مدينة لندن وانتخاب عمدة مسلم

mainThumb

09-05-2016 10:37 PM

انتخاب صادق خان، الباكستاني الأصل وابن سائق الباص الباكستاني وأمه الخياطة، الذي أصبح ‏أحد أعضاء حزب العمال البريطاني وعين في عام 2008 وزيرا للنقل والمواصلات في بريطانيا، ‏عمدة للندن عاصمة الامبراطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس يوما ما والمليء تاريخها ‏بالكثير من الأحداث، ينطوي على الكثير من العبر في ظل اعتزاز الإنجليز الأصليين بهويتهم ‏القومية.‏
 
‏ في فوز صادق خان تبرز أهمية لا تضاهيها أهمية، ففوزه جاء لأنه بريطاني الجنسية فحسب، لا ‏فرق بينه وبين عتاولة الإنجليز، فالأداء والانتماء، والعطاء والكفاءة هي الموازين التي تحكم ‏اختيار الأشخاص للمناصب  العامة في هذه الدولة الأوروبية، وربما لم يلتفت أحد لهويته أو دينه ‏أو قال بباكستانية أصله، لتفوقه على المرشح الآخر، زاك غولدسميث، الذي تشير التقارير بأن لديه ‏سجلا مثيرا للإعجاب في الدفاع عن قضايا البيئة، وينحدر من عائلة فاحشة الثراء ولديها امتدادات ‏يهودية ومسيحية.‏
‎ 
ما يستقرأ من فوز صادق خان برئاسة بلدية لندن أيضا أن الدول الأوروبية عموما، وربما العديد ‏من الدول في العالم، تعمل على تطوير معنى المواطنة وأسسها، فالمواطنة لا تكون بأصل ‏الإنسان، وأبيه وأمه وفقره وغناه والبيئة التي نشأ فيها، وإنما هي ارتكاز لعنصر الكفاءة في ‏الأرض التي يعيش فيها الإنسان، وإلا لما فاز الرئيس الأمريكي باراك أوباما برئاسة أكبر دولة في ‏العالم ولمدتين متتاليتين من الرئاسة.‏
 
فوز صادق خان، يشكل نموذجا حياتيا مميزا تلتغى فيه الأصول والمنابت، وتعطى فيه الفرصة ‏لشغل المنصب العام لصاحب الكفاءة والعطاء والانتماء، وهو ما يشكل بدوره دافعا للكثير ممن ‏يرغبون بالهجرة إلى أوروبا لأن الانتماء للبلد في الواقع يوفر لهم الفرصة للاندماج مع السكان ‏الأصليين، وإثبات الهوية الوطنية بكل ما تحمل من معنى من خلال التقيد بأنظمة البلد والقوانين ‏السارية فيه، والرغبة الجامحة في خدمته.‏
‎ 
‎ 
ما ينطوي عليه فوز صادق خان أيضا بمنصب عمدة لندن أثبت أن المسلمين المستغربين، وأقصد ‏من هاجروا إلى بلاد الغرب، يستطيعون تحقيق إنجازات مميزة وفريدة، رغم ما قد يوضع في ‏طريقهم من معوقات، كما يوجه رسالة خاصة مفادها أنه مهما كان عرقك، وأيا يكن دينك، ‏وطبقتك، فيمكنك أن تصبح أقوى شخصية مؤثرة في البلد الذي يؤويك بإخلاصك وانتمائك ‏وعطائك.‏
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد