نحو مشروع وطني يرفض الوطن البديل

mainThumb

18-12-2008 12:00 AM

كل الشعب الأردني يرفض مقولة الوطن البديل رفضاً قاطعاً، لا يقبل الجدل ولا يداخله الشك أو الريبة ولا التردد، هذا ما أكدّه الرسميون وأصحاب القرار بكل صراحة وتأكيد ووضوح، وهذا ما أكدته القوى السياسية بجميع أطيافها مراراً وتكراراً، كما أنّ كل من ينتمي لهذا الوطن يرفض بفطرته هذا الشعار الصهيوني فضلاً عما يتمتع به من حسٍ وطنيٍ عالٍ، وما يتمتع به من حس نضالي حقيقي.

وإذا ما أنعمنا النظر فيما يجري الآن من مفاوضات وحوارات في السر والعلن، وفي اللقاءات والتصريحات والتقارير المعدة، والدراسات المقدمة من أجل تصفية القضية الفلسطينية، تشير دراسة جدية إلى موضوع توطين اللاجئين توطيناً أبدياّ ومكتملاً خارج فلسطين، ولعلّ (الأردن) هي المرشح الرئيسي لاستيعاب الأغلبية المهجرة من أراضيها وديارها، اعتماداً على جملة أسباب وعوامل يعرفها المتابع السياسي، ولا حاجة للخوض فيها.

هذا يحتم علينا جميعاً الانخراط في مشروع سياسي وبرنامج عملي واضح يلبي هذه الرغبة الإجماعية، ويعالج أكبر خطر يهدد الأردن كياناً ومستقبلاً وشعباً، ويلبي رغبة الصهاينة الذين سوّغوا للعالم مقولة فلسطين أرض بلا شعب من أجل توطيد دعائم كيانهم السرطاني وتأمين الحماية الدولية لنماء هذا المشروع وقوته وتمدده سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وجغرافياً، تأتي الآن مقولة أخرى أن الأردن أرض بلا شعب من أجل تسويغ عمليات التهجير والطرد والتوطين والتحايل على حق العودة بكل الوسائل والسبل الخادعة ـ التي تنطلي على السُذّج ـ الخالية من الحس الوطني والنضالي.

إنّ وزارة التنمية السياسية التي لم تجد لها حتى الآن مهمة واضحة، يمكن أن تجعل من هذا العنوان، مشروعاً وطنياً أردنياً عاماً، تشترك فيه كل الفعاليات الرسمية والشعبية، وكل القوى السياسية من الموالاة والمعارضة، من أجل بلورة برنامج عملي واضح المعالم والخطوات، وله أجندة زمنية، تترجم من خلالها كل الشعارات والبيانات السياسية والقرارات الحزبية والحكومية إلى واقع عملي، ومضمون تطبيقي، له آثار جلية وواضحة على الحياة السياسية الأردنية بكل تفاصيلها، ويتم الاتفاق على موجهات ومبادئ تحكم سير البرامج السياسية وتلقي الضوء على كثير من الجزئيات الغائمة والضبابية التي تتسرب من خلالها أفكار سوداوية وأعمال متناقضة لا تنسجم أبداً مع مقولة (رفض الوطن البديل).

رفض الوطن البديل يمثل شعاراً نضاليّاً وطنياً حقيقياً لجميع مكونات الشعب الأردني بكل تأكيد، لأن هذا الوطن مهدد من الكيان الصهيوني تهديداً حقيقياً، لا يقبل الشك أو المراوغة، تماماً كما تمّ مع أرض فلسطين، وإن اختلف الأسلوب واختلفت طريقة التهديد وإجراءات المصادرة، ومن هنا فنحن جميعاً في مواجهة احتلال أجنبي عقائدي ثقافي، ينظر بعدائية عميقة لكل العالم الإسلامي بلا استثناء من الأردن حتى إيران وباكستان وأندونيسيا، ونحن جميعاً في خندق واحد في هذه المواجهة التاريخية الحضارية الطويلة الأمد، ونحن جميعاً أيضاً في إستراتيجية بناء الأردن القويّ الآمن المزدهر الديمقراطي الحرّ الذي يستمد قوته من جذوره الثقافية والحضارية وامتداده العربي الإسلامي الواسع العميق.

الأردن يمثل بوابة العالم العربي والإسلامي، وهذه البوابة يجب أن تبقى حصينة ومنيعة، تحظى بدعم كل العرب وكل المسلمين، ويجب أن تحظى بأولوية حقيقية لدى كل أصحاب العقول والنظر البعيد من كل صاحب قرار، ومن كل صاحب مسؤولية صغرت أو كبرت على امتداد العالم العربي والإسلامي، كما ينبغي أن تحظى هذه النظرة بالشرح والتوضيح والبسط لدى الأجيال وروّاد المستقبل، مما يحتم على المثقفين وأهل الأدب، وأصحاب المناهج أن يسهموا إسهاماً مضاعفاً واستثنائياً في تبيان أهمية هذا الوطن، لدى أبنائه أولاً، ولدى أبناء العروبة والإسلام ثانياً.

إنّ الأحداث تتسارع، وإنّ الوقت حاسم، مما يجعل التباطؤ في العلاج مقتلاً وكارثة، تضاف إلى كوارث العرب والمسلمين الكثيرة، نتيجة الانشغال في عوارض الأمر دون الالتفات إلى جوهر الخطر ومكمنه.

الراي


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد