نمور في يومها العاشر

mainThumb

16-07-2008 12:00 AM

يروى في القصة الشهيرة.. ان النمر حين تم اسره ذات يوم ، توعد وهدد ، وكان غاضبا بشدة في قفصه ، وفي صبيحة اليوم الأول زأر غاضبا يريد تناول اللحم ، فلم يرد عليه الصياد ، وعاد اليه في اليوم الثاني ، وهو يزأر بقوة مطالبا بتناول اللحم حتى وهو مأسور باعتباره "النمر"الذي لايجوز امتهانه ، فقال له الصياد ..لايوجد لحم ، وكل ماهنالك هو بضعة حشائش اذا اردت ان تأكل ، فغضب النمر وزأر من هذه المهانة ، فكيف يأكل الحشيش ، ورفض بشدة ، وعاد اليه الصياد في اليوم الثالث ، وكان النمر قد بدأ يتضور جوعا ، فسأله الصياد هل مازال يرفض ان يأكل الحشيش ، فأجابه انه يقبل مؤقتا بسبب "ظروف المرحلة"صارخا صرخة سمعتها كل الغابة من شدة الغضب.

عاد اليه الصياد في اليومين الرابع والخامس ، بعد ان اعتاد على اكل الحشيش ، ونسي اللحم بسبب "ظروف المرحلة" ، وطلب النمر بلسانه حصة جديدة من الحشيش ، غير ان الصياد قال له ، لن تأكل الحشيش حتى ترقص مثل القرد ، فزأر النمر غضبا ، فكيف يرقص مثل القرد ، وهو النمر المهاب المهيوب ، وهذه مهانة جديدة يرفضها بشدة ، فتركه الصياد وعاد اليه في اليوم السادس ، وسأله عن حالته مع الجوع ، فقال له النمر انه يقبل ان يرقص مثل القرد ، مقابل حصة من الحشيش ، ناسيا اللحم ، وناسيا رفضه ، جراء "ظروف المرحلة"فأولم له الصياد كمية كبيرة من الحشيش وجلس يتفرج عليه وهو يرقص مثل القرد.

في اليوم الثامن ، عاد اليه الصياد مجددا ، وكان الجوع قد بلغ منه مبلغا ، فطلب منه النمر حصة جديدة ، من الحشيش ، فقال له الصياد ، ان الشروط اختلفت ، وان على النمر ان يموء مثل القطط ، من اجل ان يحصل على كمية من الحشيش ، حتى يأكل ، فجن جنون النمر وقال للصياد ، لقد قبلت وتنازلت عن اللحم ، وحولتني الى مجرد كائن نباتي ، ثم طلبت ان ارقص مثل القرد ، فرقصت مجبرا ، واليوم تريد ان اموء مثل القطط ، وهذه الاهانة الكبرى ، فأنا النمر وتريديني ان اموء مثل قطة ، وهذه اهانة بالغة لن اقبلها حتى لو مت في مكاني ، فأنا النمر ، ولاشيء مثل النمر.

عاد الصياد في اليوم العاشر ، وشاهد النمر جائعا هزيلا ، لايكاد يقوى على الحركة ، فسأله الى اين وصل به الجوع ، وهل مازال يرفض ان يموء مثل القطط ، فرد عليه النمر انه يقبل جراء "ظروف المرحلة"ومستعد ان يموء مثل القطط ، غير ان الصياد قال له ، عليك ان تنسى الزئير والغضب ، وان تموء بشكل دائم ، حتى تأكل ، ولا اريدك ان تموء فقط عند الحصول على الوجبة ، بل اريدك ان تموء وتموء ، بشكل دائم ، وتنسى اللحم والزئير ، فأطرق النمر برأسه اسفا ، وقال حسنا انها "ظروف المرحلة"وسوف اموء بشكل دائم ، فقط اعطني حصتي من الحشيس حتى آكل ، وفي يومه العاشر ترك الصياد النمر في قفصه يموء مثل القطط ويأكل الحشيش ، وفكر في لحظة ما بأطلاق سراحه بعد ان أمن شر النمر ، غير انه لم يفعل ، فقد يصحو النمر فجأة ويتذكر انه ليس قطة ، وانه لم يولد نباتيا ، غير ان النمر كان قد تغير فعلا ، فحتى لو تم اطلاق سراحه ، فقد احب الحشائش ، واعتاد على المواء.

كثير من العرب ، اليوم ، تحولوا إلى نمور في يومهم العاشر ، ففي العالم العربي ، ماتت المرؤوة ، والنخوة ، ولم يعد احتلال بغداد يتسبب بمسيرة تضم أكثر من ألف عربي ، ولم يعد تهويد القدس ، يتسبب سوى بجملة "حسبنا الله ونعم الوكيل"والعربي يتابع مشاهد قتلى غزة وهو يأكل الشيبس ، والتنازلات على صعيد القضية الفلسطينية تجر تنازلات اضافية ، ولم يعد قمع الحريات ومصادرة حياة الانسان العربي ، في بعض الدول يتسبب بأي رد فعل ، ولم يعد العربي قادرا على حماية حقوقه او الاعلان عن موقف ، او يحصل على ماهو حق له ، فقد تحول غالبية العرب الى نمور في يومهم العاشر.

انها "ظروف المرحلة" ، فقد اصبح المواء مسموعا في كل مكان ، والحشيش هو الوجبة الرئيسة ، والوحيدة المتوفرة في العالم العربي......أليس كذلك؟الدستور



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد