ملامح التعديل الوزاري

mainThumb

22-12-2008 12:00 AM

صار معروفا ان رئيس الوزراء نادر الذهبي يعد العدة لاجراء اول تعديل وزاري على حكومته وان كان ذلك لم يتوافق مع اعلان رسمي من طرفه.

الذهبي وبعد ان حصل على الضوء الاخضر من جلالة الملك شرع منذ اسبوعين في دراسة خياراته سواء لجهة الخارجين من فريقه او الداخلين, ويرجح المقربون من رئيس الوزراء ان يجرى التعديل في غضون الاسبوعين المقبلين. فلاعتبارات فنية بحت لم يتم لغاية الان تحديد موعد محدد لاجراء التعديل.

جملة من المعطيات والظروف جعلت من التعديل الوزاري أمرا لا مفر منه. فبعد اكثر من عام على تشكيل الحكومة صار بوسع رئيس الوزراء تقييم اداء وزرائه بشكل موضوعي بعيدا عن المصالح الشخصية وتصفية الحسابات كما يزعم البعض رغم ان الذهبي لا يظهر حتى الان اي تصرف يوحي بأن الوزير الفلاني باق في الحكومة او سيخرج في التعديل وقد وضع هذا السلوك جميع الوزراء في حيرة من امرهم.

اكثر من تحد يواجه الحكومة التي استعادت ولايتها الدستورية كاملة مع بدء عام جديد في مقدمتها تطورات الازمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها المحتملة على الاردن الامر الذي يتطلب وجود فريق اقتصادي متماسك قادر على التنبؤ بالازمات واجتراح الحلول الخلاقة يعمل بروح الفريق الواحد. الفريق الحالي لا يستطيع الاستمرار موحدا ومتناغما, فالخلافات بين اعضائه خرجت للعلن واصبحت تؤثر سلبا على العمل, ولم يعد بوسع الذهبي مداراتها او التغلب عليها. ولهذا فان التعديل المرتقب سيطال وزراء اساسيين في الفريق الاقتصادي واخرين في وزارات خدمية يرتبط عملهم بالدور الاجتماعي والتنموي الذي تضطلع به الدولة وعلى صلة مباشرة بالاقتصاد.

التحدي الثاني يتعلق بالاصلاح السياسي والخطوات المطلوبة والممكنة في هذا الميدان, فالحكومة تدرك الان ان تأجيل هذا الاستحقاق لم يعد ممكنا وهناك حاجة ماسة للتفكير بمشروع وطني توافقي يساهم في تحسين بيئة العمل السياسي والحزبي ويستدعي هذا التوجه وجود وزير تنمية سياسية قادر على التوفيق بين متطلبات الاصلاح السياسي ومحاذيره ويحظى بالدعم اللازم من اطراف صناعة القرار.

كما يتطلب الوضع الداخلي وفق مصادر مطلعة اجراء تغيير على حقيبة سيادية معنية بالشأن الداخلي استجابة لجملة متغيرات مقبلة تتجاوز ملف الاصلاح السياسي الى عناوين اخرى تتصل بارساء قواعد جديدة في العلاقة مع المواطن على المستويات كافة.

وترشح اوساط ان يشمل التعديل وزارات مثل الصحة والسياحة والتعليم العالي اضافة الى الشؤون البرلمانية.

التطورات الاقليمية والحاجة الى مقاربة سياسية اردنية جديدة على ضوء التغييرات المحتملة في اسرائيل وفوز اليمين المتوقع في الانتخابات وتسلم الادارة الامريكية الجديدة مهامها, عوامل مجتمعة تجعل من التغيير في »الخارجية« هدفا رئيسيا للتعديل. ولغاية الآن يملك وزير في الحكومة الفرصة الاقوى لتسلم الحقيبة. فيما يرى مراقبون ان المرحلة المقبلة بما تحمل من تحديات تستدعي وجود وزير يتمتع بخبرة في السياسة الخارجية وبعلاقات دولية واسعة ليتمكن من مجاراة ديناميكية الملك عبدالله الثاني في هذا الميدان الشائك.

ثمة وزارات عديدة لم يحسم امرها بعد وما زال مصيرها مرهونا بعوامل مختلفة لعل من اهمها توفير البدائل المناسبة وبما يحقق التوازنات المعهودة في تشكيل الحكومات.

في كل الحالات فان التعديل سيشمل عشر وزارات تقريبا ومناقلات ستطال وزيرين او ثلاثة. ويستبعد مطلعون ان يتم استحداث منصب نائب للرئيس كما تردد مؤخرا.

بيد ان التعديل الوزاري يظل سلاحا ذا حدين بالنسبة للحكومة. فقد شهدنا في السابق تعديلات اضعفت الحكومة بدل ان تقويها واخرى اربكت الاداء العام للحكومة وحدت من شعبيتها فكيف الحالة بالنسبة لحكومة الذهبي الذي يتمتع بشعبية غير مسبوقة. لا شك ان هذه الثقة تلقي عبئا اضافيا على رئيس الوزراء وهو ينتقي وزراءه الجدد فانصارالحكومة وخصومها يقفون على اهبة الاستعداد لتقييم خياراته.

ويرى كثيرون ان ما يمكن وصفه باعادة التشكيل الحكومي سيؤثر على الخط البياني لشعبية الحكومة صعودا او نزولا.

لجعل التعديل الوزاري مبررا ومنطقيا يحتاج الذهبي الى وزراء يضيفون الى حكومته خبرات وكفاءات جديدة تمنحها قوة الدفع الشعبي اللازمة للمرحلة المقبلة لا ان تسحب من رصيدها او تعتمد على شعبية الرئيس بل تضيف اليها.

وسط هذه الاعتبارات الحساسة يجد الرئيس نفسه مضطرا للتأني في بحث خياراته قبل حسم القائمة النهائية. وفي غياب الحواضن الحزبية والسياسية والبرلمانية للحكومات في الاردن تتقلص الخيارات المتاحة في دائرة النخب السياسية وقيادات الصف الثاني في مؤسسات الدولة الامر الذي يصعب من مهمة رئيس الوزراء في الاختيار, فالنخب هي في الاغلب »شلل« سياسية لا يمكن ارضاؤها كلها, اما الكفاءات المتوفرة في المؤسسات فان نقلها الى مواقع وزارية ربما يشكل خسارة للمؤسسات التي تديرها يصعب تعويضها احيانا.

في المحصلة سيحسم رئيس الوزراء خياراته ولا يستطيع ترك الوزراء معلقين في اجواء التعديل لان اطالة أمد المشاورات يؤثر بشكل سلبي على اداء الحكومة.0
العرب اليوم


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد