مهرجان الأردن .. الولادة المتعثرة

مهرجان الأردن .. الولادة المتعثرة

30-06-2008 12:00 AM

ثمة ما يوحي ، وأرجو أن أكون مخطئا ، بأن "مهرجان الأردن" ولد ميتا ، أو أقله ولد "سباعي" ، ويحتاج لفترة طويلة في الحاضنة أو "الخداج" ، فهذا المهرجان جاء على أنقاض مهرجان عريق ، لم يرتبط اسم الأردن بمهرجان فني أو ثقافي أو تراثي آ خر ، كما ارتبط باسمه: "مهرجان جرش".

مهرجان الأردن واج?Zه?Z منذ اليوم الأول للإعلان عنه ، حملة واسعة متعددة المصادر والمرجعيات والأسباب ، بعضها يعود لضرورات البناء على الإنجاز ، وآخر ينبع من موقف عقائدي متحفظ عموما على مختلف أنواع الفنون من رقص وغناء وموسيقى ، وثالث يصدر عن موقف سياسي مناهض للتطبيع مع إسرائيل ، ورابع ربما يندرج في سياق المناكفة و"خالف تعرف".

ولم يكن ينقص هذا المهرجان المثير للجدل ، إلا هذه الحملة العشواء من القوى النقابية والمدنية المناهضة للتطبيع في الأردن والعالم العربي ، حتى يواجه مصيرا صعبا ، إن لم نقل مصيرا محتوما ، من دون أن ندري لماذا وضعت إدارة المهرجان والجهات المشرفة عليه ، نفسها في هذه الخانة الضيقة والزاوية الحرجة.

أما كان بإمكاننا التعامل مع شركات إعلان وتسويق وعلاقات عامة غير مثيرة للجدل وفوق الشبهات ، هل ضاقت الدنيا علينا بما رحبت وظننا أن لا ملجأ من "بيلسيز" إلا إليها ، ألم تكن تكفينا بيانات المعارضة اللبنانية وتسريبات حزب الله ، حتى تطلع علينا أليسا وعاصي الحلاني ببيانات التلويح بالمقاطعة ، ألم تكن تكفينا مقابلات هيكل وتصريحات مصطفى بكري حتى نجد أنفسنا في مواجهة مع السيد راضي ، وهل تجاوزنا محليا بيان الـ150 شخصية قبل أيام ، حتى ندخل في جدل حول بيان عمر العبد اللات ونقابة الفنانين المناهضة للتطبيع والمقاطعة للمهرجان.

ما يجري من جدل ، أو بالأحرى من لغط ، حول "مهرجان الأردن" هو شاهد على نمط من الإدارة الحكومية الناجحة تماما في افتعال وإثارة المشكلات الفائضة عن الحاجة ، والتي بالإمكان تفاديها بقليل من التروي والتبصر ، وبكثير من الإفصاح والشفافية ، فما يجري تداوله من أرقام حول ميزانية المهرجان وأجور الفنانين ، يذكر في جانب منه بقضية بيوع الأراضي والعقارات ، ولا أرى سببا لانزعاج الدوائر الرسمية من "المبالغات" و"المزايدات" التي يجري تداولها بكثافة هذه الأيام عن "مهرجان الأردن" ، فإن كانت هناك من جهة تستحق اللوم والمساءلة ، فهي هذه الدوائر ذاتها ، التي لم تتصرف بشفافية في هذا الأمر ، غير آخذة بنظر الاعتبار أنه حين تغيب المعلومة الرسمية الدقيقة والشفافية ، ولا تصدر في موعدها وتوقيتها ، فإن "الشائعات" جاهزة لملء الفراغ ، تستوي في ذلك قضية "بيوع الأراضي" ، مع قضية "مهرجان الأردن" مع أي قضية أخرى.

كان بإمكان الجهات المنظمة لمهرجان الأردن ، وبقليل من الشفافية واحترام حق الشعب في المعرفة ، أن تتفادى تحويل المهرجان إلى قضية ، وتجنب خلق معركة سياسية في غير أوانها ومكانها ، كان بإمكانها توفير كل هذا الجهد لتوظيفه في إنجاح المهرجان وتسويقه ، بدل التفرغ لمواجهة فيض الانتقادات والاتهامات.

والأهم من كل هذا وذاك ، فقد كان يتعين على الحكومة أن تحترم الذاكرة المؤسسية للأردنيين ، وأن تعيد الاعتبار لمهرجان جرش وتعاود ترميم صورته ورسالته ، بدل إطلاق رصاصة الرحمة عليه ، كما فعلت من دون أن يرف لها جفن ، علما بأننا "الخبراء" في قضايا "الهيكلة وإعادة الهيكلة" ، ألسنا نحن من يهيكل أو يعيد هيكلة الإعلام مرة واحدة في السنة على الأقل ؟،

ولنا أن نتساءل بالمناسبة ، هل في تونس حكومة تستطيع إلغاء مهرجان قرطاج أو في لبنان حكومة تستطيع أن تلغي مهرجانات بعلبك ، وهكذا بالنسبة لدبي والكويت والقاهرة ودمشق وغيرها من المدن التي ارتبطت باسمها مهرجانات إقليمية ودولية رائجة ، مثل هذا الأمر لا يحدث إلا عندنا نحن في الأردن ، الذي بتنا نغير تصاميم "نمر" سياراتنا كما نغير حكوماتنا ، ونبدّل اليافطات (الآرمات) على واجهات محلاتنا ، أما من يدفع لقاء ذلك ، وماذا يترتب على هذا الأمر ، فتلك أمور لا تشغل بال مسؤولينا ولا تستوقفهم على ما يبدو ؟،./الدستور/



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد