عقدة الحريم

mainThumb

26-12-2008 12:00 AM

اختلف "شيوخنا"على مدى الايام الخمس الماضية ، حول حق المرأة ، في العمل في محلات بيع الملابس النسائية ، الخارجية ، والداخلية ، وسقطت علينا ، الفتاوى ، بين من يقول بحرمة عمل المرأة في محل لبيع الملابس الداخلية النسائية ، ومن يقول بجواز ذلك شريطة ان لايجاورها ، محلات يديرها رجال.

تذكرني هذه القصة ، بالعقل العربي السفيه ، والفارغ من كل شيء ، والذي ترك كل القضايا الاهم ، وتفرد بالبحث بوضع الملابس النسائية الداخلية ، باعتبارها موضوع الساعة ، وحين تسأل من يرفض عمل المرأة ، في محل لبيع الملابس النسائية الداخلية ، يبرر لك الامر بألف تبرير لكنه ينسى في غمرة هذا انه يسمح بالمقابل ببيع الملابس النسائية الداخلية ، عبر الرجال ، وكأن هذا اخف بلاء ووطأة ، على البائع والمشتري ، وحين تناقش الثاني ، بتبريرات فتواه ، ينسى في غمرة حديثه ، ان الرجال والنساء يختلطون حتى في الطواف حول الكعبة ، ويختلطون في المساجد ، وتداوي الممرضة المريض ، وتحنو عليه ، فلا يقتنع من يقول انه يجوز للمرأة البيع شريطة ان لايجاورها رجل في محل قريب..في ذات المنطقة.

هي نفس العقلية ، التي تسمح باستيراد سائق من الفلبين او اي دولة ليقود سيارة المرأة ، وهي جالسة في الخلف ، في خلوة ، ولاتسمح لذات المرأة بقيادة السيارة ، فتقول ان قيادة المرأة للسيارة ، فتنة وشر ، ولاتقول لك كيف تنطلق مع سائق "مسمسم" ووسيم ، في سيارة وحدهما ، هو امر جائز ، والواضح تماما ، ان هناك مشكلة لدى كثيرين في تحديد الاولويات ، وهناك من يسعى الى طمس اي محاولة للتنوير ، حتى لوكانت من اجل الاسلام ، فكل محاولة للتنوير ، هي مؤامرة ، وكل محاولة لانعاش الاسلام ، هي مصيبة ، وكأن هناك من يريد ان يبقى العقل المسلم ، بهذه الطريقة ، مقيدا بالفتاوى ، وتناقض الفتاوى ، والاهتمام بأولويات ليس هنا محلها ، ومتروكة اساسا ، لمصالح الدين والدنيا معا ، بل لايسمح لك البعض بمناقشة احاديث لايعقل ابدا ان ترد على اللسان الشريف لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

المشكلة ، اننا لانريد ان ننفر الناس من دينهم ، عبر نقد من يطلقون هكذا فتاوى ، ولانريد ان نؤثر بشكل سلبي غير مباشر ، على احترام هؤلاء في عيون الناس ، لان النقد لما يقولون او يفعلون ، قد يؤدي الى انفضاض الناس ، من حول كل كلمة تقال حول الدين ، والمقصد هو التصحيح وليس الانفضاض ، وحين ارى كيف يموت الناس كل يوم في العراق وفلسطين ، وكيف يجوع عشرات ملايين المسلمين ، وكيف تنتشر الامية والامراض والمجاعات ، وكل هذه المشاكل ، ثم ارى جدلا ونقاشا حادا ، فقط ، حول الملابس الداخلية النسائية ومن يبيعها ، اعرف ان بعض هؤلاء سبب من اسباب جهلنا ، وان بعض هؤلاء ، زادونا شقاقا ، فوق الشقاق الذي نحن فيه ، مثلما نسمع فقط تكفير المسيحيين ، ونسمع تكفير الشيعة ، وتقديس كتب الاحاديث ، كذات قدسية القرآن ، ونرى ان كل شيء ينشق عن نفسه ، ويؤدي الى مزيد من التراجع والخراب في منطقتنا ، بعد ان حل الاختلاف في كل مكان ، وحلت توافه الامور ، بدلا من "المهم" في العقل العربي.

لو فتحنا اي موقع للفتاوى لاكتشفنا حجم الاسئلة التي تركز على "الحريم" فهناك عقدة في العالم العربي ، اسمها "الحريم" والعلاقة مع "الحريم" والحديث عن حقوقها وكيفية ضربها ، وانواع الزواج منها ، والاسئلة الجنسية التي لاتعد ولاتحصى ، لدى شعوب منخورة ، في عقلها ، مازالت تسأل اسئلة ، اجاباتها اساسا ليست بحاجة الى مفتْ ، فالفطرة الطبيعية للانسان ، تجيب عليها ، بشكل واضح ومحدد ، واذا كانت المرأة "فتنة شيطانية" بالنسبة لكثير من الذين يفتون ، فالرجل ايضا ، فتنة شيطانية لكثير من النساء ، حتى لانستغرق فقط ، في جلد النساء ، باعتبارهن اساس البلاء ، وقد حاججت شخصا ، مستخدما العقل ، حول النقاب ، وانه ليس مفروضا ، فقال لي ان وجه المرأة قد يكون جميلا وفتنة ، فقلت له ان وجه الرجل قد يكون ايضا فتانا وجميلا ، فهل نطلب من الرجال ، التلثم ، في هذه الحالة ، حتى لايغوي الرجل المرأة ، مع اقراري بالحجاب ، بطبيعة الحال ، دون النقاب الذي يبقى جوازيا ، وليس اجباريا.

الاسلام بحاجة الى "ثورة" تنوير من الداخل ، وبغير ذلك سنبقى اسارى لمعتقدات فرضها علينا اناس ، اجتهدوا ، وساقوا اجتهادهم باعتبارهم ممثلين لما يريده الله في الارض.الدستور



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد