 1951 بأنه ينوي السفر للقدس  لزيارة أهلها والصلاة يوم الجمعة  في الأقصى وكان قد تلقى جلالته رسالة  مغلقة لا توقيع عليها  يقول  فيها مرسلها  ان خطر القتل يتهدده   ولكن الملك لم يلقي اهتماماً لذلك  كما وطلب السفير الأمريكي  انذاك  في صباح ذلك اليوم  مقابلة مستعجلة  مع جلالته   حيث قال السفير  ان هناك مؤامرة على حياته  ومكان تنفيذها القدس  أو عمان  وأضاف ان المخابرات الأمريكية تنصح جلالته  بعدم السفر للقدس بهذه المرحلة   وإذا كان لا بد من السفر  فالمطلوب اتخاذ  اشد الإجراءات لحمايته  والمحافظة على سلامته   وكان رد الملك عبدالله حينها على السفير الأمريكي  وهل تريدون اقطع علاقتي مع شعبي ؟ وان احبس نفسي في القصر ؟! فلا اهرى احد ولا يراني احد  إنني ملك مسلم  أؤمن ان لكل اجل كتاب  وانه لن يصيبنا الا ما كتبه الله لنا  وان القدس  هي البلد الأمين بالنسبة لي  وأهلها اهلي  وان الصلاة في المسجد الأقصى المبارك ستمنحني  الحماية والقوة  وان الأعمار اولاً وأخيراً بيد الله )
كان قلب المغفور له عبد الله بن الحسين معلقاً بالقدس ودائم السفر إليها وبشكل منتظم كل أسبوع لأداء صلاة الجمعة ولم يكن يوم الجمعة ( 20 تموز عام 1951 ) استثناء في ذلك حيث توجه ملك البلاد للصلاة في هذا اليوم وبمعية حفيده الأمير الحسين بن طلال انذاك  وبعد أن أمضى ليلته الأخيرة في القدس وفي صباح اليوم التالي توجه للصلاة في المسجد الأقصى وسار في ساحة الحرم القدسي حيث احتشد الألوف ممن جاءوا ليشهدون الصلاة وأثناء ذلك كان يحيط به رجال الحرس وعلى رأسهم حابس المجالي الذي كان يتولى حراسته وأصدر بدوره تعليمات أمنية مشددة لحراسة الملك وحاول هو ورجاله أن يبعدوه عن الازدحام الذي ملاء الساحة عندها التفت جلالته قائلاً :  لا تحبسني يا حابس  ولما وصل جلالة الملك باب المسجد الأقصى رفض بشدة أن يرافقه الحرس إلى الداخل وبعد بضع خطوات من دخوله للمسجد  ومن خلف باب  المسجد امتدت إليه يد الغدر والخيانة  يد جبانة مدعومة  من قوى الشر والظلام  عندما أطلق مسلح  ثلاث  رصاصات من مسدس كان يحمله  أصابت صدر ورأس  جلالته  وارتدت إحداها ارتداداً ضعيفاً  أصابت الأوسمة التي كان يرتديها الأمير الحسين بن طلال انذاك والذي كان يقف الي جانب جده المغفور له عبدالله بن الحسين ليحمي  الله  بقدرته الربانية   الأمير الحسين من ان يصاب  بأذى  كما أصابت احدى الرصاصات  أحد المتواجدين في المسجد من المصليين  ...ليسقط جلالة الملك  كأول شهيد من اجل المسجد الأقصى المبارك  وعلى ارض فلسطين مجسداً بذلك حب الهاشميين ودورهم  في الدفاع  عن القدس و المقدسات  ليروي  بدمائه الزكية الطاهرة باحة المسجد الأقصى المبارك  ، وبعد ذلك نقل الي عمان  وشيع جثمانه الطاهر بجنازة مهيبة ليدفن في عمان وليبقى دمه  الزكي الطاهر يذكرنا بمواقفه القومية والعربية الخالدة  ودفاعه عن فلسطين العروبة .
 
 رحم الله الملك المؤسس الشهيد عبدالله بن الحسين وحفظ الله الأردن عصياً على الأعداء  ولتستمر هذه الرسالة الخالدة من أجل حرية الأمة وكرامتها بقيادة عميد آل البيت سليل الدوحة الهاشمية جلالة الملك المعزز عبدالله  الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه . ورحم الله شهيد الأقصى  عبدالله ابن الحسين وأسكنه فسيح جناته .
 
 
*  الموسوعة الهاشمية في القرن العشرين  الدكتور ابراهيم العطار  ص 1143     



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد