حسابات جولة بوش الاردن ومخاطر (السلام) (2) .

mainThumb

20-01-2008 12:00 AM

كتب بريجنسكي معلقاً على جولة بوش في المنطقة وناصحاً له بانه يجب ان يبين لجميع الاطراف بان السلام العادل يجب ان يقوم على مبادئ رئيسية اربعة هي: - اولا - لا حق للاجئين بالعودة الى اسرائيل وهذه وجبة دواء مرة يجب على الفلسطينيين ان يبلعوها. ثانياً: المشاركة الحقيقية في القدس بحيث تكون مدينة مفتوحة وجزء منها عاصمة للدولة الفلسطينية. ثالثاً: اجراء تغييرات على حدود 67 تقوم على تعويضات اقليمية اي ضم المستوطنات الواقعة بالقرب من هذه الحدود. رابعاً: دولة فلسطينية منزوعة السلاح مع وجود امريكي امني دائم على طول نهر الاردن.

وعندما كان بوش يسير على السجادة الحمراء الى جانبه اولمرت وبيريز في مطار تل ابيب, ذكرت وسائل الاعلام الاسرائيلية, ان الحكومة اجتمعت ووضعت اربعة خطوط حمراء لأي سلام مع الفلسطينيين لا يمكن لاسرائيل التنازل عنها وهي (1) لا عودة للاجئين الى اسرائيل (2) لا انسحاب الى حدود ما قبل الرابع من حزيران (3) القدس الموحدة عاصمة لاسرائيل (4) تواجد عسكري اسرائيلي دائم في غور الاردن.

مثل هذا الكلام لم يعد مجرد افكار عند امثال بريجنسكي ولا هو بالون اختبار اعلامي موجه من الحكومة الاسرائيلية. فلقد اصبح سياسة امريكية معلنة تلاقي دعماً عالمياً واقليمياً بالعلن او بالسر. ان تسوية ترتكز على مثل هذه المبادئ انطلقت في الاساس من رسالة الضمانات الشهيرة التي بعث بها بوش الى شارون في عام .2004 وهي تجد في التصريحات التي اعلنها الرئيس الامريكي اثناء جولته الاخيرة ما يعتبر تحولاً خطيراً في موقف واشنطن من قضية السلام. فالرئيس عاد واكد تأييده على (يهودية) اسرائيل مع تقديم ضمانات للحفاظ على هذه الصفة عندما قال بان التحالف الامريكي الاسرائيلي سيحافظ على يهودية وامن اسرائيل.

الاردن معني من زاوية مصالحه الوطنية الاستراتيجية في مواجهة اية تسوية تستند الى المبادئ الاربعة, كما وضعها بريجنسكي, او الى الخطوط الحمر كما نقل عن اجتماع الحكومة الاسرائيلية. فاسقاط حق العودة للاجئين (الذي عبر عنه بوش ايضاً من خلال الدعوة للتعويض فقط) يمثل مساً بالمصالح الوطنية الاردنية وفي الصميم. مصالحه كدولة وهوية, ومصالح جزء كبير من مواطنيه الذين يتمسكون بحق العودة.

والاردن معني من زاوية مصالحه بان تقام دولة فلسطينية مستقلة على حدود ما قبل حزيران. فالشعار الاردني, الرسمي والشعبي, المتداول منذ سنوات طوال (ان قيام الدولة الفلسطينية هو مصلحة وطنية رئيسية). ولم اسمع من اي مسؤول اردني يشير الى التخلي عن هذا الشعار. واذا كانت الدولة الفلسطينية. وفق المشاريع الامريكية والاسرائيلية المتداولة ستسمح بضم 60 بالمئة من اراضي الضفة (القدس + الكتل الاستيطانية + الجدار) فان هذه الدولة ستكون جسراً لعبور مشاريع مؤسسة رند الامريكية القائمة على افكار ومخططات اليمين الصهيوني بزعامة الليكود التي ترى الحل الوحيد في الوطن البديل.

والاردن معني من زاوية مصالحه الوطنية بأي وضع دائم للمقدسات في القدس الشريف, وهو التزام تاريخي وواقعي, بالاضافة الى صفته القانونية (كما ورد في المعاهدة الاردنية - الاسرائيلية), والاردن معني كذلك بأي وجود عسكري امريكي دائم على طول نهر الاردن. اي على حدوده الغربية.

صدور مواقف (روتينية) تجاه الطروحات الامريكية - الاسرائيلية الخطيرة لم يعد كافيا في هذه المرحلة الدقيقة والخطيرة, الحاجة ملحة لمواقف حازمة وواضحة لما يمكن ان يسمى بالخطوط الحمراء الاردنية تجاه اية تسوية تمس مصالحه الاستراتيجية, كما ان حشد الاوراق يتطلب البحث في الخيارات المختلفة. واهمها بذل جهود اردنية وعربية لاعادة توحيد الفلسطينيين. وبصراحة لا يؤمن جانب تسوية تستثني قطاع غزة وحركة حماس. فمثل هذه التسوية القائمة على تجاهل قطاع كبير من الفلسطينيين ستكون اكثر تجاهلاً لمصالح الاردن والعرب الآخرين خاصة في مسألة اللاجئين.

من المؤسف ان نرى الجهد العربي كله ينصب على ازمة الرئاسة في لبنان. وهو جهد لا يزال عقيماً, فيما تترك الازمة الفلسطينية الداخلية بدون اي تدخلات عربية جادة لحلها. مع ان الوضع الفلسطيني اخطر مليون مرة, فلا احتلال ولا حصارات في لبنان, انما دولة مستقلة اثبت شعبها انه قادر على تحرير نفسه والدفاع عن ارضه, وعلى العكس ما يرغب به اللبنانيون ان يكف العرب عن التدخل بشؤونهم, فيما نداءات (وين العرب) تكاد تسمع كل يوم في وسائل الاعلام من قطاع غزة ونابلس وجنين.

التجاهل العربي لحل الازمة الفلسطينية الداخلية, خطير وغير مفهوم, خاصة وان موعد انعقاد القمة العربية المقبلة في دمشق اصبح على الابواب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد