اميركا .. ومشكلة البشير!!

mainThumb

19-07-2008 12:00 AM

ليس دفاعاً عن الولايات المتحدة، فبالامكان القول فيها في مجالات كثيرة اخرى اكثر كثيراً مما قاله مالك في الخمر، ولكن وتوخياً للدقة فإن الموقف الاميركي بالنسبة لما اصدره المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية لويس مورينو او كامبو ضد الرئيس السوداني عمر البشير يكاد يكون متطابقاً تطابقاً كاملاً مع مواقف معظم الدول العربية التي رأت في هذا الاجراء سابقة خطيرة لا يجوز تمريرها.

اما المعروف ان الولايات المتحدة ليست عضواً في هذه المحكمة بل وهي تعترض عليها لأسباب تتعلق بها وبانتشار جيوشها في عدد من دول العالم وهذا هو الذي جعل موقفها بالنسبة لهذه المشكلة، مشكلة عمر البشير، يختلف عن موقف فرنسا وبريطانيا وباقي الدول الاوروبية وجعلها تنظر الى هذه المسألة من زاوية غير الزاوية التي نظرت منها هذه الدول وغيرها.

لقد كان للرئيس الاميركي موقف متحفظ معلن ازاء هذه المسألة وهو قال في مؤتمر صحافي، يوم الثلاثاء الماضي أي بعد ساعات قليلة فقط من اعلان اوكامبو ما اعلنه: نحن لسنا اعضاء في محكمة الجنايات الدولية ولذلك فإننا سنرى كيف سينتهي هذا الامر.. ان هناك جانبين في المسألة السودانية الاول يتعلق بالاتفاقية بين الشمال والجنوب وكيفية توزيع الثروة النفطية والثاني يتعلق بدارفور وهذه قضية معقدة جداً جداً.

وبهذا فانه كان على الذين هرعوا لمؤازرة الرئيس البشير، ظالما ومظلوما، ان يتوخوا الدقة ليدركوا انه بالامكان التعاطي مع الموقف الاميركي من هذه المسألة بدبلوماسية ذكية لتجييره لمصلحة الرئيس السوداني الذي لا يفيده اطلاقا انه تكون هذه الفزعة له حملات شتم عشوائية على خلفية المواجهة بين ايران والولايات المتحدة بالنسبة للقدرات النووية الايرانية والمثل يقول: اشبعتهم شتما وفازوا بالأبل.

هناك مصالح متداخلة ومعقدة في عالم العولمة وثورة وسائل الاتصالات الذي غدا بحجم قبضة اليد ولذلك فان سياسة الفزعات بدون تمييز تأتي نتائجها عكسية ليس في اغلب الاحيان بل في كل الاحيان ولهذا فانه كان موقفا خاطئا لا يسعف البشير في شيء ان يبدأ الطخ على الاميركيين فورا وبدون التدقيق في الامور بمجرد ان قال اوكامبو ما قاله ومعهم معهم.. عليهم عليهم.

في العام 1956 شنت ثلاث دول هي اسرائيل وفرنسا وبريطانيا، عدوانها الثلاثي على مصر وكان الموقف الاميركي، كان رئيس الولايات المتحدة في ذلك الحين هو دوايت ايزنهاور، الى جانب عبدالناصر بقوة الموقف السوفياتي وربما اكثر وذلك رغم ان هذه الدول الثلاث كلها وفقا للنظرة التقليدية التبسيطية حليفة بل واقرب الحلفاء الى اميركا التي كان لها الدور الرئيسي في الحاق الهزيمة بنظام هتلر النازي الذي لو انه لم يهزم تلك الهزيمة النكراء فلربما ما ظهرت اسرائيل الى الوجود ولما كانت فرنسا وبريطانيا في وضع يسمح لهما بشن أي حرب بعد نحو عشرة اعوام فقط من انتهاء الحرب العالمية الثانية.

لقد اصطفت الولايات المتحدة الى جانب عدوها الاول الاتحاد السوفياتي والى جانب عبدالناصر لان حساباتها في ذلك الحين اختلفت عن حسابات اصدقائها التقليديين، بريطانيا وفرنسا واسرائيل، واتفقت مع حسابات اعدائها، الرئيس المصري الاسبق وموسكو، فالولايات المتحدة في منتصف خمسينات القرن الماضي كان همها الاول وراثة الاستعمار القديم في افريقيا والشرق الاوسط والعالم كله ولذلك ولانها اعتقدت، واعتقادها كان صحيحا، ان استرداد الفرنسيين والبريطانيين لقناة السويس في ايدي المصريين سوف يعزز بقائهما في هذه المنطقة الاستراتيجية الحساسة فانها اتخذت ذلك الموقف الحاسم الذي اتخذته / الراي /



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد