النساء «قادمون» والرجال «ذاهبات»

mainThumb

17-08-2008 12:00 AM


قبل أيام لفت انتباهي عنوان مثير على غلاف عدد من مجلة وجهات نظر القاهرية ، هو النساء قادمون ، وحين سألت الصديق أيمن الصياد رئيس تحرير المجلة عن السلامة اللغوية والنحوية لهذا العنوان ، قال لي ان هذه السلامة متحققة من ألفها الى يائها وانه احتكم الى عدة مرجعيات قبل ان يضعها عنوانا على غلاف المجلة..

ثم دار حوار لا تنقصه السخرية بيننا عن النساء القادمون والرجال الذاهبات بعد ان ضاع الفارق بين واو الجماعة ونون النسوة وبين ألف الاثنين وتاء التأنيث.

وتذكرت اثناء الحوار ما طالبت به واحدة من رائدات الحركة النسوية في مصر وفي الفترة التي شهدت سجالا مُط?Zربشا ومعمما حول ما طرحه كل من قاسم أمين وهدى شعراوي التي كان يدور حديثنا على بعد خطوات من شارع مذكر يحمل اسمها المؤنث..

تذكرت ايضا الأمازونيات ، أوائل النساء اللواتي اعلن الحرب على الذكورة وبترن أثداءهن كي لا تعيقهن عن استخدام القوس ، ولو استسلمت للتداعيات لما انتهى بي الأمر عند دلال المغربي أو جداتها العربيات من خولة حتى الخنساء. كانت النساء العربيات في الجاهلية يهددن الأزواج بالفراق اذا هزموا ، ويعدنهم بفرش النمارق اذا انتصروا ، ثم تغير الامر تماما بعد ستة عشر قرنا تصلح للأيائل وللرجال المهزومين ايضا ، في ثقافة جنسوية لا اعرف لماذا اهتدت الى جعل القرون دلالة على فقدان الرجولة وما يسمى الدّيوث.

انني اضيف صوتي الى تلك السيدة التي طالبت بحذف نون النسوة في مطلع القرن الماضي فهي لم تعد الفارق النحوي أو الواقعي بين رجال ونساء ، ولو استعرنا من أسلافنا العرب عبارة ذات مغزى بعيد.. فان الجمل يستنوق.. والرجل كذلك.

فأبو زيد الهلالي الذي يحول المرأة الى جارية تغسل له قدميه في الماء المملّح قد يكون عائدا للتو من معركة رفع فيها سرواله الابيض لأنه لم يجد راية بيضاء يرفعها.

لقد تغيّر التاريخ مثلما تغيرت الجغرافيا ايضا والارض التي كانت مغطاة بالغابات أصبحت صحارى ، فلماذا لا تتغير الأجناس أيضا؟

بحيث تصبح بعض النساء أجدر بكل ما وصف الرجال عبر العصور والعكس صحيح ايضا،

ان واو الجماعة لا تصنع رجالا ، كما أن تاء التأنيث ليست هودجا أو بيت دمية كما قال هنريك ابسن في مسرحيته الشهيرة.

لقد تغيرت الدنيا بما يكفي لاعادة تعريف الرجولة والأنوثة والخنوثة ايضا ، مثلما اصبحنا بحاجة الى اعادة تعريف السيادة والاحتلال والاستقلال وحتى مفهوم الدولة ذاته ، خصوصا بعد ان اقترن في لغتنا بالزوال ، بينما تعني كلمة دولة في اللغات الاخرى الثبات والاستقرار.

لم يكن في ذلك العنوان أي خطأ نحوي أو مطبعي ، فالنساء قادمون والرجال ذاهبات،، الدستور



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد