الأسباب الحقيقية لإنهيار منظومتنا التعليمية .. ‎

mainThumb

11-08-2015 04:25 PM

حسب رؤيتي المتواصعة ، فإنني أرى بأن الأسباب الحقيقية والتي قادت لهذا الأنهيار الكبير في منظومتتا التعليمية تتلخص في ثلاثة عوامل أساسية وهي : غياب الجدية وانعدام الدافعية والإهتمام بالمظاهر والأمور الشكلية ...


وكلها عوامل أطاحت بالتعليم الأردني والعربي وأوصلته لهذه المرحلة الخطيرة من الإنحدار ؛ وهناك عوامل أخرى ساعدت على انحدار التعليم في الأردن وفي كل بلادنا العربية ، ومنها محاكاة الغرب دون تفكير وروية والتقليد الأعمى للدول الأجنبية  ... ولكنني سانافش هنا العوامل الأساسية الثلاثة وهي :


(  غياب الجدية وانعدام الدافعية والتركيز على المظاهر والشكلية  ) .


 ولكنني سابدأ أولا” بغياب الجدية :


فهذا الشعور تسلل لنفوس أغلب الطلاب والمعلمين ووصل لنفوس بعض القائمين على الشأن  التعليمي في هذا الوطن ولكل„ منهم أسبابه ومسوغاته .


ـ  فمثلا” عدم جدية الطلاب لها أسبابها التي أهمها : الخلل الكبير والذي أصاب المدارس الأردنية بسبب  ضعف المتابعة الحقيقية للطلاب  ؛ وبسبب عدم القدرة الإدارية على تفعيل القوانين الضابطة والرادعة للسلوكيات السلبية والعشوائية والفوضوية والعبثية للطلاب داخل أسوار المدرسة وفي الغرف الصفية ، ناهيك عن الخلل الكبير والذي أصاب لبنة المجتمع الأردني الأساسية وهي : الأسرة ، نتيجة” لإنشغال أولياء الأمور المتواصل بتحصيل لقمة العيش ولإنشغالهم بهموم ومشاكل الحياة ، وكلها عوامل الغت الدور الأسري القديم الفاعل والداعم للمدرسة ، والذي ساهم في النهوض بسلوكيات الأبناء وفي تحسين أدائهم التعليمي ...


 ـ   أما عدم جدية المعلمبن والاداربين وبعض من المسئولين التربويين فمن أسبابها الواضحة  : حرصهم الكبير على مسايرة الطالب تحت كل الظروف وفي كل الحالات  ، لخشيتهم الدائمة من الإصطدام المباشر مع الطلاب المنحرفين أو مع أهلهم وعشيرتهم ...  وقصص الإعتداءات اليومية والتي طالت المعلمين والاداريين وطالت بعضا” من مدراء التربية والتعليم حاضرة” وبقوة„ ولا تغادر أذهان الجميع !!!


  والمقولة  المتداولة بين الجميع هي  : ( اللي بده يقرأ يقرأ ؛ واللي ما بده يقرأ .... عمره لا قري )  وهي مقولة فرضت نفسها ومنذ عقدين من الزمان ،  ولا زال صداها يتردد في كل يوم„ في أذهان الجميع في المدرسة وخارجها !!!
   ثانيا” : ضعف الدافعية :


 ـ  ضعف دافعية الطلاب له أسبابه الكثيرة ومنها : هوس الأجيال الكبير باللعب وباللهو بوسائل الترفيه الكثيرة المتشرة ، ونفورهم الشديد من الجلوس على المقاعد الدراسية لغايات الدراسة والتعلم ،وقد ساهم الانتشار الكبير للمشتتات الذهتية ولوسائل اللعب والترفيه واللهو في عدم اهتمام الطلاب بالتعليم المدرسي ، وساعد وجود أماكن التسلية  في أسواقنا وحاراتنا بهدر أوقات وجهد الطلاب ، ومن العوامل التي أضعفت العلاقة بين الطالب وبين المدرسة هي : عدم التوظيف الحقيقي للأنشطة المدرسية والرياضية خلال ساعات الدوام الرسمية  ، وعدم توفر وسائل التسلية واللعب المناسبة في كثير من مدارسنا ...


  ـ   أما غياب دافعية المعلمين والاداريين وكثير من المسئولين التربويين فمن أهم أسبابها : عدم القناعة بهذه المهنة من البداية نتيجة” لضياع هيبتها القديمة ولفقدانها لقيمتها الإجتماعية ، وبسبب مردودها المادي المتواضع والذي يعجز عن تلبية حاجات ومتطلبات الأسرة الملحة ؛ وكلها أمور أقنعت بعض المعلمين والإداريين ، وحتى بعض العاملين في مديريات التربية لطرق أبواب أولياء الأمور بحثا” عن الدروس الخصوصية ، أو دفعت البعض منهم لممارسة أشغال وأعمال إضافية بعد انتهاء دوامهم الرسمي عسى أن تساهم في تلبية حاجاتهم الأسرية ؛ ودفع آخرين للبحث عن الشهادات الدراسية العليا ، آملا”  في الانتقال لمهنة أفضل  ، وطمعا” في تحسين واقعهم المعنوي والمادي والحياتي .


  ثالثا” :  الإهتمام بالأمور الشكلية :


وهذا العامل لا يخص فئات الطلاب ولا فئات المعلمين ، ولكنه يتعلق بالجهات الإدارية والوزارية فقط ، والتي دأب أكثرها الى الإهتمام بالمظاهر وبالبيانات الورقية والشكلية وبالمهرجانات الاحتفالية السنوية وغضوا الطرف عن كل الأمور الجوهرية وعن الفعل الحقيقي وعن الواقع التعليمي للمدارس ....


 ـ  فعلى سبيل المثال لا الحصر ، يعتبر كثير من المدراء والموجهين بأن دفاتر العلامات والحضور والتحضير المنمقة والمزركشة وأن الغرف الصفية المزينة بالصور وبالورود واللوحات  ، هي أمور كافية عندهم للحكم على مدى فعالية واجتهاد وعطاء المعلمين  ؛ ولكن الحقيقة هي ليست كذلك أبدا” ؛ فالحكم الصحيح يكون من خلال متابعة دفاتر الطلاب وتقييم أداءهم وواقعهم التعليمي بصدق وشفافية .


ـ وبعض المسئولين يحكمون على جهد الإدارات المدرسية من خلال المعارض السنوية ومن خلال الاحتفالات والاستعراضات  ... إلخ ، وهذا خطأ كبير  ؛ فالحكم الصحيح على أداء هذه الإدارات لن يكون من خلال احتالفية تقدمها عينات طلابية مجهزة ومنتقاة ؛ ولن يكون من خلال معارض شكلية هي أشبه بالمسرحيات والتمثيليات  ؛ ولكن الحكم الحقيقي يتقرر من خلال الأداء العام للمدرسة ، ومن خلال الواقع التعليمي للطلاب ....


وأخيرا فإنني أقترح على معالي وزير التربية والتعليم ، تأجيل تطبيقه المقترح للإختبارات الوزارية والمقررة للصفين السادس والتاسع لعدة سنوات قادمة ، فالفئات المستهدفة بهذه الإختبارات هي في غالبيتها من دون تأسيس حقيقي ؛ فكيف ستخضع للأختبارات ؟  ولكنني أقترح بأن نتوجه الوزارة وفي هذه المرحلة لبناء وتأسيس الأجيال الإردنية بإشراف مباشر منها ، وإجراءها لإمتحانات وزارية ودورية ( كل شهرين ) وللصفوف الأساسية الأولى ، وبعد إجراءها لتلك الإختبارات يكافيء المعلم الذي يحقق طلابه نسبة النجاح المطلوبة  ، وينذر المعلم الذي يخفق طلابه في تلك الإختبارات  ؛ فلا أعذار ولا مبررات مقبولة للإخفاقات في الصفوف التأسيسية الأولى ؛ فالطلاب لا زالوا صفحات بيضاء وهم في بدايات الطريق ...


وبعد الانتهاء من البناء ومن التأسيس المحكم للطلاب ؛ تبادر الوزارة لإعطاء المراحل التعليمة المختلفة الأهمية والقيمة المطلوبة ، بإجراءها لإمتحانات وزارية للصفين السادس والتاسع ،  وفي نهاية الأمر يخضع الطلاب للتقييم النهائي في الثانوية العامة ....



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد