موسم الزيتون على الأبواب

mainThumb

20-08-2008 12:00 AM

نبيل غيشان

 

 

لا اعرف من اخترع مقولة "الموسم المقبل للزيتون سيكون رديئا" لكن الذي اعرفه ان هذه الاخبار المتواترة رفعت اسعار زيت الزيتون في الاسواق المحلية مع انتشار تأكيدات من جهات عديدة بعضها له مصلحة, في الجزم بان اسعار زيت الزيتون سترتفع في الموسم المقبل لتصل الى أكثر من سبعين دينارا للتنكة التي تزن 17 كيلوغراما.

صحيح أن الموسم المقبل للزيتون لن يكون هائلا بسبب قلة الأمطار في الموسم السابق ما أدى الى انكماش حب الزيتون وقلة مادة الزيت بداخله, لكن يجب ان لا ننسى بان البلاد فيها حوالي 20 مليون شجرة زيتون منها الجديد الذي يثمر لأول مرة هذا العام, وأعداد الأشجار في تزايد مستمر, وارتفاع الأسعار له علاقة بحركة السوق وتكلفة عملية القطف والعصر التي لا بد وان ترتفع هذا العام لأسباب كثيرة, فثمن التنكة لا يذهب كله لجيب المزارع بل يدفع نصفه بدل قطف وعصر وتعبئة ونقل.

المهم أن الحمى انتشرت في الاسواق وكل الأطراف بدأت "بجلخ سكاكينها" لتأكل من لحم المستهلك الذي لم يعد يعرف من اين "يلقيها".

وزارة الزراعة منعت منذ سنوات عمليات استيراد زيت الزيتون من الخارج لسببين: أولهما; دعم المنتجين الاردنيين ودعم المنتج المحلي, وثانيهما; منع عمليات الغش بعد اكتشاف محاولات كثيرة لبيع الزيت المستورد وكأنه زيت زيتون محلي ولكنها وتحت ضغط الاشاعات اضطرت الى منح تصاريح للمستوردين لإدخال زيت الزيتون الاجنبي ولكنها أوقفت القرار على الفور, ويبدو أن الأمر متعلق بالاستعداد للموسم المقبل, فاذا جاء مناسبا استمر وقف الاستيراد وان جاء الانتاج قليلا فتح باب الاستيراد.

واذا أخذنا بمنطق "السوق الحر" الذي تتبعه الحكومات منذ سنوات, فان هذا التوجه مخالف للالتزامات الاردنية الدولية لان أساس "السوق الحر" هو التنافس بين المنتجات بالسعر والجودة, وهناك مستهلكون اردنيون كثر لا يستطيعون شراء زيت الزيتون الاردني ولهم مصلحة في فتح باب الاستيراد من الخارج والذي كان مربوطا في السنوات الماضية بالمؤسستين الاستهلاكيتين المدنية والعسكرية, ولا تكفي حجة الحكومة "بمنع الغش" لان كل بضاعة مستوردة وغير مستوردة قابلة للغش اذا لم تكن هناك إجراءات رادعة بحق المخالفين, وهذا دور الحكومة في منع التضارب بين مصالح طرفي المعادلة المنتج والمستهلك.

وما دامت الحكومة تمنع تصدير حب الزيتون الاردني لأسباب وجيهة فلماذا لا تمنع تصدير الخضراوات والفواكه مثل الليمون والبندورة والخيار عندما ترتفع أسعارها في السوق المحلية حماية للمنتجين الزراعيين?

اما قرار منع تصدير حب الزيتون فيمكن تفهمه لانه يضر بالاقتصاد الاردني ويصب في مصلحة الدول المستوردة وخاصة اسرائيل التي تستورد الحب وتعصره وتعيد تصديره الى اوروبا كمنتج اسرائيلي وهذا يضر بسمعة المنتجات الاردنية ويعطي الآخرين فرصة لمنافسة الزيت الاردني في الاسواق الخارجية والأصل ان يصدر الزيت الاردني فقط وبعبوات صغيرة لا يمكن إعادة تصديرها وتغيير بلد المنشأ عليها.

وقد صدر الاردن في الموسم الماضي حب زيتون يعادل 2% من مجمل الانتاج المحلي المقدر ب¯ 148 الف طن وهذا يعني أن اسرائيل وسورية استوردتا حب زيتون بما يوازي الف ومئتي طن من زيت الزيتون الاردني, وإذا كان من حق المنتجين ان يصدروا منتجاتهم المصنعة, لكن لا بد من وضع ضوابط لمنع عمليات إعادة التصدير الى بلد ثالث لمضارها.

إن زراعة وصناعة الزيتون في الاردن لا تزال في بداياتها وتتوسع باستمرار وهي بحاجة الى المزيد من العناية من اجل تنظيم العمليات من الزراعة والعصر والتعبئة والتسويق وعدم ترك الأمر على "التساهيل" لان الفوضى حتما ستدمر هذا القطاع, الذي يحتاج الى شركة وطنية كبيرة تستوعب إنتاج الزيتون وتصنعه وتعبئه وتبيعه بطرق مناسبة ليحافظ على الجودة والسعر المناسبين لكل من المنتجين والمستهلكين.العرب اليوم



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد