الإعفاء لكل الأردنيين

mainThumb

22-12-2008 12:00 AM

أمس نشرت بعض الصحف والمواقع الإلكترونية تأكيدات من مصادر نيابية ان الحكومة اتخذت قرارا قبل ايام سمحت بموجبه للسادة ممثلي الشعب الأردني الكرام ببيع الإعفاءات الجمركية التي منحتها الحكومة للنواب، بكل كرم قبل اسابيع.
هذا القرار الذي نعلم أنه جاء بعد مطالبات وضغوط نيابية يعني باللغة البسيطة ان الحكومة منحت عمليا لكل نائب مبلغا ماليا ضخما، لكن بشكل غير مباشر او على خطوتين، الاولى بمنحه الاعفاء، ثم بالسماح للنواب ببيع الاعفاء وتحويله الى آلاف الدنانير توضع في جيوبهم.
والحقيقة ان السادة النواب تعبوا وهم يدافعون عن حقوق الاردنيين، وأجبروا الحكومة على اعطائهم زيادة ضخمة على رواتب العاملين والمتقاعدين وصلت الى تسعة دنانير او عشرة لغالبية المستفيدين، ولهذا يستحقون ان يحمل كل منهم الى رصيده آلاف الدنانير من مال الخزينة. وربما علينا أن نتذكر أن النائب الذي يضع ثمن الإعفاء في جيبه سمح لمن اشترى أن يركب سيارة بقيمة الاعفاء، ونشير ايضا ان النائب عندما يبيع الإعفاء يبيعه بأقل من قيمته، وهذا ايضا حرمان للخزينة من بعض مواردها.
الخطأ لم يكن ببيع الاعفاء فقط، بل بمنحه من حيث المبدأ. فالنواب في معظمهم من اصحاب الاموال الذين انفقوا الملايين على حملاتهم الانتخابية. بعضهم لديه اكثر من اعفاء جمركي، إما من عمله السابق في القوات المسلحة او من النواب الذين حصلوا على اعفاء من مجالس سابقة وهم الذين يحق لهم بتميز عن كل الاردنيين الجمع بين راتبين من الخزينة، هما التقاعد وراتب الموقع النيابي.
وهم - النواب- الذين يحصلون على تقاعد بعد خدمة في حدها الاقصى اربع سنوات. وهم، ايضا والاهم، الذين يفترض ان يدافعوا عن حقوق الناس، وان تكون اولوياتهم رفع مستوى حياة الناس، وليس جمع الامتيازات وزيادة الارصدة، وأخذ اموال من الخزينة، ولو على خطوتين مثل بيع الاعفاءات الجمركية.
وحتى لو قبلنا جدلا ان النائب بحاجة الى إعفاء ليركب سيارة فخمة، ولو على حساب الخزينة. فلماذا قاتل النواب حتى تسمح لهم الحكومة بالبيع، ولماذا سمحت الحكومة بهذا؟! ومن المستفيد غير بضع عشرات من النواب بينما جاهدت الحكومة وساعدها النواب في تمرير زيادة شكلية على الرواتب، مع ان المواطن هو من يستحق العون، وليس ممثليهم البرجوازيين.
أخطأت الحكومة كثيرا عندما سلكت هذا الطريق من العطايا للكبار. واخطأ كل طرف في مجلس النواب، ورئاسة المجلس عندما سعوا لدى كل أصحاب القرار للحصول على الامتيازات، لأن الثمن لهذا ليس ماليا فقط، بل مكانة مؤسسة مجلس النواب التي تمثل نظريا حصن المواطن ودرعا من دروع الدولة، لكن مثل هذه الممارسات ندفع ثمنها من صورة المجلس لدى الاردنيين، ومكانته السياسية والشعبية.
إذا كانت الاعفاءات الجمركية لا تكلِّف الحكومة شيئا. فلتمنحها لكل المواطنين فهم بحاجة لها اكثر من ممثليهم الاثرياء، وحتى لو كانت للبيع، فالناس بحاجة الى اي عون. اما ان كانت تكلف الخزينة، فهذا دفع لأموال الدولة إلى من لا يستحقها.
ولعل السادة النواب مطالبون بقرار يصحح الصورة السلبية، ونتمكن ان نجد موقف نيابيا جماعيا يتضامن مع الناس ويرفض الامتيازات المتتابعة، وان نجد كتلة تسعى لإنقاذ المجلس من الأذى السياسي الذي يصيبه نتيجة هذه القرارات، ويعيد هذه الاموال الى الخزينة التي تشكو العجز وتسعى لجلب المعونات.الغد



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد