الشباب ما بين التطرف والمخدرات

mainThumb

21-06-2016 03:57 PM

يقول نزار قباني: إني خيرتك فاختاري ما بين الجنة والناري...وهذا هو حال شبابنا هذه الأيام، فإن راموا التدين والالتزام لم يجدوا القدوة التي يستطيعون أن يسيروا وراءها ويحملوا أفكارها ويتمثلوا بتصرفاتها لينطلقوا منها إلى الإيجابية في القول والإنتاج في العمل...القدوة التي محصتها التجارب وغربلتها الأيام وجاءت عبر القنوات الرسمية للعلم في المدارس والجامعات الرسمية لا في الزوايا أو الحلقات التي نعرف من أصحابها وننكر...القدوة التي أطرت قواعدها وأسست لنظرياتها عبر بحوث علمية وأطاريح بحثية ناقشت بها ونوقشت في دور العلم من الجامعات وعبر المحافل كالمؤتمرات والندوات، ثم نشرت نتائج بحوثها في أعرق المجلات وأشهرها في الغرب والشرق...القدوة التي لو خرجت إلى الشارع لجمعت المئات بل الآلف ليقفوا صفاً واحداً في محراب الوطن لرد الصائل والذود عن الحياض بدون أن ينتظروا نيشاناً أو إعفاءً جمركيا أو ترفيعاً ميدانياً...ثم نجد هذه القدوة وبدون سابق إنذار ولمجرد تطبيق عملي واحد لحق التعبير عن الرأي المكفولة بمواد الدستور الأردني، نجدها خلف القضبان، فتستحيل من قدوة أسوة يحتذى بها إلى مجرد مطلوب على القائمة السوداء التي يحذر الناس من الكلام أو التعامل أو الاعتراف بها سابقاً أو لاحقاً...فماذا يفعل أولئك المتعطشين للمعرفة الدينية المنبثقة من معين الوحي الصحيح لا التفسيرات الباطنية أو الداعشية،...هل سينتظرون خروج قدوة جديد من  أجل أن يلتفوا حوله ويرتووا من معينه...!!؟؟؟ أم سيختارون الأشد عوداً –  من وجهة نظرهم – والأكثر حزماً ..ولن يجدوا مثل هذا المثال إلا في مناطق لا هي جامعات ولا مدارس ولا مؤتمرات...إنها حتماً زوايا بعيدة عن الأنظار لا تعترف بالكتب الحديثة ولا بالدعاة ولا بمفهوم الوسطية...حيث يدرسون كل ما نقص في فكر غيرهم ولا يرون أي كمال أو فسحة لخلاف في الرأي أو تكامل بين العقول والأفكار...وببرهة قصيرة تجده يخرج للعلن يكفر المجتمعات أو يضلل الأنظمة ويفسق الشعوب...وحينها ستخرج الأجهزة الأمنية تطارده أو تطلبه بكافة الوسائل والسبل...حينها يتحول من مواطن كان يمكن أن  يكون لبنة في بناء الوطن ليتحول إلى معول هدم وسبب ذعر أينما شوهد أو حطت به الرحال...أما الطريق الذي لا يقل خطراً عن الأول...طريق المخدرات... التي تحاربها  الدساتير وتجرم عليها القوانين ونجدها تنتشر انتشار النار بالهشيم...لماذا؟ لا ندري...فهل هناك تجارة خفية ترتبط بخيط رقيق ما بين التطرف والمخدرات لصالح جهة ما...تنفذ أجندتها بعيداً عن أعين رجال الدولة والقانون من خلال الإيقاع برجال الدعوة  والقدوات من أبناء الأردن، وذلك بإقناع ذوي الاختصاص بأنهم متطرفون بالفكر على الرغم من وسطيتهم، ثم زجهم في السجون..لتكون النتيجة انحراف الشباب نحو التطرف...أو أن هناك من يسهلون تجارة الموت بزراعة وتهريب المخدرات والحشيش التي أصبحت أشهر من دخان المالبورو بين الشباب...فإذا كان من أحد يريد أن يرفد سوق التطرف والمخدرات بكوادر ودماء جديدة في كل حين من خلال توسيع رقعة الزيت ببذر بذور الخلاف بين الدعاة والمؤسسات الأمنية ليصبح الدعاة هم مشاهير الأعداد الصحفية التي تتصدر أخبار اعتقالاتهم مواقع الانترنت وصفحات التواصل الاجتماعي حتى يتجذر في الذهنية الأردنية عند الجيل الصاعد أن الوسطية لا سوق لها، وأن التعبير عن الرأي لا جدوى منه وأن الدولة قد رجعت عن مسارها الديمقراطي واختطت لنفسها استراتيجية أمنية صارمة تجاه الوسطيين...فإما التطرف...وإما المخدرات...وكلاهما موت محقق لأمة لم تعرف غير الوسطية ثقافة والعيش المشترك الآمن كعقد أمان بين مواطنيها من شتى المنابت والأصول....هو ناقوس خطر يجب على العقلاء أن يتبادلوا فيه النصيحة لأن سفينة الأردن تقلنا جميعناً وخصوصاً نحن الذين لا نملك إلا جنسية هذا الوطن ولم نعرف غيرها طلية قرون...جنسية امتزجت ما بين الدم والتراب والحرمان والذكريات ...جنسية التخلي عنها الموت أسهل منه...فهو الوطن و البلد والتاريخ...هو الطفولة والشباب..الحاضر والمستقبل لنا وللأجيال من بعدنا ...
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد