من أغضب الحليم?!

mainThumb

03-07-2008 12:00 AM

استمعت وقرأت بامعان الحديث التاريخي الهام الذي ادلى به جلالة الملك في مقابلة مع وكالة الانباء الاردنية. وقد تعودنا انه عندما يتكلم جلالة القائد فان امرا وحدثا هاما على المستوى الداخلي قد استدعى جلالته للوقوف عنده محدثا وموضحا ومرشدا... آمرا وناهيا وهذه هي مهمات القيادة في كل زمان ومكان.

عندما تلتبس الامور وتختلط وتصبح الاشاعة هي مصدر المعلومة وعندما تسود حالة الشك والتشكيك منجزاتنا وسياستنا ومستقبل اجيالنا فلا بد من مداخلة على مستوى جلالة الملك لدرء الخطر عن الامة ولتصويب الاخطاء ووقف التجاوزات. هكذا فهمت خطاب جلالته كما فهمه معي كل من استمع اليه... وقد تجسدت فيه روح رب الاسرة الحريص على تماسكها وتدبير شؤونها وحدبه عليهم فرداً فرداً مهما تعددت ثقافاتهم وانتماءاتهم وبروح عالية من المسؤولية والعتب على تصرفات البعض ومواقفهم.

وهو ان قسا في بعض التوصيفات والافعال فهو من باب الرحمة والتوجيه وقد صدق فيه قول الشاعر...

فقسا ليزدجروا ومن يك حازما فليقسُ احيانا على من يرحم

لقد ركز جلالته على رفض الاشاعة وبيان خطرها على الامة والوطن ودور الصحافة في نقل المعلومة الصحيحة والبعد عن ثقافة الشك والتشكيك....

لنكن واقعيين وصرحاء في تلمس جراحاتنا وتحديد اوجاعنا وتشخيصها ليسهل علينا مداواتها وعلاجها كالطبيب المعالج الذي يبحث عن سبب الالم بعد تحديد طبيعته وموقعه من الجسم ليحدد نوع المرض وليسهل عليه بالتالي وصف العلاج الناجح ومداواة المريض لشفائه بعون الله.

ان مجتمعنا يشكو ويئن من اوجاع كثيرة وهذه اعراض لامراض بحاجة الى تشخيص جيد ومصارحة واعتراف بوجود المرض واعراضه, ومن ثم التشخيص الجيد ليسهل على القائمين والموكل اليهم الامر المداواة وتقديم العلاج....

ان جهل المعالج او عدم جديته قد يؤدي الى عدم معرفته بسبب المرض وتستولي عليه حالة من التخمين والشكوك من دون معرفة حقيقة المرض. وهنا يبدأ بوصفات تسكن الاعراض دون علاج لسبب المرض فيبدأ بالمسكنات التي قد تخفف الالم مرحليا فيظن المريض انه شفي وهو في الحقيقة لم يشف بل زاد المرض وانتشر من الاعضاء المصابة الى الاعضاء السليمة.

وهذا ما يحدث في بعض الاحيان في شأن امراض المجتمع وما يعاني من مشاكل اقتصادية او اجتماعية او سياسية او نحو ذلك.... وهنا نكون امام احدى حالتين اما اللجوء الى المسكنات والعلاج المؤقت الذي لا يعالج الحالة المشكو منها بل ربما تتسبب هذه المسكنات بتفاقم الحالة وانتشارها وبالتالي يصعب حلها مستقبلا واما ان يعمد الى تحديد طبيعة المشكلة واسبابها ويضع لها حلولا للقضاء على السبب والمسبب وقد يلجأ المعالج في هذه الحالة الى الدواء المر او الى الكي وهو اخر العلاج او ربما الى البتر وقطع الجزء المصاب للحفاظ على باقي الجسم حيا وسليما....

هذه المقاربات احببت ان اوردها بعد سماعي لخطاب جلالته وقلت في نفس ان حالة الشك والتشكيك في ما نعاني منه اصبحت هي الاساس في الحكم على الاشياء دون تبين او تحقيق وبالتالي نصدر احكامنا على الاشياء بناء على الظن والاشاعة او الغلط في المعلومة... وهنا يأتي دور اجهزة الاعلام المختلفة والقائمين عليها وهذه كلها ادوات من ادوات الحكومة التي تستطيع من خلالها التأكيد على مبدأ الشفافية والمصارحة وصحة المعلومة والدفاع عن موقفها من هذه القضايا... لقد احسن رئيس الوزراء حينما قرر مواجهة ومصارحة مجلس الاعيان يوم 1/7/2008 عندما اوضح سياسات الحكومة على ضوء اقتراحات السادة الاعيان حينما اقرت الموازنة العامة.

لقد وجدت طروحات مقنعة في كثير منها وودت لو ان هذا الحديث كان في وسائل الاعلام المختلفة وجرت عليه حوارات بين الحكومة والوزراء المختصين والنخب السياسية والاقتصادية وعامة المهتمين... ولو جرت مثل هذه المصارحة والمكاشفة والعرض لتبددت عند الكثيرين اوهامهم وشكوكهم....

اعتقد ان هذا ما دفع جلالته للدخول في التفاصيل, على غير عادته, ومحاولة تبديد الشكوك ومحاربة اسلوب التشكيك. وامر آخر لا بد من التأكيد عليه وهو ضرورة ارساء مبدأ "التبين والتبيين" والذي هو من واجب اصحاب الفكر, والقلم, وحملة الرأي, اياً كانوا صحافيين... مفكرين... دعاة... سياسيين احزابا. فعلى هؤلاء جميعا الابتعاد عن اسلوب التهويل والتشكيك فاذا كنا نطالب الحكومة بالشفافية والمصداقية فيجب ان نطالب انفسنا جميعا بتقوى الله في القول والعمل والحرص على امن هذا الوطن واستقراره ولنبتعد عن اسلوب الاستفزاز والشك والتشكيك والسوداوية في النظر للامور. وصدق رسول الله "ص" "من قال هلك الناس فقد اهلكهم"./الغد/



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد