في وداع «الملحق»

mainThumb

20-12-2015 01:48 PM

 تحت عنوان «خاتمة» أعلن رئيس تحرير ملحق «النهار»، الشاعر عقل العويط، أمس (السبت)، 19 ديسمبر (كانون الأول) 2015، في السنة الثالثة والثمانين من عمر «النهار»، نهاية عصر «الملحق» عن 51 عامًا. كانت كلمات الشاعر دامعة وصافية وهو يرفع التحية إلى أسلافه في درة «النهار» الأسبوعية: المؤسس أنسي الحاج والشاعر شوقي أبو شقرا والروائي الطليعي إلياس خوري.

 

كان «الملحق» فسحة ثقافية أدبية وجدانية تتجاوز الكتابة اليومية إلى التجربة الذاتية الحرة. حتى كتّاب العدد اليومي، مثلنا، كانوا يخرجون إليه، بأسماء مستعارة أو واضحة، لمخاطبة جمهوره القلق والعاشق والشغوف بالفن والحداثة والحياة والجدل ونقض الفكر السائد.
 
عندما أسس غسان تويني، رائد الصحافة المستقبلية، مجموعة من «الملاحق» تباع مع «النهار»، كان يريد أن يعتق الجيل الطالع من رتابات الجيل الأسبق. وفي نهاية الأسبوع كانت النخب والطلاب والشباب وهواة الشعر والأدب والفكر وشجعان القلوب الحانية، كانت تملك من الوقت لقراءة «الملحق» مثل كتاب أسبوعي جديد بعيدًا عن سرعة اليوميات وبرق الأحداث.
 
واجتذب «الملحق» كتّابًا عربًا ولبنانيين من أروع وأجمل الأسماء وذوي الإنسانيات. من اليمن والعراق والمغرب وسوريا. من الجزائر والسنغال. ومن جميع المنافي التي حمل إليها الحالمون خيباتهم وآلامهم وذكرى الأمهات والجدران وألم التشرد وحرقة الطغيان.
 
لا أستطيع أن أعدد الكتّاب الذين مرّوا في «الملحق» لأنهم في حجم مكتبة وطنية. ومع كل مقال كان «الملحق» ينشر لوحة لرسام ما، لوحة أخّاذة تُغني النص المرفق إذا تعثر، أو تزيده غنى. أسماء كثيرة ولدت في «الملحق». ربيع كثير ولد فيه. نصوص أكاديمية أو فكرية أو فلسفية تدفقت مع شلالات حبره كل أسبوع.
 
غاب «الملحق». صمد طويلاً أمام انتقال الصحافة إلى «الإعلام». كان «الملحق» حركة فكرية فنية شعرية انطفأت فانطفأ خلقها. قاوم طويلاً منحى التشابه مع عوابر اليوميات و«خفة الوجود». وعاش طويلاً في ركن ذاته، مخالفًا لوتيرة الإعلام واهتماماته واستخفافه بمشاعر الأعماق وآفاق الحريات.
 
كان «الملحق» ملتقى الإبداعات والنصوص المنحوتة وشكاوى المثقفين الصامدين في وجه التفسخ الاجتماعي والتفكك الوطني. واحة من الواحات. وظل يقاوم الأزمة «الورقية» حتى النهاية، مدركًا أن المرحلة اللبنانية لم تعد تطيق وجوده أو تهتم لمهمته في حفظ إيقاع الإبداع والجمال ومتعة النثر.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد