من حكايات البيت القديم .. الخوف من الخوف

mainThumb

12-05-2016 10:21 PM

في تراثنا القديم .. علمونا ان نخاف من الضحك وكانت امهاتنا وجداتنا يتعوذن من الشيطان الرجيم حينما تضحك الاسره او يدخل بعض السرور للمنزل كانت عبارة  الله إيجيرنا من هالضحك  هي الختام الحصري لكل ليلة سعيدة تقضيها الاسرة مع بعضها البعض ..

 
علمونا ان نخاف واشبعوا ارواحنا البسيطة بالخوف كان الرفاق جميعهم يخافون من بعضهم البعض وكانوا يتوجسون فيما بينهم الريبة والقلق .. كان للجدران في زمن الغفوة آذان نحسها ولانراها .. كان اي حديث عن سعر الخبز او البصل وحتى الجرير يحتاج لان نخفض اصواتنا  وان نتحول الى لغة الاشارة والايماء ..
 
كان حديث الامهات دائما وابدا يروي للأبناء بعض القصص والاحاديث القصيرة عن شبان إختفوا لانهم تكلموا في السياسه لتزرع بعض الخوف في نفوس ابنائها املا في سلامتهم من كل مكروه .. 
 
ايضا  كان العم شلاش يلتفت يمينا ويسارا قبل ان يقترب من اذن خلف ذاك الشاب المتحمس الذي يطالب دائما وابدا على الملأ بحقوق الناس دون ان يخاف ثم يهمس باذنه مؤيدا له على اعتبار انه على حق وحينما يجلس العم شلاش ذاته في المجالس العامه يشبع خلف اللوم والعتاب ويكيل له النقد واحيانا الذم محاولا ان يتملق ذاك الوجه القابع للأبد للحصول على مقعد او ابتسامه او مديح او حتى بدون مقابل .. 
 
وبالفعل إختفى خلف .. ربما رحل او سافر او حتى مات او او الخ المهم انه اختفى هذا الشاب وعزز الصورة التي كان يروجها الاهل لابنائهم عن إختفاء كل من يتكلم  ..
سنين طويلة مضت كان الخوف جزء لايتجزء من وجدان المواطن المتخاذل الذي كان الصمت هو رد فعله الوحيد تجاه كل شيء والذي يعتبر صمته بعرف ومقياس صاحب القرار منتهى الوطنية والرضى والإنتماء  ..
 
سنين طويلة مضت كان الناس فيها تخاف من الخوف نفسه وتصنع الكثير من الحكايات والاحداث والاحلام الكابوسية التي ربما ان كثير منها كان من نسج الخيال .. 
 
سنين طويله مضت  فقدنا فيها شخصيتنا وكرامتنا وتنازلنا فيها عن حقوقنا وانسانيتنا فاصبحنا جمادات تسير على قدمين تمضي على مبدأ القطيع والهجيع بمرياعية مميزه .. سنين طويله مضت إختفت فيها جدتي وامي والجدار وشلاش وحتى خلف الذي ربما انه كان قد مات او رحل او حتى كما قالت جدتي انه ذهب خلف الشمس .. سنين طويله مضت اضعنا فيها كل شيء وعبدنا الخوف الذي صنعناه نحن بايدينا  على شكل آلهة كما فعل اجدادنا في الجاهلية حينما صنعوا الاصنام وعبدوها   ...
 
رحل الجميع وحتى الوطن وبقي ذاك الوجه الذي كانت كل الحكايات والكوابيس وآذان الجدران تصنع في المجالس لخدمته وضمان بقاءه تلك الحكايات التي كان يتم إجترارها مرار وتكرارا في البيوت الطينية القديمة التي كان يتحلق فيها الابناء حول الجدات بعيون خائفة مرتعبه حيث يتصورون من خلالها اشد اصناف العذاب إيلاما وتنكيلا عقابا لكل من تسول له نفسه بأن يطالب بحق ما .. او ان يبحث عن انسانيه  مذبوحة على قارعة الخوف  .. 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد