قضايا محلية ذات أبعاد سياسية

mainThumb

13-11-2015 03:31 PM

 لمتابع للصحافة المحلية يجدها مملوءة بأخبار الأعمال الخيرية التي يقدمها مواطنون قطريون عبر جمعيات خيرية قطرية إلى الكثير من الناس في معظم أقطار الدنيا، أكاد أجزم أنه لا يوجد دولة من دول العالم إلا وهناك لمسة قطرية خيرية، والحق أن أهل قطر أهل خير وتراحم وتواد فيما بينهم ووصل خيرهم كما أسلفت إلى كل أصقاع الدنيا.

لقد تناولت هذا الموضوع من قبل ــ موضوع الأعمال الخيرية خارج الحدود ــ في هذه الزاوية وقد أثنينا على أهل الخير لكل ما يفعلون من أعمال سواء حفر آبار مياه للشرب أو بناء مساجد أو بناء مستوصفات طبية في أماكن خارج الوطن أو بناء مدارس لتحفيظ القرآن الكريم.
 
كان رأيي إذا أردنا بناء مسجد على سبيل المثال في دولة من الدول فعلينا أن نبني مسجدا متكاملا أي مسجد للعبادة ومدرسة للتعليم ينافس خريجوها خريجي المدارس الأخرى، ومستوصفا طبيا ومحالا تجارية يعود ريعها لصيانة ما بنينا، شرط أن يكون البناء قادرا على رد صولات الدهر وأن يكون نموذجا لهندسة معمارية إسلامية عربية كما هو حال آثارنا في إسبانيا وجنوب إيطاليا والبرتغال مآذن شامخة ومساجد واسعة وفن معماري يحتذى به. من السهل أن تبني مسجدا يتكون من أربعة حيطان ومحراب ومئذنة، وتقول إنني بنيت مسجدا، ولكن سرعان ما ينهار ذلك البناء بمجر تعرض تلك الدولة لعاصفة ما طرة، أو رياح صرصر عاتية ويصبح ما بنينا وتفاخرنا بما أنجزنا أثرا بعد عين.
أريد أن أذكّر كل فاعل خير، بمساجد ومآذن تركيا والقاهرة، هل تأثرت تلك المباني على مر الزمن رغم أن بعضها ليس بعيدا عن خط الزلازل، إنها تلك المساجد التي أتمنى تشييد مثلها وتبقى شاهدا على أفعال الخير التي يقوم البعض من أهل قطر بتنفيذها، ولا يمنع أن يكتب على باب ذلك المجمع (مدرسة، ومسجد، ومستوصف، ومحال تجارية) عبارة بني على نفقة مجمع الجمعيات الخيرية القطرية، ذلك تخليدا لقطر في الخارج.
لقد عبّدت المملكة العربية السعودية طريقا يربط بين المطار ومدينة عمّان، أقدّر طوله بــ 40 كيلومتر، وكتب في بدايته عبارة لا تخطوها العين أن هذا المشروع بني ونفذ على نفقة المملكة العربية السعودية، وسيبقى ذلك المشروع خالدا في الذاكرة الأردنية وكل عابر للأردن الشقيق.
 
الصين الشعبية بنت مجمعا ضخما في مدينة الخرطوم في السودان يضم مؤسسات حكومية، وكتب على مدخله عبارة «شيد هذا المبنى هدية من الشعب الصيني إلى شعب السودان»، وما برحت تلك اللوحة في مكانها، وفي اليمن بنت الصين طريقا يربط صنعاء بتعز وكتب في أوله لوحة تذكر أن الصين بنت هذا الطريق. ما أردت قوله إننا إذا بنينا بنيانا حضاريا شامخا نفاخر به، في أي دولة كان فمن حقنا أن نثبّت اسم بلادنا على كل مشروع ننفذه. 
اليمن يئن من كثرة آلامه وأوجاعه نتيجة للحرب الدائرة على صعيده، مدارس هدمت، وجوامع دمرت، ومزارع أحرقت وبيوت لم يعد لها أثر، أسر هجرت، وأخرى دفنت تحت الأنقاض وما بقي من الناس لم يجدوا مدرسة تأوي أبناءهم ذكورا وإناثا، ولا مستوصف أو مركزا صحيا أو مستشفى يداوي جراحهم ولا أدوية تكفي لعلاج الجرحى والمرضى.
 
هنا أتوجه إلى أهل الخير في قطر أصحاب الجمعيات الخيرية أن يتحدوا من أجل إنقاذ ما تبقى من أهل اليمن. أعني أن تتفق هذه الجمعيات الخيرية على أن يوحدوا جهودهم وما ينفقون من أجل إعادة إعمار المدارس التي هدمت وكذلك المستشفيات والمراكز الصحية، وإعادة تأهيلها بالمعدات الطبية اللازمة.إن مجموع ما أنفقته الجمعيات الخيرية كل على انفراد خارج الحدود يقدر بأكثر من 300 مليون ريال في خلال العام الحالي. سؤالي هل يمكن أن تتحد الجمعيات الخيرية مع مصلحة الزكاة، وكل فاعل خير من أجل العمل في اليمن بصفة جماعية في مجال إعادة إصلاح المدارس وتأثيثها وكذلك المراكز الصحية والمستشفيات.
 
أعتقد أن الأمر ليس صعبا ونهيب بكل فاعل خير أن يهب لإعادة إعمار تلك المؤسسات ودول التعاون مهمتها، إلى جانب أمور أخرى، تنظيف الشوارع والحقول والطرقات في المناطق المحررة، من الألغام التي بثها الحلف (الصالحي ــ الحوثي).
آخر القول: اليمن يستنجد بأهل الشيم والمال، من أجل عونهم في محنتهم، واليماني يحتفظ بالجميل ويرده في يوم موعود، والله على ما نقول شهيد.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد