روسيا وتوقيت الانسحاب!!‏

mainThumb

16-03-2016 10:28 AM

هل كان على روسيا أن تبقى تحلق بطائراتها في سماء سوريا العروبة لتمطر أهل ‏حلب وحمص والرقة وغيرها بحمم الموت الفاجعة؟...هل ظن بشار الأسد أن الدب ‏الروسي القادم من صقيع الأرض المتلبس بأحلام المال المتدفق من جهات نجهلها ولا ‏نعلم من دفع لها لتتعاظم فاتورة الدم المسلم والعربي في سوريا..هل ظن أنهم باقون إلى ‏الأبد...لقد رأت روسيا بأم عينها أن الحرب الخاسرة في سوريا بدأت تلوح بوادرها ‏وخصوصاً بعد إعلان التحالف الإسلامي بقيادة السعودية وتركيا بأنهم عازمون على ‏خوض غمار معركة فاصلة في تاريخ الربيع العربي، أخذت إحداثيات  الجاهزية لها ‏تكتمل بوصول الطائرات وفيالق الحق التي شدت حزام الحزم لتكشف سوءة الكفر ‏والعمالة في بلد لطالما كان مهبط الديانات ومنجم الحضارات...‏
لقد راهنت كل من إيران وسوريا على حصان خاسر، فالروس لهم تجارب مريرة مع ‏حروب المسلمين، في التاريخ السابق والمعاصر، فقد خذلوا صدام حسين حليفهم ‏الاستراتيجي في الشرق الأوسط، وتعاملوا مع من جاء بعده، والآن لن تقبل روسيا بأن ‏تكون كبش فداء الربيع العربي الذي تدير أمريكا فصول مسرحه بكل جدارة واقتدار، ‏وتريد أن تقضى على دبها المدلل، في معركة ظن في البداية أنها مجرد نزهة لطيفة ‏يتدرب فيها طياروها وتجرب من خلالها القدرة الفتاكة لصواريخها التي لم يرغب أحد ‏بشرائها إلا إيران وبعض الدول التي  لا زالت تعيش على أمجاد المد الأحمر  ‏المنقرض.‏
 
روسيا أعلنت دخول الحرب بطلب سوري، وتغاضي أمريكي، وترحيب إيراني، لكنها ‏قررت الخروج من الحرب بشكل فردي، والمضحك أن بوتين لم يبلغ الأسد بقراره ‏بصورة دبلوماسية كما هو الحال في هكذا ظروف، بل اكتفى بإعلامه هاتفياً كمن ‏يعتذر عن موعد عشاء ويطلب إلغائه لعدم التفرغ أو الرغبة في اللقاء ذاته...خسر ‏الأسد الرهان على الدب الروسي، حيث رأت موسكو ضخامة الفاتورة التي ستدفعها لو ‏استمرت في التعامل بعقلية الدب، فروسيا قررت الخروج بهذا الشكل المفاجئ تفادياً ‏لقيام منظمات حقوق الإنسان وبعض الأطراف رفع دعاوى قضائية تتهمها بارتكابها ‏جرائم حرب ضد أطفال سوريا ومدنيها...هي نفسها روسيا التي جاءت تحارب الإرهاب ‏المسمى (داعش) فعلت أفظع مما فعلته داعش نفسها، فقد حولت حياة السوريين إلى ‏بركة دماء، ليلهم موت ونهارهم ويلات، وطعامهم جنائز ومناطقهم الآمنة كالمساجد ‏والمدارس والأسواق والمستشفيات هي الأهداف التي قصدتها بدل معسكرات داعش ومن ‏والاها...روسيا تخرج الآن من الحرب خاسرة غير رابحة، لكن خسارتها كبدت السوريين ‏مليارات من الخراب الزائد الذي يتوجب على كل الأطراف الدولية أن تناصبها العداء ‏لأجله...ففي الجولات المكوكية (لكيري ولافروف) شاهدنا  الفرحة ترتسم على محيا كل ‏منهم وكأنهم يقتسمون كعكة عيد ميلاد لطفل مدلل في عائلة ثرية...أمريكا شاركت ‏روسيا في دمارها لسوريا بصمتها وإظهارها أنها لم تعد تملك حلاً أو تسيطر على ‏الأوضاع كما تدعي، بينما الآن تمتدح الخطوة الروسية، وتجعل من روسيا بأنها بطلة ‏الحرب والسلام...بوتين جاء لسوريا وهو يتوعد وخرج منها وهو يتلفت...فهل نستطيع ‏أن نقول: إن الحرب انتهت...؟ أم أنها بداية لمخاض جديد سيخرج له العراب ‏الأمريكي حجر دومينو جديد من أجل أن يكمل الشوط، ....ولكن السؤال ‏المحير...أين العرب من هذه المهزلة المسماة بالربيع العربي؟ هل اكتفوا بمجرد التعليق ‏على خطوات الثنائي المرح (كيري ولافروف)؟ أم أن العرب مجرد شهود على التاريخ ‏سيتفرغون - بعد انتهاء المعركة على الإسلام والأمة العربية - لكتابة مذكراتهم عن ‏جولاتهم ولقاءاتهم ومداخلاتهم في الأمم المتحدة؟ فدائماً يفاجئك العرب بأنهم أبطال ‏المرحلة، وفي الحقيقة فإن الكثير ممن يزعمون ذلك لا يتعدون أن يكونوا مثل: ديك ‏المزبلة...ينفش ريشه ويظن أنه طاووس وفي الحقيقة ما هو إلا ديك نسي نفسه في ‏المزبلة...‏
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد