ادارة رسمية حكيمة للأزمة

mainThumb

29-12-2008 12:00 AM

قرار سياسي وأمني مدروس بفتح ابواب التعبير الشعبي ضد العدوان

 

لا تكمن اهمية الموقف الاردني من العدوان الاسرائيلي على غزة بالتصريحات المنددة او بالاجراءات الرسمية المتخذة لمساعدة الاشقاء في القطاع على الصمود فحسب انما بما يجري في الشارع من مسيرات واعتصامات وصلت الى حد احراق العلم الاسرائيلي تحت قبة البرلمان في سابقة تاريخية لم يشهد مجلس النواب مثلها من قبل.

ولم يسبق لوسائل اعلام وصحف رسمية ان غطت وتابعت المسيرات الشعبية على هذا النحو الذي نشهده.

ومن يتابع تغطية التلفزيون الاردني او وكالة الانباء الاردنية سيلحظ التغيير الحاصل في اسلوب تغطية هذا النوع من الفعاليات خاصة تلك التي تخص الحركة الاسلامية واحزاب المعارضة والنقابات المهنية, اضافة الى استخدام مصطلحات وعبارات صحافية شديدة القوة في ادانتها للعدوان.

الملاحظات ذاتها يمكن رصدها في المسيرات التي عمّت الجامعات الرسمية والخاصة فلم يقتصر الامر على السماح للفعاليات الطلابية بتنظيم المسيرات بحرية انما مشاركة رؤساء الجامعات والهيئات التدريسية فيها والقى بعضهم كلمات حماسية تشيد بالمقاومة الفلسطينية وتدين جرائم الاحتلال الصهيوني.

هذا الاسلوب في ادارة الازمة كان محصلة قرار سياسي وأمني مدروس وجد ان المصلحة الاردنية في هذا الظرف التاريخي الحساس تقتضي فتح الابواب امام القوى الشعبية والحزبية كافة للتعبير عن موقفها ضد العدوان ما دام هذا الموقف يلتقي مع الارادة السياسية للدولة التي تقف بوضوح ضد ما يحصل في غزة.

لا شك ان هذا الموقف ينُم عن حكمة وحسن تقدير انعكست آثاره بشكل سريع على المزاج الشعبي الذي يشعر بالارتياح لحالة الانسجام بين الموقفين الرسمي والشعبي والتي اشار الى اهميتها رئيس الوزراء نادر الذهبي في كلمته امام النواب امس الاول.

ويدرك القائمون على هذه السياسة ان المعطيات السياسية المتوفرة تشير ان اسرائيل لا تقيم وزنا لمعاهدات السلام وتواصل سياستها العدوانية الرامية الى فرض حلول تصفوية للقضية الفلسطينية على حساب أمن ومصالح دول المنطقة وفي مقدمتها الاردن. لذلك لا بد من توظيف كل ادوات الضغط الرسمي والشعبي لمواجهة هذا المشروع المدمر.

إزاء وضع كهذا لم يُعد مستغربا ان تصدر الحكومة عبر وزارة الداخلية تعليمات الى الحكام الاداريين بتسهيل مهمة الفعاليات الشعبية الراغبة في تنظيم مسيرات واعتصامات في المحافظات كافة.

ان هذه السياسة الحكيمة تعزز الثقة بالدولة وتبني جسور الثقة التي طالما افتقدناها بين الحكومة والرأي العام. والاردن بأمس الحاجة الى جبهة داخلية متماسكة ومتينة لمواجهة التداعيات السياسية في المستقبل.

في الايام الثلاثة الماضية شهدت البلاد عشرات المسيرات والفعاليات الشعبية ولم يقع حادث واحد وتصرف الاردنيون بمسؤولية عالية لانهم يعرفون عدوهم الواحد ولم تسجل الاجهزة الامنية تحطم لوح زجاج واحد لكننا جميعا سجلنا مشاهد رائعة للوحدة الوطنية وللانسجام غير المسبوق بين الدولة والشعب والتي تصلح أساسا للبناء عليها في ميادين اخرى.العرب اليوم



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد