مشهد رديء

mainThumb

28-08-2007 12:00 AM

أراد المالكي، الذي يعلم جيدا حقيقة المأزق الاميركي في العراق، استغلال هذا المأزق لخدمة انتمائه السياسي وتبعيته وتحالفه مع أتباع طهران من ميليشيات مسلحة في العراق، بل وذهب إلى طهران ولا ندري ما هي اللغة التي تحدث بها مع قادة طهران، لكن من المؤكد انها ليست لغة الندية.

المالكي نسي أن المأزق الاميركي، الذي يحاول استغلاله، هو مأزق له ولحكومته بل لكل العملية السياسية. فمأزق النظام السياسي العراقي انه يعيش تحت حماية الاحتلال حتى في المنطقة الخضراء التي تمثل الجغرافيا الحقيقية الآمنة نسبيا في العراق.

المشهد الطريف حين يطالب المالكي واشنطن بعدم التدخل في الشأن الداخلي العراقي، ويعلن أن العراق دولة مستقلة، يقول هذا ردا على تصريحات انتقدته، لكن من الواضح ان المالكي نسي أن في العراق (120) الف جندي محتل، وفيها عشرات الشركات الأمنية الخاصة، وأنّ مرجع العملية السياسية هو الإدارة الأميركية.

المالكي لم يخرج من ثوبه الطائفي وتبعيته لميليشيات تمارس جزءا من عمليات التطهير الطائفي، وحاول التذاكي واستغفال الاميركيين، لكن هذا لا يستقيم مع معادلات بناء الحكومات وتركيبها، هذه المعادلة التي صنعها المندوب السامي بريمر ليكافئ بها من قدموا العون للاحتلال.

المشكلة ليست مشكلة المالكي؛ فجبهة التوافق السنية ايضا تمارس ذات الاستغراق في الشكليات وهي تعلن تجميد عمل وزرائها، لأنها صدقت أنها تشارك في حكومة حقيقية، وأن كل النظام السياسي العراقي ليس إلاّ ظلاً للاحتلال. والحزب الاسلامي هو جزء من جبهة التوافق.

إذا كانت الحكومة العراقية مقتنعة انها مستقلة وذات سيادة فليس امامها من اختبار الا ان تعيد ملايين العراقيين المهاجرين الى بلادهم، ولتوقف عمليات الهجرة من داخل العراق الى الخارج، ولتوقف القتل الطائفي ولتوفر الكهرباء. هذه بعض اشكال السيادة وليس الاستقالات الشكلية او الزيارات الرسمية.

سياسياً؛ فإنّ المالكي يبدو في اواخر عمر حكومته التي صدرت التقويمات الأميركية بأنها لم تعد مقبولة، لكن المشكلة أنّ أي حكومة جديدة تحتاج إلى عملية تركيب جديدة ومعقدة.

القضية ليست في شكل الحكومة القادمة، بل في أنّ هذه الحكومة جزء من السياق الذي تريده واشنطن للتخفيف من مأزقها في العراق، وليس لصناعة عملية سياسية حقيقية.

sameeh.almaitah@alghad.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد